أوصى نحالون وخبراء في مجال الزراعة بتكثيف زراعة أشجار "الكينيا" و"السرو" في مناطق مختلفة من قطاع غزة، خاصة أراضي المحررات والمناطق الحدودية، لسد النقص الحاد في أشجار الحمضيات التي تُعد أفضل مراعي النحل، كما دعوا وزارة الزراعة إلى ضبط رش المبيدات التي يرشها المزارعون عشوائيًّا وبكميات كبيرة لتسببها في نفوق أعداد كبيرة من النحل.
وأهاب النحالون بالمؤسسات الأهلية الزراعية إلى مساعدتهم على توفير مختبرات متخصصة لفحص العسل وأمراض النحل، داعين المانحين إلى تعويضهم من الأضرار التي تكبدوها في الحروب السابقة والأضرار الطبيعية، وأشاروا إلى أن التغير المناخي قلص من معدل إنتاج العسل في السنوات الأخيرة.
جاء ذلك في أثناء عقد جمعية الإغاثة الزراعية ملتقى النحالين الأول في فندق المشتل بغزة، أول من أمس، ضمن مشروع "الصمود والنمو الاقتصادي في قطاع الزراعة"، الممول من الاتحاد الأوروبي عبر الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية.
وقالت منسقة الإعلام والمناصرة في الإغاثة الزراعية نهى الشريف: إن "قطاع النحل مهم جدًّا، ولم يسلَّط الضوء عليه منذ وقت طويل، وإنه مع انعدام الأمن الغذائي يجب وضعه على طاولة نقاش المسؤولين في المجال الزراعي".
وبينت الشريف لصحيفة "فلسطين" أن مشكلة النحالين تعود إلى عدم وجود أجسام ناظمة لإدارة زمام أمورهم، وتوصيل أصواتهم إلى أصحاب الواجب من الوزارات المختصة.
وأضافت أن الهدف من الملتقى تجميع النحالين تحت سقف واحد، من أجل طرق أبواب المسؤولين وذوي الاختصاص، والبحث في قضاياهم، وتبادل الخبرات، والتعلم من تجارب الآخرين.
من جانبه أفاد مدير دائرة الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة عايش الشنطي، بأن إنتاج العسل في قطاع غزة يقدر بـ200 طن سنويًّا.
وأضاف الشنطي لصحيفة "فلسطين" أن نحو 20 ألف خلية نحلة موزعةٌ على امتداد محافظات القطاع، ويعمل في تربية النحل أكثر من 400 مربٍّ ومربية.
ونبه مدير دائرة الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة على أن تغيرات المناخ ألقت بثقلها على تربية النحل في قطاع غزة، فنشأت أمراض عديدة، أبرزها "الفاروا" الذي يصيب النحلة بوهن فيضعف إنتاج العسل، في حين أن الحرارة المرتفعة تسببت في نفوق أعداد كبيرة من النحل.
وبين الشنطي أن وزارة الزراعة شكلت أخيرًا لجنة تضم خبراء للإشراف على المسموح والممنوع في تربية النحل، مشيرًا إلى أن دخول عدد من الدخلاء على المهنة لتحقيق أرباح سريعة زعزع ثقة المستهلك بالإنتاج المحلي.
من جهته تطرق مسؤول البرنامج الزراعي في الصليب الأحمر أسامة المخللاتي إلى تدخلات الصليب لمساعدة المزارعين ومربي النحل خاصة في المناطق الحدودية.
وبين المخللاتي أن الصليب الأحمر يجري تجربة على إمداد المزارعين بخلايا نحل تقدم لهم خدمتين في آن واحد: "إنتاج العسل"، و"التلقيح لزيادة معدل إنتاج الخضراوات"، مشيرًا إلى أن (70%) من إنتاج النبات يعتمد على النحل.
ولفت المخللاتي إلى عدة مشكلات تواجه تربية النحل في قطاع غزة، منها: تغير المناخ، ونقص المراعي، وتسميم النحل بالمبيدات، والأمراض، ونقص الماء العذب، ونقص المهارة الكافية لدى المربين.
وأشار المخللاتي إلى أن معدل إنتاج الخلية من العسل تقلص عن السنوات السابقة بسبب العوامل آنفة الذكر، إذ أضحى إنتاج الخلية الواحدة من العسل يتراوح اليوم 12-15 كيلوغرامًا، بيد أنه كان في السابق 40 كيلوغرامًا في الخلية.
بدوره بين وليد أبو دقة من اللجنة المؤسسة أن النحالين يسعون إلى تشكيل أول جمعية تعاونية لهم في قطاع غزة، وأنهم وصلوا إلى المراحل النهائية للحصول على ترخيص لبدء العمل.
وذكر أبو دقة لصحيفة "فلسطين" أن الجمعية تضع على أجندة أهدافها جمع النحالين تحت مظلة واحدة، وتوفير قاعدة بيانات عنهم، وإحصاء الأضرار، والعمل على الحصول على تعويضات، وتمكين النحالين من المشاركة في المعارض المحلية والدولية.
وأضاف أن الجمعية تسعى إلى الحصول على مختبرات متخصصة لفحص أمراض النحل وعناصر العسل الرئيسة كافة، وتوجيه المزارعين إلى اختيار أوقات رش المبيدات التي لا تضر بالنحل، إلى جانب تثقيف المواطن بمخرجات الخلية، وبأنواع العسل، وكيفية تمييز جودته.
من جانبه دعا النحال خالد عواجا الذي يعمل في المهنة من ثلاثة عقود ونصف العقد وزارة الزراعة إلى تكثيف زراعة أشجار الكينيا، والسدر في المناطق الحدودية والمحررات.
ولفت عواجا الذي يملك 40 خلية في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن نقص المراعي يدفع بالمزارعين إلى استخدام السكر في الخلايا، وهذا يقلص من جودة الإنتاج، ويدفع المستهلك إلى اقتناء العسل المستورد.
من جهته أكد رئيس قسم الإنتاج الحيواني في كلية الزراعة بجامعة الأزهر د. حاتم الشنطي، أهمية الملتقى للبحث في القضايا والتحديات التي تواجه النحالين، لإيصال صوتهم جماعيًّا إلى أصحاب الاختصاص والمسؤولين.
وأكد الشنطي لصحيفة "فلسطين" ضرورة مساعدة النحالين على تسويق إنتاجهم، وإفساح المجال أمام مشاركتهم في المعارض المحلية والدولية.