قائمة الموقع

بـ82 قلمًا و120 ريشة.. تنسخ "فداء" القرآن بالرسم العثماني والكوفي

2023-01-04T09:04:00+02:00
فداء عوني عبيد

بعد عامين من العمل على نسخ القرآن الكريم كاملًا بالرسم العثماني، تعود فداء عوني عبيد من جديد لتخطه برسم أهل الكوفة.

لم يكن اهتمام فداء بنسخ المصحف الشريف سوى محصلة تعلق بالقرآن الذي حفظته في سن مبكرة، إذ نشأت في عائلة تصفها بـ"المتلزمة، وحافظة لكتاب الله".

تقول فداء: "بدأت في حفظ المصحف حين كنت في الخامسة عشرة من عمري. كنت أتوقف في أيام الامتحانات المدرسية، وفي الإجازة الصيفية التحقت بمشروع لإتمام الحفظ وتثبيته، واستطعت فعل ذلك في غضون أربعين يومًا".

في تلك السنوات أتمت الشابة البالغة (28 عامًا) حفظ كتاب الله بالقراءات السبع، كما حازت لقب أسرع حافظة على مستوى شمال قطاع غزة عام 2012.

تعلقها بالمصحف جعلها تفكر بعمل ينفعها في الدنيا والآخرة، كما تقول، فراودتها فكرة نسخ القرآن الكريم كاملًا بخط يديها في مسابقة قرآنية سألت فيها: "ماذا قدمت للقرآن؟"، مصداقًا لقوله تعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون".

مهمة مهيبة

وإذ تصف خطها بالسيئ، تفيد بأنها شرعت قبل البدء في كتابة القرآن بالتدريب على الخط العثماني مدة عامين، ومع تكرار المحاولات تمكنت من إتقانه دون الانخراط في دورات تعليم الخط، "وحينها بدأت في كتابته على مراحل مختلفة حتى وصلت إلى نسخة طبق الأصل عن المصحف".

واستطاعت فداء نسخ المصحف بالرسم العثماني تدريجيًّا على ورق (A4)، موضحًا أنها بدأت بنسخ آيتين أو ثلاث يوميًّا، وواصلت التدرج في عدد الآيات المنسوخة وصولًا إلى صفحة يوميًّا، حتى انتهت من نسخ المصحف كاملًا في عام 2019.

استغرق العمل منها عامين ونصفًا، واحتاجت فيه إلى 82 قلمًا من البوص العربي، وكانت أول فتاة فلسطينية تكتب القرآن كاملًا بالرسم العثماني بخط اليد على مستوى فلسطين، كما أبلغتها دار القرآن الكريم والسنة التي عملت على تدقيق واعتماد المصحف المنسوخ تحت إشراف لجنة متخصصة قادها د. عبد السميع العرابيد.

وتشير إلى أنها اختارت الرسم العثماني للمصحف تبركًا بما رسمه أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، ولكونه المتداول والمعروف، وتصف التجربة بالجديدة والعظيمة.

وإذ تصف فداء تجربتها بـ"المهيبة والمخيمة"، إذ احتاجت إلى وقت طويل من التدريب على الخط المعروف بصعوبته، كما لم يشجعها علماء في القرآن الكريم على خوض التجربة لصعوبة هذا النوع من الخطوط.

مع ذلك تسلحت فداء بشجاعة لم تخلُ من الخوف وعكفت في منتصف عام 2019 على نسخ المصحف بالخط الكوفي، إذ من المتوقع أن تشكل هذه النسخة في وقت لاحق من عام 2023 أول مصحف منسوخ بخط اليد بالرسم الكوفي، في قطاع غزة.

120 ريشة وحبر خاص

وتبين فداء أن التدريب على الكتابة بالخط الكوفي ليس سهلًا، "فهو من أصعب الخطوط العربية، وبدأت في هذه المهمة منذ 5 سنوات"، مشيرة إلى أنها تتدرب على كتابة الآيات القرآنية قبل إعادة نسخها بالرسم الكوفي.

وتضيف: "الكتابة بالخط الكوفي تحتاج إلى ريشة خاصة، واستهلكت 120 ريشة لكتابة القرآن بالحبر العربي، وقد تمكنت من إتقانه دون الالتحاق بدورات أو الاستعانة بالإنترنت، واعتمدت فقط على تقليد رسم الخط من نماذج منشورة لخطاطين معروفين".

وتستعين فداء بمسطرة ومجموعة من الأقلام لكتابة الكلمات بالرسم الكوفي، إذ تُعطي كلَّ حرف منها طولًا وعرضًا مُعيّنًا يبلغ بضعة سنتيمترات أو أقل.

وتقول إنها تُقدّر حجم الكلمات وطولها نسبيًّا، بما يلائم الكلمات المشابهة لها والمنقولة من المصحف الإلكتروني، الذي حصلت عليه من مكتبة بالعاصمة العراقية بغداد عام 2019، إذ لم تجد نسخة منه في فلسطين.

وعقب انتهائها من كتابة الكلمات، تعمل فداء على تعبئة فراغات الحروف بألوان مختلفة لإبرازها بوضوح.

وتضيف: "كتابة الحروف بالرسم الكوفي أمر مرهق وذلك لعدم تشكيله بالنقاط أو الحروف".

والنسخة التي تعكف عليها فداء بالرسم الكوفي، ستكون هذه المرة أكبر من حجم القرآن المنسوخ بالرسم العثماني، بطول متر وعرض 70 سنتيمترًا.

وفي هذا المصحف، يعلو كل كلمة منسوخة بالرسم الكوفي تفسيرها بالرسم العثماني والمرفق بالتشكيل الخاص به وذلك لتسهيل قراءتها.

كما خصصت فداء على يسار وأسفل الصفحة مساحة لنسخ تفسير القرآن للإمام "ابن كثير" الدمشقي، لكن بالرسم العثماني.

والخط الكوفي من أقدم الخطوط العربية، ويُعتقد أنه نشأ في القرن السابع الميلادي بمدينة الكوفة بالعراق، واستخدم في كتابة المصاحف خصوصًا.

اخبار ذات صلة