فلسطين أون لاين

مطالبة بتفعيل شبكة الأمان العربية

تقرير قرصنة "المقاصة" ضربة جديدة للاقتصاد والموظفون و"الشؤون" الأكثر تأثرًا

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

شكّل قرار حكومة المستوطنين الفاشية العنصرية قرصنة 139 مليون شيقل من أموال المقاصة، ضربة جديدة للاقتصاد الفلسطيني، يُخشى ما بعدها في أن تتحول عملية الاستقطاع لمنهج دائم، بيد أن أكثر الفئات تأثُّرًا هم الموظفون العموميون، ومنتفعو الشؤون الاجتماعية، وفق مراقبيْن اقتصاديَّيْن.

ويدعو المراقبان في حديثين منفصلين مع صحيفة "فلسطين"، السلطة في رام الله إلى التحرك العاجل على المستويات الدولية كافة، لدفع الاحتلال إلى التراجع عن خطوته، بل وإلزامه تغيير بنود اتفاق باريس الذي شوّه الاقتصاد الفلسطيني، وجعله تابعًا للاقتصاد الإسرائيلي، مع تأكيد أهمية تفعيل شبكة الأمان العربية التي أقرتها قمة الكويت عام 2014 وبقيت حبرًا على ورق.

ووقع وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريش، على أمر اقتطاع 139 مليون شيقل من عائدات الضرائب الفلسطينية بذريعة تحويلها لصالح عائلات مستوطنين قُتلوا في عمليات بطولية فلسطينية.

سبق ذلك تصديق ما يسمى اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون الأمن القومي على فرض عقوبات على شعبنا، بزعم الرد على التوجه الفلسطيني إلى محكمة العدل الدولية.

يقول الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: "يُشكل استقطاع الاحتلال من أموال المقاصة تحديًا ماليًّا جديدًا في وقت كان الجميع ينظرون للعام الجديد بداية الانفراجة المالية".

وبيّن اشتية لـ"فلسطين" أن أكثر الفئات تأثُّرًا من ذلك الاستقطاع غير المبرر، هم الموظفون العموميون، ومنتفعو الشؤون الاجتماعية، أيضًا سيمس ذلك ملف التحويلات الطبية والعلاج في الخارج، ومتأخرات القطاع الخاص المتراكمة على السلطة".

وأموال المقاصة إيراداتٌ ضريبيةٌ من الرسوم والجمارك المفروضة على السلع المستوردة إلى فلسطين، من أو عبر دولة الاحتلال، تجبيها طواقم وزارة المالية في دولة الاحتلال شهريًّا، وتحولها إلى وزارة المالية بحكومة رام الله.

وذكر اشتية أن الاحتلال يُمعن في إبقاء الفلسطينيين يعيشون واقعًا اقتصاديًّا وماليًّا متأزمًا حتى يفرض عليهم إملاءات وقرارات سياسية تمس الوجود والثوابت الوطنية.

ومع ذلك رجح الاقتصادي أن تستمر السلطة في صرف رواتب موظفيها بنفس القيمة 80% في الشهرين المقبلين، معتمداً في ترجيحه على ارتفاع الإيراد السنوي الذي تجنيه السلطة خاصة بعد توسيعها الوعاء الضريبي. 

وحسب أرقام صادرة عن وزارة المالية برام الله، سجل إجمالي اقتطاعات دولة الاحتلال من أموال المقاصة خلال العام المنقضي رقمًا قياسيًّا غير مسبوق، بلغ أكثر من 2.55 مليار شيقل. 

هجمة غير مبررة

كما عد الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن الاستقطاع هجمة غير مبررة وتخالف ما نصَّ عليه اتفاق باريس، مبينًا أن الاحتلال كبّل الفلسطينيين في اتفاق باريس ويرفض إجراء تعديل عليه، ما جعل الاقتصاد الفلسطيني هشًّا وتابعًا للاقتصاد الإسرائيلي.

وعبّر عبد الكريم في حديثه لـ"فلسطين" عن خشيته من أن يتحول استقطاع أموال المقاصة إلى نهج في حكومة الاحتلال الجديدة المعروفة بتطرفها، مبينًا أنه ربما يقدم المستوطنون لوائح اتهام جديدة بحق الفلسطينيين، وعليه تصدر قرارات بخصومات جديدة من أموال المقاصة.

و"اتفاق باريس" هو أحد ملاحق اتفاقية غزة-أريحا، ووُقع في 1995، في حين ينص على أن تجمع دولة الاحتلال الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة، ثم تحولها إلى الأخيرة، إضافة إلى أنه يحدد غلافًا جمركيًّا، وكوتة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى. 

ويضر اتفاق باريس بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ لأن (تل أبيب) تتصرف في الأموال التي تجمعها بالشكل الذي تريد، وأن الكوتة المتعلقة بالاستيراد مجحفة، وفق مراقبين.

وبشأن الموقف الدولي إزاء الاستقطاع الجديد، رجح الاختصاصي عبد الكريم أن يكون موقفًا أمريكيًّا ضاغطًا على حكومة الاحتلال، "لأن واشنطن غير معنية بمزيد من تأجيج العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في وقت أنها تصب اهتمامها على الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وتداعيات ذلك على نفوذها الدولي، والتحالفات الإقليمية الجديدة التي قد تؤثر سلبيًّا على مصالحها خاصة في منطقة الشرق الأوسط"، من وجهة نظره.

ونبه عبد الكريم إلى أن الاحتلال أيضًا يسعى للهيمنة على مناطق (ج) تمهيدًا لضمها لدولته المزعومة، وبذلك يحرم الاقتصاد الفلسطيني الكثير، مشيرًا إلى أن تقارير البنك الدولي بيّنت أن الاقتصاد الفلسطيني يخسر نحو 3.4 مليارات دولًار سنويًا من جراء منع الفلسطينيين من الوصول إلى هذه المناطق.