يحرم الجدار الإسمنتي الاستيطاني الذي شرع الاحتلال الإسرائيلي في بنائه في منطقة جنين- طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، عشرات المزارعين من الوصول إلى أراضيهم والاستفادة من محاصيلها، ما يُشكّل خطرًا على عائلات تلك المنطقة التي تعتمد على القطاع الزراعي.
اقرأ أيضًا: الاحتلال يلاحق العمال قرب جدار الفصل العنصري غرب جنين
ومنذ أيام بدأت سلطات الاحتلال ببناء جدار إسمنتي يمر في منطقتي عكابة بجنين وقفين في طولكرم، بدلًا من السياج الحديدي الذي أقامته عام 2002، حيث يقضم آلاف الدونمات الزراعية ويحرم مزارعيها من الوصول إليها.
يقول المزارع هاني عمارنة من قرية عكابة: إنّ بناء الجدار الإسمنتي يحرمه من الوصول إلى أرضه الزراعية التي كان يصل إليها سابقًا من خلال تصريح من سلطات الاحتلال، مؤكدًا أنّ 80% من أراضي عائلته الزراعية أصبحت خلف الجدار.
وأشار عمارنة لصحيفة "فلسطين" إلى أنّ أراضيهم الزراعية تُشكّل مصدر دخلهم الوحيد، والآن الاحتلال يحرمهم منه.
هكذا يبدو الحال لدى المزارع توفيق عمارنة، الذي يشتكي من انعكاسات بناء الجدار الإسمنتي على حياة عائلته التي تعتمد بشكل رئيس على الزراعة، موضحًا أنه وإخوانه السبعة يمتلكون نحو 200 دونم زراعي خلف الجدار، وباتوا الآن لا يستطيعون الوصول إليها.
وأكد عمارنة لـ"فلسطين" أنّ الجدار يفاقم معاناتهم التي كانوا يعانون منها أصلًا حتى مع إصدار التصاريح سابقًا، معربًا عن خشيته من انتهاكات حكومة المستوطنين الفاشية العنصرية التي بدأت بتضييق الخناق على الأهالي ومفاقمة معاناتهم، عبر ممارساتها الاستيطانية ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم.
سرقة الأراضي
وأفاد رئيس بلدية قفين وليد صباح بأنّ الجدار الاستيطاني يمر من شمال الضفة إلى جنوبها، حيث يجري تحويله من سياج حديدي إلى إسمنتي، لافتًا إلى أنه استقطع نحو 5000 دونم من أراضي قفين و2000 دونم من عكابة.
وأوضح صباح لـ"فلسطين" أنّ الاحتلال أراد تحويل الجدار من حديدي إلى إسمنتي، بارتفاع يبلغ نحو 8 أمتار، لافتًا إلى أنّ تلك المنطقة تربط الضفة الغربية بمدن الداخل المحتل عام 1948.
وبيَّن أنّ المنطقة خصبة ومليئة بأشجار الزيتون، وتخدم عشرات العائلات الفلسطينية القاطنة فيها، وبالتالي فإنّ الجدار يحرمها منها، منوهًا إلى أنّ الجدار يمتد من قرية سالم بجنين مرورًا بقرية قفين وصولًا إلى طولكرم حيث يبلغ طوله 48 كيلومترًا.
وأوضح أنّ الجدار يحرم المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية خلفه، ويحرم عشرات العمال من العمل في مدن الداخل المحتل، ما يزيد من استيلاء الاحتلال على الأراضي، مشيرًا إلى أنه يحجب رؤية المزارعين لأراضيهم خلفه.
وبحسب قوله، فإنّ الهدف من الجدار تعزيز سرقة الأراضي الفلسطينية، وتعزيز فصل الضفة عن الداخل المحتل، وحرمان المزارع من الوصول إلى أرضه بشكل مطلق، مُطالبًا السلطة والمؤسسات الدولية والحقوقية بالضغط على الاحتلال لوقف بناء الجدار العنصري وإزالته بالكامل، كونه يقتطع أراضٍ زراعية تُشكّل مصدرًا أساسيًّا لحياة أهالي القرى حوله.
اقرأ أيضًا: الاحتلال يطارد عمالًا فلسطينيين بمحاذاة جدار الفصل العنصري
يؤيد ذلك الباحث في شؤون الاستيطان شمالي الضفة الغربية رائد موقدي، بأنّ الهدف من بناء الجدار تكريس واقع الاستيطان في تلك المنطقة وعزل الأراضي عن بعضها البعض، موضحًا أنّ الاحتلال يريد تثبيت أنّ هذه الأراضي الزراعية "مُصادرة بالكامل" ولا يمكن الرجوع لها.
وحذَّر موقدي في حديث لـ"فلسطين" أنّ خطوة الاحتلال الاستيطانية هذه ستترك آثارًا سلبية كبيرة على المزارعين والقطاع الزراعي ككل، لافتًا إلى أنّ حكومة الاحتلال الجديدة المتطرفة تسعى لتضييق الخناق على الفلسطينيين بشتى الوسائل، وتدمير كل المنشآت الزراعية القريبة من الجدار تحديدًا.
وأكد أنّ الحكومة الحالية أكثر تطرفًا ودموية من سابقاتها، متوقعًا إقدامها على المزيد من البناء الاستيطاني وتكريسه في مختلف مدن الضفة الغربية.