فلسطين أون لاين

لماذا "تصرخ" الدلافين تحت الماء؟

...

يتفق جميع الخبراء في دراسة الدلافين على حقيقة أنّها كائنات اجتماعية، يعيش بعضها مع بعض في تجمّعات تسمّى عمليًا "المدارس"، إذ تشترك في وظائف الحماية من الأعداء، وتربية الصغار، واصطياد الفرائس، وحتّى اللعب.

ومن أجل القيام بهذه المهام، لا بدّ من طريقة للتواصل، وتتواصل الدلافين من طريق صفارات صوتية تستخدم لتمرير رسائل وتحديد المواقع من طريق الصدى.

هذا التواصل يبدو واضحاً في أثناء الصيد والتزاوج، وهو ضروري لأجل بقاء هذه الكائنات على قيد الحياة. لكن ماذا لو كانت أصوات الدلافين مرتفعة جداً تحت الماء؟ ماذا لو كانت الدلافين "تصرخ"؟ فريق بحثي حاول الإجابة عن هذا السؤال. 

"تصرخ" الدلافين عادة في حال وجود ضوضاء في بيئتها. تزيد الدلافين من سعة وحجم ومدّة الصفارات الصوتية التي تصدرها من أجل التغلب على الضوضاء المحيطة. الصراخ طريقة لتجاوز الضوضاء إذاً. وأحياناً، لا تكون أصواتها عالية بما يكفي من أجل تجاوز الضوضاء. 

هذه الملاحظات أكّدها فريق بحثي بقيادة الباحثة النرويجية بيرنيلي سورينسن، من جامعة بريستول في بريطانيا. ونشرت نتائج الدراسة في مجلة كارنت بيولوجي العلمية الأميركية، في 12 يناير/ كانون الثاني الحالي.

الحفر تحت الماء أو عمليات الشحن التي تتولاها السفن، وكلها أفعال بشرية، تسبّب الكثير من الضوضاء. هذا يعني أنّ الحيوانات لم تعد قادرة على التواصل بشكل طبيعي في ما بينها.

وبسبب وجود ضوضاء صوتية عالية تحت الماء، ولأنّ أصوات الدلافين لا تتمكن من تجاوزها، تتعثّر هذه الدلافين في تنسيق سلوكياتها الاجتماعية المعقّدة، إذ تواجه مثلاً صعوبات في توجيه نفسها، وفي العثور على الطعام، وبالكاد تتمكن من التعرّف إلى أقرانها.

على المدى الطويل، يمكن أن يؤدّي هذا الأمر إلى تغيّرات سلوكية خطيرة، وإلحاق أضرار كبيرة بمجتمع الدلافين، الأمر الذي يزيد من خطر الموت.

ولتعويض هذا التلوث الصوتي المتزايد، تقوم الدلافين إمّا برفع نبرة إشاراتها الصوتية، لتجعلها أشدّ وأعلى وأطول في كثير من الأحيان، أو ببساطة تغادر إلى مناطق أكثر هدوءًا وأقل اضطراباً من الناحية الصوتية. الفريق البحثي حقّق في كيفية تفاعل الدلافين مع الضوضاء المتزايدة، وذلك من طريق تحليل المهام التي تتطلب تواصلاً مشتركاً في ما بينها.

وضع الباحثون دلافينَين في بحيرة، وبالضبط على طرفيها، يبعد مسافة كبيرة أحدهما عن الآخر. من دون ضوضاء، أثبتا أنّهما قادران فعلاً على حلّ المهام المشتركة وإنجاز التواصل الدقيق. التحدي الجديد هو إكمال إنجاز المهام بوجود ضوضاء عالية في البحيرة، تكون مختلفة عن الضجة العادية الموجودة في البحيرة بشكل طبيعي.

النتائج جاءت صادمة. في الضوضاء العادية، حيث كانت نسبة التواصل الناجح من أجل تحقيق المهام تقريباً 85%. وفي حال الضوضاء البشرية المصطنعة في البحيرة، انخفض نجاحها إلى 62.5%. كان على الحيوانات أن "تصرخ" حرفياً تحت الماء لتحقيق الانتظام المطلوب.

إضافة إلى ذلك، ومع زيادة الضوضاء، غيّرت الدلافين من لغة أجسادها، إذ صار يقترب بعضها من بعض أكثر من أجل التغلّب على المسافة وتعزيز القدرة على فهم إشارات الشريك بشكل أفضل.

وقالت المؤلفة الرئيسية في الدراسة بيرنيلي سورينسن: "تظهر دراستنا أنّ تواصل الدلافين صار ضعيفاً تحت الماء بسبب الضوضاء، وذلك على الرغم من محاولاتها المختلفة للتعويض".

المصدر / فلسطين أون لاين