فلسطين أون لاين

يشمل إقامة متنزه ومسرح على "أرض إستراتيجية"

تقرير مشروع استيطاني يستهدف "قلب" الشيخ جراح ويفصله عن أحياء القدس

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح:

تدور معركة "صامتة" رحاها في قلب حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة مع إطلالة العام الجديد، حول مشروع استيطاني يشمل "مدرجًا ومتنزّهًا تلموديًّا" نبشت عنه حكومة الاحتلال الفاشية العنصرية، ضمن مساعي طرد السكان الأصليين والسيطرة على أراضي الحي المقدسي.

وقبل ثلاثة أيام، أقدمت طواقم بلدية الاحتلال في القدس على "تسييج" أرض تبلغ مساحتها 3 دونمات، تملكها للأوقاف الإسلامية، تقع وسط حي الشيخ جراح وتحديدًا في الشارع الرئيس الواصل للبلدة القديمة وباب العامود.

وتجرّأت بلدية الاحتلال في القدس على تنفيذ مخطط إنشاء مسرح ومنتزه تلمودي، الذي جرى تجميده منذ عامين تقريبًا، بعد منحها حكومة الاحتلال المتطرفة الضوء الأخضر، علمًا أنّ هذا المخطط هو قديم، حسب ما يروي صالح دياب أحد سكان حي الشيخ جراح.

وكانت سلطات الاحتلال قد صادرت الأرض قبل عدة سنوات، ومؤخرًا، هدمت مغارة تُستخدم منزلًا لعائلة دياب، واليوم بدأت بأعمال التجريف ووضعت السياج في محيط الأعمال لمنع الوصول إلى الموقع.

وأوضح دياب أنّ الأرض التي سيّجتها بلدية الاحتلال تقع في منطقة إستراتيجية، تفصل المنطقة الغربية عن الشرقية لحي الشيخ جراح، عادًّا خطوة التهويد وبناء المسرح "دليلًا على تواصل مساعي الاحتلال لتهويد القدس والأحياء المحيطة فيه".

وشدَّد على أنّ حكومة الاحتلال المتطرفة والفاشية تسعى لخلق واقع جديد لحي الشيخ جراح، لافتًا إلى أنّ سكان الحي تصدوا لهم بكل ما يستطيعون وتمكنوا من وقف عملهم "مؤقتًا"، "لكن لا نعرف ماذا سيجري في الأيام القادمة؟"، حسب تعبيره.

وحذَّر دياب من خطورة الأيام القادمة التي ستكون "صعبة" على سكان حي الشيخ جراح، حاثًّا على ضرورة الانتباه جيدًا لما يُحاك ضد الحي من حكومة الاحتلال الفاشية.

عام قاسٍ

وبحسب محمود صالحية أحد سكان حي الشيخ جراح، فإنّ مشروع الاحتلال الجديد يقع في قلب الحي، حيث يُعدُّ ضمن مخطط يقضي بالسيطرة على حوالي 90% من أراضي الحي، ويمر من وادي الجوز.

وأوضح صالحية لصحيفة "فلسطين" أنّ مخططات الاحتلال ضد الشيخ جراح موجودة منذ عام 1967، لكنّ هذا الوقت هو "الأنسب بالنسبة لهم لتنفيذها للسيطرة على الأراضي والمداخل التي تحيط بمدينة القدس".

وبيّن أنّ الشيخ جراح يُعدُّ المدخل الرئيس لأحياء محيط القدس التي يُطلق عليها الاحتلال اسم (الحوض المقدس)، لافتًا إلى أنّ أرض المشروع تقع في الشارع الرئيس الذي يربط الحيَّ بالبلدة القديمة وباب العامود.

وأكد أن هذا المشروع يعرقل حياة السكان اليومية ويعيق تواصلهم مع الأحياء المجاورة والوصول إلى مدينة القدس، متوقعًا أن تقدم سلطات الاحتلال على طرد المزيد من السكان ومصادرة أراضيهم تحت ذريعة "المنفعة العامة"، أي بناء المتنزهات التلمودية وفتح شوارع وغيرها من المشاريع.

وقال: "نحن أمام عام صعب وقاسٍ على حي الشيخ جراح وأحياء القدس بأكملها، حيث تعكف حكومة الاحتلال الجديدة على تنفيذ مخططاتها الإجرامية الرامية لطرد السكان ومصادرة الأراضي"، منبّها إلى أنّ محاكم الاحتلال أداة تنفيذية لجرائم المستوطنين.

وجدَّد المقدسي إبراهيم سالم القاطن في حي الشيخ جراح، تمسك الأهالي بأرضهم رغم اعتداءات المستوطنين المتصاعدة.

ووصف سالم خلال حديثه مع "فلسطين"، مخطط الاحتلال بـ"الظالم" سيّما أنّ الأرض تعود للأوقاف وجزء رئيسٍ من حي الشيخ جراح، مؤكدًا رفضه لكل ممارسات الاحتلال ومستوطنيه.

وأكد أنّ إقامة المشروع في هذا المكان الإستراتيجي ينعكس سلبيًّا على السكان ويعيق تنقلهم وتحركهم والوصول إلى الأحياء المجاورة ومدينة القدس، مستدركًا "لكن رغم هذه الممارسات سنبقى صامدين وثابتين في أرضنا نقاوم بكل ما نستطيع من قوّة".

ويعود تاريخ حي الشيخ جراح إلى ما قبل أكثر من 900 عام، وأخذ اسمه من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، وهو طبيب القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، وما زال ضريحه موجودًا بالشيخ جراح.

ويقطن الشيخ جراح أكثر من 3 آلاف فلسطيني على مساحة أرض تقدر بنحو ألف دونم، وهي آخر ما تبقَّى لهم من أراضٍ بعد مصادرة آلاف الدونمات من أراضي السكان التي أُقيمت فوقها 3 مستوطنات تُعرف بمستوطنات التلة الفرنسية.