فلسطين أون لاين

أبرزها اغتيال "أبو عاقلة"

تقرير عام 2022 "الأقسى" على الصحفيين الفلسطينيين بفعل جرائم الاحتلال

...
لحظة اغتيال الشهيدة أبو عاقلة- أرشيف
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

مرَّ عام 2022م "قاسيًا" على الصحفيين الفلسطينيين، بفعل تغول قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم، وتصعيد وتيرة الانتهاكات على جميع الأصعدة، ضاربةً عرض الحائط بجميع المواثيق والأعراف الدولية، وسط صمت عربي ودولي إزاء هذه الجرائم.

وكان الحدث الأبرز في هذا العام جريمة اغتيال "أيقونة الصحافة الفلسطينية" الشهيدة شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة القطرية في الحادي عشر من مايو/ أيار الماضي، في أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، التي لاقت رفضًا واستنكارًا على الصعيدين الدولي والعربي، "لكن دون تقديم القاتل للمحاكمة".

اقرأ أيضاً: أمريكا تعلن معارضة رفع قضية الصحفية شيرين أبو عاقلة إلى "الجنائية الدولية"

وبعد أقل من شهر تقريباً، ارتكبت قوات الاحتلال جريمة أخرى مماثلة، حين اغتالت الصحفية غفران وراسنة في الأول من يونيو/ حزيران الماضي، عند مدخل مخيم العروب في مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة.

ولم يتوقف الأمر عند القتل فحسب، إذ تعددت أساليب الانتهاكات التي ينتهجها الاحتلال ضد الصحفيين، ما بين الاعتقال والضرب ومنعهم من التنقل والسفر وغيرها من الممارسات العنصرية "بلا حسيب أو رقيب".

جرائم متعددة

يصف منسق لجنة دعم الصحفيين في الأراضي الفلسطينية صالح المصري، عام 2022م بأنه "صعب جداً" بسبب كثرة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الصحفيين في جميع الأراضي الفلسطينية، وأبرزها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة بجنين، وغفران وراسنة بالخليل.

وذكر المصري في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال ارتكب مئات الانتهاكات في عام 2022، تنوَّعت بين القصف الذي يرتقي لجرائم حرب، وإطلاق النار المتعمد على الصحفيين في الضفة ومنع التغطية.

وقال: إن الأخطر في هذا العام مشاركة المستوطنين في الانتهاكات والاعتداءات على الصحفيين الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية"، مشيراً إلى أنه لا يكاد يمر يوم واحد إلا وتسجل انتهاكات بحق الصحفيين من الاحتلال والمستوطنين.

ولفت إلى وجود 21 صحفيًا فلسطينيًا معتقلًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يتعرضون للعدوان والاعتقال الإداري والعذابات.

أما على صعيد المحتوى الرقمي الفلسطيني، فأكد المصري أنه كان عاماً صعباً أيضاً، إذ مارست (إسرائيل) ضغوطًا كبيرة على إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، التي استجابت بالفعل، ونفذت ما سمَّاه "مجزرة" بحق المحتوى الرقمي، من تقييد وحذف صفحات المؤثرين والمواقع الإلكترونية.

كما شهد هذا العام، بحسب المصري، تقييد أجهزة أمن السلطة الحريات في الضفة، وذلك بتنفيذ سلسلة من الاعتقالات السياسية ضد الصحفيين على خلفيتي التعبير والرأي، داعياً إياها إلى وقف هذه السياسة التي تضرب بالحالة الفلسطينية.

وأفاد بأن النصف الأول شهد قرابة 600 انتهاك بحق الصحافة والصحفيين، ما بين قتل ومنع من السفر وفرض إقامة جبرية، ولا تزال سلطات الاحتلال تمارس جرائمها بحق الصحفيين في جميع مدن الضفة.

ورجح أن تزداد هذه الانتهاكات لتتجاوز الـ 1000 انتهاك مع نهاية العام الجاري، مشدداً على أن "هذه الجرائم ترتقي لمستوى جرائم الحرب، ما يستدعي تلاحم الصحفيين من أجل ملاحقة القتلة، كي لا يفلتوا من العقاب".

وأيدّت ذلك منسقة المشاريع في المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) شيرين الخطيب، مؤكدة أن هذا العام كان ثقيلًا على الإعلاميين والحريات الإعلامية.

