اتفق نتنياهو مع حزب "الصهيونية الدينية" على بعض الأمور، فقد خدعهم بيبي نتنياهو وأوهمهم بتحقيق أمور جديدة، فقال: اتفقوا على تسهيل بيع الأرض في الجليل والنقب لليهود فقط وبأسعار مخفّضة، وقال: وتوسيع لجان القبول في المستوطنات لمنع دخول فلسطينيي الـ48 للسكن فيها، وقال: وإضافة المزيد من المضايقات للعرب حتى يزهقوا حياتهم.
لو كنت في نيوزيلندا مثلا وقرأت هذا الكلام، لظننت أن دولة إسرائيل كانت توزع الأرض على اليهود والعرب على قاعدة "هاي عين وهاي أختها"، بنفس المعايير والأسعار، قال شو؟ بناء مستوطنات لليهود فقط! قال يعني كانوا حتى الآن يبنون لليهود والعرب والشركس!
قال توسيع لجان القبول وتصعيب دخول العرب؟ قال يعني وكأن لجان القبول كانت عاجزة حتى الآن عن رفض العرب!
قال يعني العنصرية جديدة، ومن اختراع بن غفير وسموتريتش وسترونها من الآن فصاعدًا!
يبدو أن زعماء "الصهيونية الدينية" غائبون عن السّياسة تمامًا، ويظنون أن عنصريتهم فريدة عصرها.
أغلب الظن أنهم لن يجدوا قوانين عنصرية يضيفونها، فكل ما يحلمون به موجود، ولا حاجة للثرثرة.
قال يريدون منع العرب من شراء أرض في المستوطنات! ألا يعلم هؤلاء أن بعض العرب يملكون أراضي في وسط المستوطنات نفسها، ولكن لجان التخطيط ترسمها خارج مناطق البناء، وتجعلها كلها مراعي ومناطق خضراء، وحتى الدخول إليها ليس متاحًا ويحتاج إلى أرقام سرية لفتح بوابة المستوطنة!
يعني ما الجديد الذي أتيتم به؟
من حق الذين سبقوكم في الحكم أن يزعلوا، أين كنتما يا بن غفير وسموتريتش عندما أسّسنا الاستيطان في كل مكان؟
أين كنتما عندما قسّمنا الحرم الإبراهيمي؟
أين كنتما عندما وحّدنا القدس بالرغم من احتجاج معظم دول العالم؟
أين كنتما عندما ضممنا الجولان واستوطنّا فيه؟
أين كنتما عندما بنينا لليهود وصادرنا وهدمنا للعرب؟
أين كنتما عندما جعلنا من الحصول على رخصة بناء عند العرب إعجازًا يقيمون له عقيقة وينذرون عُمرة، ويكتبون لصاحب رخصة البناء التهاني في الصحف!
أين كنتما عندما صادرنا مئات آلاف الدونمات وأقمنا في المناطق التي توسعت وصارت مستوطنات؟
تعالا وانظرا كيف صارت مُدن العرب وقراهم مثل الخيار المكبوس والسّردين، بعضهم فوق بعض، لقد جعلنا قراهم ومدنهم مخيّمات، وبعضهم لم يعد لديه متر واحد من الأرض!
حتى أنهم حرموا من مواقف للسيارات، في المدارس والمؤسسات لا توجد مواقف كافية للسيارات، ولهذا ومن الصباح الباكر يتوترون جميعهم؟
تريدون تهويد النقب والجليل؟ صح النوم، فما الذي نفعله نحن طيلة هذه السنين؟
تريدون تخفيض الأسعار لليهود، وخصوصًا لمن يخدمون في الجيش؟
رحم الله امرأ عرف قدر نفسه ووقف عندها، فأنتما مهما حاولتما وفعلتما فلن تصلا إلى كعب من سبقوكما في العنصرية ومضايقة العرب! عيب عليكما أن تتحدثا وكأنكما مجددان! ألا تريان كيف يقتل العرب بعضهم بعضًا ونحن نبارك ونتعهد بملاحقة المجرمين؟!
الفرق أننا فعلنا هذا دون ضجيج، بل وكسبنا تأييد أمم كبيرة وقوية، وعرفنا كيف نلعب على الأصول! ودائمًا جعلنا العرب مذنبين وأغبياء وقتلة.
نحن الذين خرجنا عليهم بقصة سرقة الأراضي، نحن الذين رحّلنا قرية رمية، وجعلناها حيًا جميلا لكرمئيل، ونحن الذين هدمنا العراقيب عندما كنتم أطفالا بعد.
شجعنا العرب على الهجرة إلى كندا أو أستراليا، وتعهدنا لهم بالحصول على جوازات سفر في أي بلد يختارونه، مقابل بيعنا ممتلكاتهم! فأين أنتما من كل هذا، عيب يا بن غفير، وعيب يا سموتريتش، وعيب يا بيبي أن تضحك عليهما وتوهمهما بإبداع سياسة جديدة!
نحن جعلنا من العنصرية فنًا وعلمًا، أما ما تفعله يا نتنياهو مع بن غفير وسموتريتش الآن فهو جعجعة وضجيج كي تقولوا إنكم أنجزتم!
الفرق أنكم تعلنون هذا للعالم، وهذا يسيء للدولة وخططها، حتى ولو كانت أميركا داعمة، في حين كنا نفعل ما نريده بهدوء وبرود، وحتى الشياطين ما كانت لتهتدي على الطرق التي ابتكرناها، فقليلا من التواضع أيها العنصريون الجدد.