فلسطين أون لاين

منذ أكثر من 4 عقود

تقرير أنيس دولة.. فدائيًّا فأسيرًا ثم شهيدًا مجهول المصير!

...
أنيس دولة.. فدائيًّا فأسيرًا ثم شهيدًا مجهول المصير!
قلقيلية-غزة/ مريم الشوبكي:

في 31 أغسطس/ آب كل عام، ينكأ الزمن جرح عائلة دولة، ففي هذا اليوم أعلن الاحتلال استشهاد ابنها أنيس بعد إغمائه داخل سجن عسقلان، وحتى اليوم لا يعرفون مصيره هل هو في مقبرة الأرقام أم لا!

لم يهدأ بال حسن دولة، فمنذ لحظة إعلان استشهاد شقيقه في عام 1980 لم تتوقف مطالباته باسترداد جثمان أخيه، إذ رفع قضيته إلى محكمة الاحتلال العليا، ولم ترد أي أخبار عنه حتى الآن، إذ تدعي سلطات الاحتلال أن الجثمان مفقود ولا يوجد له رقم.

مصير أنيس

منذ أكثر من أربعة عقود تدور علامات استفهام كثيرة في خلد الحاج حسن (73 عامًا) حول مصير أنيس، وما حدث معه في اللحظات الأخيرة، أين ذهب الاحتلال بجثمانه؟ هل سرقت أعضاؤه؟ هل ارتكبت جريمة بحقه؟ هل أعطوا جثمانه لمركز طبي، ولا سيما أن الاحتلال في تلك المدة كان يسلم جثامين الشهداء لذويهم؟

تعود أصول العائلة إلى مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية حيث ولد "أنيس" عام 1944م، هاجر مع عائلته إلى الأردن بعد احتلال الضفة الغربية، وانضم للعمل جنديَّ احتياط في الجيش الأردني، وبعد انتهاء عمله عاد إلى الضفة وانخرط في مجموعة للكفاح المسلح مشاركًا في عمليات ضد الاحتلال. وفي أثناء قيادته إحدى الدوريات واشتباكه مع جنود الاحتلال بنابلس جرح واعتقل في 4 نوفمبر 1968.

يقول حسن لـ"فلسطين": "قضى أخي 12 عامًا في السجن إذ تعرض لتعذيب نفسي وجسدي في أثناء التحقيق معه، وحوكم بـأربعة مؤبدات، وشارك في أكثر من إضراب عن الطعام داخل السجون مع الأسرى، ما تسبب له بعدة مشكلات صحية خاصة بعد إضراب سجن نفحة الشهير".

يتابع: "فوجئنا في آخر يوم في الإضراب في أثناء موعد زيارة والدتي له في سجنه، بإعلان استشهاده بعد سقوطه نتيجة الإغماء، في حينه رفضوا السماح لوالدتي بإلقاء نظرة الوداع عليه".

البحث متوارث

ويلفت حسن إلى أن عائلته تابعت التقصي عن اللحظات الأخيرة في حياة أنيس، إذ أفاد عدد من الأسرى الذين رافقوه في سجنه بأنه سقط مغشيًّا عليه في ساحة سجن عسقلان، ثم نقله أسرى آخرون -بينهم الأسير المفرج عنه خالد الزبدة- إلى عيادة السجن، وكان على قيد الحياة".

ويشير إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 1982م، أي بعد عامين من إعلان وفاة "أنيس"، أخبرت العائلة بأن جثمان أنيس شُرِّح، ومنذ ذلك الحين لم تصدر أي معلومة عن الاحتلال بشأن مصيره.

ووفق حسن، فإن أنيس هو من أقدم الأسرى الشهداء في سجون الاحتلال التي ارتقى فيها نتيجة سياسة الإهمال الطبي 74 أسيرًا منذ عام 1967.

وباستشهاد الأسير ناصر أبو حميد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (233) شهيدًا، منذ عام 1967، إضافة إلى مئات من الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها من السجون.

ووفق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن ملف الشهيد أنيس دولة أغلقته محكمة الاحتلال العليا عام 2011 بزعم استنفاد كل الوسائل لإيجاد الجثمان، وأصبح من الجثامين التي لا تعترف سلطات الاحتلال بوجودها.

وبعد إعلان استشهاد أنيس لم يتحمل والده وجع الخبر فأصيب بجلطة وتوفي، أما والدته فلم تنفك عن تحميل أبنائها الأمانة في الاستمرار بالبحث عن أنيس، وتفعيل قضيته على كل الأصعدة.

كانت والدته تتمنى احتضان جثمان ابنها، وتشييع جثمانه وفق الشريعة الإسلامية، وزراعة ورد على قبره، ولكنها توفيت قبل أن يشفى غليلها، ويطمئن بالها حول مصيره، كما توفي خمس إخوة له بعضهم شهداء، وما يزال حسن يحمل لواء البحث عن مصير أنيس.

يؤكد حسن أنه دائمًا ما يردد سيرة شقيقه في طفولته حتى فقدانه، حتى حفظها أبناؤه وأبناء أنجاله الذين يحمل بعضهم اسم أنيس، وأحفاده من بعده أيضًا، الذين يوصيهم بحمل الأمانة وتذكير العالم بقضية عمهم وكيف ضحى بنفسه من أجل حرية وطنه، واستمرار البحث عنه حتى بعد مماته.

ويحرص حسن على إحياء ذكرى استشهاد شقيقه من خلال هيئة الأسرى، ونادي الأسير في قلقيلية، ولتبقى ذكراه مستمرة شُيِّد ميدان في المحافظة يحمل اسمه أنيس دولة.

وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثامين 117 شهيدا في الثلاجات، بينهم 12 طفلا، وسيدة، و11 أسيرا آخرهم الشهيد ناصر أبو حميد، كما تحتجز 256 جثمانا فيما يسمى "مقابر الأرقام"، إلى جانب 74 مفقودا.