في أثناء اعتنائه بمزرعته السمكية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وجد المزارع إياد العطار أنه يهدر كمية كبيرة من المياه عند تفريغ الأحواض، وهنا استخدم خبراته في الزراعة فقرر استثمار المياه في ري مزروعاته.
على مدار عشر سنوات أجرى العطار عدة تجارب أفضت إلى تمكنه من إنتاج سماد عضوي سائل من مخلفات الأسماك أو ما يعرف بـ(سماد مستحلب السمك)، خالٍ من المواد الكيميائية أو أي إضافات عضوية، حفاظًا على البيئة وتقليلًا للهدر، والتكلفة المرتفعة للإنتاج الزراعي، وتقليص الاستيراد من الخارج.
المزارع العطار من مؤسسي المزارع السمكية منذ عام 2006م، وأول من أدخل الزراعة الحضرية بنظام الهيدروبونيك، والإكوابونيك إلى قطاع غزة، التي تستخدم السماد العضوي السمكي، ومنذ 26 عامًا يعمل في الزراعات التقليدية والحضرية.
تركيزات تعزز التخصيب
واليوم بعد نجاح تجارب السماد العضوي السائل من مخلفات الأسماك، استطاع أن يوفر اللتر الواحد منه بشيقل للمزارعين.
يبين العطار لـ"فلسطين" أنه أجرى تجارب على نبات الذرة الشره لعنصر النيتروجين، الذي تحتاج إليه جميع النباتات، إذ تمكن من امتصاصه وعملية الإثمار كانت سريعة.
ويوضح أنه تمكن من استخدام السماد السائل على معظم النباتات كالطماطم، والزيتون، وأشجار الحمضيات، والورود، والفراولة، إذ حققت نتائج سريعة في النمو الخضري، والزهري، والثمري، "على الرغم من أن التركيز متذبذب، لأن السمك كائن حي وليس معملًا كيميائيًّا ينتج كميات محددة".
ويشير العطار إلى أن السماد السمكي العضوي السائل يحتوي على تركيزات مرتفعة من العناصر الكبرى والصغرى، وتشمل الآزوت (نيتروجين -نترات -نيتريت -أمونيا) والبوتاسيوم والفسفور والصوديوم والكالسيوم، ويعمل محفزًا فعالًا للنمو.
ويفيد العطار بأن السماد السمكي السائل يحتوي على 12 عنصرًا عضويًّا تنتج عن المخلفات السمكية، غير بقية العناصر الثانوية كزيت السمك وغيرها غير المذابة في المياه.
ويلفت إلى أن السماد السمكي السائل يساعد على زيادة نسبة خصوبة الأرض، إذ إن التجارب قد أكدت أن استخدام السماد العضوي يزيد من خصوبة التربة وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.
ويفيد أنه يساعد على حماية البيئة من الأضرار لكونه مصنعًا من مواد عضوية طبيعية مائة بالمائة، ليس له أي أضرار على البيئة والممرات والقنوات المائية التي تقوم بالري فلا يلوث المياه نهائيًّا.
تسميد دون أضرار
ويوضح العطار أن السماد السمكي السائل يعمل على إمداد التربة بالعناصر المفيدة دون حدوث أي أضرار أو حروق، كما في حالة استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية.
وخاض العطار محاولات مضنية لإقناع المزارعين باستخدام السماد السمكي، وبفائدته للتربة والنبات، ومد بعضهم بنحو 8000 لتر سماد مجانًا حتى لمسوا نتائج جيدة على النباتات والتربة أيضًا.
ويذكر أن قطاع غزة يستورد نحو 65% من السماد العضوي من الخارج، لذا فإن إنتاجه محليًّا سيوفر لهم بديلًا ذا جودة عالية وبسعر أقل، إذ إن الدونم الواحد يكلف 30 شيقلًا من السماد العضوي المحلي، على حين المستورد يكلف الدونم الواحد 70 شيقلًا.
ويلفت العطار إلى أنه ينتج 500 لتر سماد سمكي سائل يوميًّا، من أربعة أحواض سمكية بها 40 ألف سمكة.
ويطمح إلى التوسع في إنتاج السماد السائل العضوي ليصل إلى 2000 طن يغطي احتياجات العديد من مزارعي القطاع.
وعن الفائدة الاقتصادية العائدة على المزارع، يلفت العطار إلى أن المزارع سيوفر الكثير من المال بتقليل المصاريف على شراء الأسمدة والأدوية لعلاج التربة، مشيرًا إلى أن السماد الذي ينتجه يعالج ويريح التربة ويمدها بالعناصر المغذية ولا يلوث المياه الجوفية.
وعن التحديات التي يواجهها، يذكر أن نقص السيولة المالية يمنعه من التوسع في مشروعه وإنتاج كميات كبيرة من السماد السمكي.