فلسطين أون لاين

تقرير مشروع "ذوق" يغيّر مجرى حياة الفلسطينية "فداء حامد"

...
صاحبة مشروع ذوق فداء حامد
رام الله-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

"منتج بيتي مصنوع لمقاومة الهم مخلوط بأيدٍ لا تتعب مقدم من قلب مليء بالحب والأمل"، بهذه الكلمات تصف وتسوق الفلسطينية فداء حامد منتجات "ذوق" الخاصة بالشوكولاتة، والتي عكفت على إعدادها عندما دهمها المرض العضال، وفي ظروفه نشأ وكبر مشروعها يومًا بعد يوم وبات يلاقى رواجًا لم تتوقعه.

فداء (46 عامًا) أم لثلاث فتيات، لم يسبق لها أن خاضت تجربة العمل من قبل، لكن حدث إصابتها بالسرطان غيّر مجرى حياتها فلم تستسلم للمرض ومراحل العلاج المؤلمة نفسيًّا وجسديًّا.

اكتشفت فداء في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020م إصابتها بمرض سرطان الثدي الأمر الذي شكّل صدمة لها إذ يحتاج التعافي من هذا المرض إلى عدة سنوات، تحمل في طياتها جلسات علاج كيماوي متعبة ومؤلمة، فأرادت طريقة تشغل نفسها عن التفكير بالمرض وتفريغ ما تمر به من ألم في طريق الاستشفاء.

في وسط رحلة علاجها الصعبة، التحقت فداء بدورة تدريبية لصناعة الشوكولاتة. وقد كانت البداية التي وضعتها على طريق مشروع "ذوق" الذي اعتمدت فيه على التمر الفلسطيني المزروع في مدينة أريحا والمتميز بالجودة العالية وغلفته بشوكولاتة خالية من أي مواد غير صحية كالزبدة والزيوت المهدرجة لتكون مناسبة لكل مَنْ يتبع نظاما غذائيًا صحيًا.

تقول: "في بداية إصابتي بالمرض كان الخبر صعبًا جدا، شعرتُ بأن الدنيا توقفت، وأنني اقتربتُ من النهاية، وانتابتني مخاوف على عائلتي وعلى التبعات الصحية لهذا المرض علىّ".

وتستدرك: "لكنني أدركتُ سريعًا أن السرطان رغم أنه مرضٌ فظيع، لكن الشفاء منه ليس مستحيلًا، بل يحتاج إلى إرادة وصبر وتحدٍ، وعدم الاستسلام للأفكار السوداء والوساوس".

التعب والإحباط

وبدعمٍ من زوجها وبناتها الثلاث جنان (28 عامًا)، وأفنان (26 عامًا)، وكندة (18 عامًا) تخطت فداء الكثير من محطات التعب التي وضعتها على عتبة الإحباط مرارًا، غير أن الدعم الأسري الذي تلقته ساندها على الوقوف ورعاية مشروعها في الوقت ذاته.

تقول: "يستغرق العمل مني ساعات وأيامًا طويلة، أفرغ من خلاله كل ما أشعر به من العجز والخوف والألم الذي أمر به بسبب العلاجات من السرطان".

وتتابع: "من يراني حاليًا لا يدرك المعركة التي أخوضها ضد السرطان، إذ خضعتُ لست عمليات جراحية، بجانب العلاج الكيماوي والإشعاعي المرهقين جدًا، لكن الناس جميعًا ترى إنجازي وحبات الشوكولاتة الأنيقة والجميلة المغلفة التي يقبلون على شرائها".

الاسم مرسال

اختار زوج فداء لمشروعها اسم "ذوق" كونه يشمل كل ما تحويه الشوكولاتة التي تصنعها من مذاقٍ وشكلٍ ومكونات، "بدأتُ المشروع في مطبخي الخاص كنتُ أجرب كل يوم صناعة أشكال من الشوكولاتة، وتتذوقها عائلتي فإذا أعجبوا بها أعتمد الوصفة وهكذا...".

وتشير إلى أنها لجأت إلى صناعة الشوكولاتة بشكل غير تقليدي، فبدلًا من غمس حبة التمر بالشوكولاتة وحشوتها بالمكسرات، فإنني أقوم بهرس الحبة ثم تغطيسها بالشوكولاتة المضاف لها مكسرات مطحونة لتصبح مربعة الشكل، "كما أولي اهتمامًا بالغًا لشكل "العبوة" الذي تُقدم فيه حبات الشوكولاتة وأنْ يكون مميزًا".

ثمّ تشجعت فداء على أنْ تقدم منتجاتها لضيوفها من أهل وأصدقاء الذين شجعوها أيضًا على الخروج بمشروعها للنور وتسويق منتجاتها، وهذا ما كان، فأصبحت تسوق منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولاقتْ إقبالًا كبيرًا لم تتوقعه.

شيئًا فشيئًا بدأت فداء تشغل معها بعض النساء من الفئات المهمشة والمحتاجة ماديًّا لتلبية الطلبات الكبيرة للمؤسسات المختلفة، "عندما يكون هناك كمية كبيرة تساعدني قرابة خمس عشرة سيدة، بينما أستعين بواحدة أو اثنتيْن في الأوقات العادية، وأطمح لأنْ يكون لي مشغلي الخاص وأشغل فيه هؤلاء النساء دائمًا".

ريع خيري

وبمناسبة "أكتوبر الوردي" الذي يعد رمزًا لمكافحة السرطان في العالم قررت فداء أن يكون هناك نسبة مساهمة من ريع المشروع لمرضى السرطان دائمًا.

وتلفت إلى أنها بجانب الشوكولاتة تصنع بعض المواد المكملة أيضًا في المنزل، كـزبدة الفستق، "فلدي الآن نوعان من المنتج، الأول يتكون من التمر مع البندق والشوكولاتة البلجيكية بالحليب، والثاني مكون من التمر مع اللوز والشوكولاتة الداكنة، وهي مناسبة حتى لمرضى السكري ومن يتبعون النظام الغذائي الخاص بالرجيم".

وتطمح فداء بأنْ تصبح الشوكولاتة التي تنتجها ماركة عالمية، تصدرها لكل دول العالم.

وتمضي بالقول: "هناك رغبة كبيرة في الخارج بالشراء من هذا المنتج لكن تكاليف شحنها للخارج باهظة جدًا، لكن عندما يكون لدي مشغل خاص حينها سأتمكن من تصدير كميات كبيرة فتصبح تكلفة التصدير أقل".

وتحث فداء جميع النساء المصابات بالسرطان على التحلي بالقوة، وألا يعتبرن المرض نهاية الطريق أو يسمحن له بأنْ يضع حدًا لطموحاتهن، بل تجعله وقودًا لحياة أفضل.