وأوضحت الخطيب لـ"فلسطين"، أنه باستشهاد الصحفيتين، "أبو عاقلة"، و"وراسنة"، يرتفع عدد شهداء الصحافة، في فلسطين، منذ عام 2000م، حتى نهاية العام الجاري، إلى 48 صحفيًا.

وشددت على أن "إمعان قوات الاحتلال، في ارتكاب المزيد من الجرائم، والاعتداءات الجسيمة، بحق الصحفيين يدلل على سعيها إلى حجب حقيقتها الإجرامية عن الرأي العام العالمي".

وعدت أن إفلات مرتبكي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في فلسطين شجع الاحتلال على ارتكاب المزيد منها، مطالبة بضرورة ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم إلى العدالة لوضع حد لجرائم قتل الصحفيين والاعتداءات الجسيمة ضدهم.

وأفادت بأنه منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر نوفمبر، بلغ عدد الانتهاكات التي وثقها مركز مدى (575) انتهاكاً، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 395 منها بنسبة 69%، وتوزعت البقية على شركات ومنصات التواصل الاجتماعي واعتداءات ارتكبتها جهات أخرى. 

في حين أكد مدير منتدى الإعلاميين الصحفيين محمد ياسين، أن "هذا العام كان قاسيًا على الوسط الصحفي الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الهجمة الإسرائيلية كانت شرسة وكبيرة وأبرزها اغتيال "أبو عاقلة".

وبيّن ياسين لـ "فلسطين"، أن جريمة اغتيال "أبو عاقلة" هزّت وجدان ضمير العالم والمجتمع الدولي وقوبلت بإدانة واستنكار على جميع الأصعدة، والتي تبعها أيضاً اغتيال الصحفية "وراسنة"، ثم قتل الصحفي "نضال اغبارية" من الداخل المحتل بدمٍ بارد.

وشدد على أن هناك مسلسلًا طويلًا من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الوسط الصحفي الفلسطيني، وازدادت وتيرته هذا العام، منبهًا إلى وجود 21 صحفياً في سجون الاحتلال.

صمت عربي ودولي

وانتقد المصري، صمت المؤسسات العربية والدولية المعنية بالصحفيين على جرائم الاحتلال، قائلاً: "الموقف العربي والدولي لا يرتقي لحجم الجرائم الإسرائيلية ضد الصحفيين الفلسطينيين.

وأضاف: "ما دام قتلة الصحفيين لا يزالون طلقاء فإننا نتوقع المزيد من الجرائم الممنهجة"، مطالباً كل المؤسسات الدولية التي تُعنى بحرية الرأي والتعبير بملاحقة القتلة وتقديمهم إلى المحاكم الدولية.

ودعا المصري المؤسسات العربية وفي مقدمتها اتحاد الصحفيين العرب، إلى زيارة الأراضي الفلسطينية للاطلاع على حجم العدوان والحصار الإسرائيلي الذي انعكس على أداء المؤسسات الإعلامية في قطاع غزة، فضلاً عن معاناتهم نقص المعدات وأدوات السلامة المهنية.

اقرأ أيضاً: تقرير شيرين أبو عاقلة.. «أيقونة الصحافة» شاهدةٌ وشهيدة وصوت لم يغادر الذاكرة

وفي سياق موازٍ انتقد منسق اللجنة دور نقابة الصحفيين التي لا تزال "منقسمة"، مطالباً بضرورة توحيد الصحفيين ضمن نقابة واحدة قوية، تجرى فيها انتخابات شفافة وقانونية، إذ لا تستأثر بها جهة سياسية واحدة.

وختم حديثه: "لو أن هناك نقابة قوية تمثل المجموع الصحفي، لاستطاعت أن تحمل هذه الملفات الكبيرة التي ترتقي لجرائم حرب، إلى كل المؤسسات الدولية وتدافع عن حقوق الصحفيين الفلسطينيين، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو الدولي".

في حين أكد ياسين، أن الرد العربي والدولي دون المستوى المطلوب، "إذ إن الاحتلال لا يقيم أي اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية التي تؤكد حماية الصحفيين".

ونبّه إلى أن الاحتلال لا يزال يوغل في استباحة واستهداف الإعلام الفلسطيني بكل مكوناته، لأنه يأمن عدم ملاحقته، مطالباً الاتحاد الدولي للصحفيين والمؤسسات العربية الأخرى، بضرورة التحرك واتخاذ موقفٍ داعمٍ وحامٍ للصحفي الفلسطيني.