فلسطين أون لاين

تقرير منذ 8 سنوات.. "صبح" يعالِج المرضى بالمجان مقابل الدعاء

...
منذ 8 سنوات.. "صبح" يعالِج المرضى بالمجان مقابل الدعاء
غزة/ هدى الدلو:

من داخل بيته الواقع في محافظة رفح يخصص فيه مكانًا لاستقبال المرضى المصابين بحروق والمراجعين، ساعيًا بهذا العمل الإنساني الذي يسلك طريقه منذ ثماني سنوات لتخفيف أوجاع أهل بلده وتبديدها ومداواة آلامهم بكل صدارة رحب وابتسامة لا تختفي على ملامح وجهه دون أي مقابل.

حسين محمد صبح (73 عامًا)، حاصل على شهادة بكالوريوس في مجال الصيدلة من دولة باكستان عام 1982، عمل سنوات طويلة في المستشفى العسكري في السعودية، وعاد إلى موطنه ليخدم أبناء شعبه بالمجان.

يقول لصحيفة "فلسطين": "الحمد لله الذي جعلني طبيبًا لأخدم أبناء شعبي وأداوي أوجاعهم، فلا يمكن أن أصف سعادتي وفرحتي وأنا استقبل مرضى ومراجعين في عيادتي الخاصة لتخفيف معاناتهم من خلال هذا العمل الإنساني، وخاصة بعد رؤية النتائج لحالات شفيت من الحروق".

ويستذكر أن بدايات عمله كان في المستشفى العسكري السعودي، حيث كان يعمل مشرفًا طبيًا على رحلات الصيد الخارجية، والتي كانت تضم ما يقارب 1200 شخص مشارك، ليشرف على مداواتهم وعلاجهم، وبالتالي كان هو الطبيب والممرض والصيدلي، واستمر ذلك 20 عامًا".

ويضيف صبح: "عملي في هذا المجال فتح لي آفاقًا كثيرة خاصة في مجال الحروق والجروح، كون المشاركين في رحلات الصيد كانوا يتعرضون لذلك وكنت أقدم لهم الخدمات الطبية اللازمة والعلاج المناسب لهم، فاستقيت الكثير من الخبرة".

في عام 2000 عاد إلى قطاع غزة، وتعامل مع حالات كثيرة مع بداية انتفاضة الأقصى الثانية المصابة بحروق مختلفة وبدرجات متباينة، كان الناس يبحثون كثيرًا عن جهات يمكنها توفير العلاج في المجان في مثل تلك الظروف، خاصة أن الحروق تحتاج إلى تعامل دقيق حتى لا تترك أثرًا على الجلد، وحينها قرر تقديم العلاج لأبناء شعبه بالمجان، ودون مقابل.

يذكر صبح أنه تعرض للإصابة في حروق في الوجه واليدين درجة ثانية وعمل على مداواة نفسه، وبعد مرور أسبوع على شفائه أصيبت شقيقته بحروق واحتاجت إلى فترة طويلة من العلاج.

ويشير إلى أن علاج الحروق يحتاج إلى فترة طويلة في الغيار الطبي ووضع المراهم، وهو مكلف ماديًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع، وكان ذلك دافعًا لتقديم هذه الخدمة مجانًا، وللعام الثامن على التوالي باتت عيادته تستقبل المرضى من مختلف أماكن القطاع.

ويعتمد في مداواة الحروق على خلطة يصنعها بيده وتحتاج إلى وقت طويل لعملها يعاونه فيها أبناؤه وزوجته، والتي تتكون في ثلاث مكونات أقراص شمع العسل، وزيت السمسم وبياض البيض، ويعمل شمع العسل على علاج الحروق وإزالة الآثار الناتجة عنه وما قد يسببه من تشويه، وزيت السمسم لديه قدرة على تعزيز إنتاج الكولاجين، إذ يلعب الكولاجين دورًا هامًّا في تحفيز تعافي الجروح والحروق. ويمتلك زيت السمسم خواصّ طبيعية هامة لتعافي الحروق والجروح، إذ يحتوي على مواد قد تمتلك خواص: مضادة للالتهاب، ومضادة للأكسدة، ومضادة للميكروبات.

ويستقبل يوميًا ما يقارب 7 حالات، لافتًا إلى أن بعض الحالات يستخدم لها مراهم كمضادات حيوية، وتبلغ التكلفة الشهرية التي يحتاجها لعلاج الحالات ما يقارب 400 شيكل، فكل حالة تحتاج إلى تنظيف مكان الجرح أو الحرق وتعقيمه بمحلول ملحي، واستخدام مراهم أحيانًا إذا كان الحرق درجة ثالثة، واستخدم خلطة العسل وضعها على لاصقات الفازلين، ثم لفها بشاش طبي.

ويذكر أن موقفًا حصل معه عندما قدمت له إحدى المراجعات مبلغًا من المال، وامتنع عن استلامه، وطلب منها أن تدعو له ولأبنائه.

ويختم حديثه: "عمل الخير والإنساني لا يرتبط بوقت محدد، فمساعدة الناس طريق إلى الجنة خاصة أن الجميع يعرف معاناة الناس اقتصاديًا فبعض القادمين بالكاد يكون بحوزتهم أجار الطريق، فكيف لديهم أن يدفعوا كشفيات".