قائمة الموقع

بـ"الشمع الطبيعي".. شقيقتان من نابلس تبدآن مشروعهما الخاص

2022-12-26T12:31:00+02:00
الشقيقتان حنين ومريم عودة

على الرغم من انشغالها بدراستها الجامعية، فإن فكرة البحث عن مشروع خاص تحصل به مورد رزق يقيها شر البحث المطول عن وظيفة بعد التخرج، ظلَّ حلمًا يراود الشابة حنين عودة (22 عامًا)، إلى أن وجدت قبل مدة ضالتها واتجهت لتصنيع "شموع صحية" بمشاركة شقيقتها مريم.

لمسةُ حنين عودة للاهتمام بالشموع ليس للإضاءة هذه المرة، بل كزينة، خاصة لدى النساء، ولكون المعروض منها في السوق أشكالًا وألوانًا متعددة وبروائح زكية، ظلَّت تبحث عن نقطة يمكنها بها أنْ تتميز.

تقول عودة: "في ظل كثرة المعروض من الشموع في السوق كان لا بدَّ من شيءٍ يميزني ويجعل الزبون يترك ما في الأسواق ويشتري ما أعرضه، وفي الوقت نفسه يكون شيئًا يمكن صناعته يدويًّا ومنزليًّا".

وبعد مدة من البحث اهتدت حنين لفكرة أن تصنع "شموعًا صحية" غير ضارة بالبيئة، ما يميزها عن الصناعة التقليدية الرائجة، إذ عرضت الفكرة على شقيقتها الأكبر مريم، فلاقت استحسانها وشقتا طريقهما معًا.

ولم تكن البداية سهلة -وفق حنين- فصناعة الشموع يدويًّا تحتاج إلى جهد كبير وآليات معينة، خاصةً أنها لم يكن لديها أي خلفية عن صناعته، لذلك "لجأتُ إلى شبكة الإنترنت لجمع المعلومات عن طريقة صناعة الشموع، وادخار مصروفها لتوفير المواد الخام المكلفة هنا (الضفة الغربية)".

استغرق إتقان المهنة من "حنين" وشقيقتها شهرين متواصلين عن طريق التعلم الذاتي بتطبيق ما تريانه في الفيديوهات عبر "شبكة الإنترنت"، وتعلمتا كل ما هو موجود عن المواد الخام للشمع وكيفية التعامل معها، وكيفية جعل الشموع ذات رائحة جميلة والقوالب التي يمكن استخدامها للحصول على شكل جميل، "أخفقنا عدة مرات لكننا في النهاية نجحنا".

شيئًا فشيئًا شعرت حنين وشقيقتها بأنهن قادرات على إطلاق مشروعهن، فكان ذلك في نوفمبر/كانون الثاني من العام الماضي، إذ "لاقت الكمية الأولى من المنتج الذي عرضتاه عبر صفحة خاصة بالمشروع عبر الإنستقرام رواجًا كبيرًا خاصة لدى طالبات الجامعة في مدينة نابلس".

هذا الإقبال أشعر حنين بالثقة وجعلها عازمة على المتابعة في مشروعها بل وتطويره، إذ تجرب كل ما هو جديد مع شقيقتها "مريم" التي تأتي لزيارة بيت العائلة في نهاية كل أسبوع "لكونها متزوجة".

وعما يميز منتجها عما هو معروض في الأسواق، تقول عودة: "الشمع التجاري مصنوع من "البرافين" وهي مادة غير صحية لكونها مشتقة من النفط، على حين أن ما بدأنا به في صناعتنا هو مادة طبيعية وهي "شمع الصويا الطبيعي"، وهو غير ضار البتة خاصة للذين يعانون الحساسية والربو".

يشار إلى أن "شمع البرافين" يمكن أن يؤدي لإصابة الإنسان بطفح حراري أو تورم البشرة خاصة لمن بشرتهم عالية الحساسية، كما أنه قد يتسبب بحروق جلدية وتهيج البشرة لمستخدميه، وعند ابتلاعه عن طريق الخطأ فقد يؤدي لمضاعفات جسيمة منها الانسداد في الأمعاء.

وتشير إلى أن "شمع الصويا" لا تنبعث عند احتراقه أي غازات مضرة بالإنسان، ما جعل هناك إقبالًا كبيرًا عليه، ثمَّ أدخلنا لاحقًا شمع جوز الهند وغيرها من الشموع الصحية.

ولم يكن الطريق سهلًا تمامًا بالنسبة للشقيقتيْن عودة بدايةً من البحث عن أماكن للتزود بالمواد الخام التي لم تجدها في محيطها، فأصبحت تشتريها بالتسوق الإلكتروني عبر الإنترنت، "كان الاستيراد الشخصي مكلفًا جدًّا، لكن لاحقًا علمتُ أنه يمكن لي أن أطلبها ممن لهم وكالات عالمية للعطور من الخارج فوجدتها أرخص ثمنًا".

لكن لم تكن تلك العقبة الوحيدة، فهناك أسعار وصفتها بـ"الفلكية" لبقية مستلزمات تصنيع الشموع بالضفة الغربية، "يبيعها التجار بأضعاف السعر الذي يشترونها به من الخارج، خاصة قوالب السيليكون الأساسية لتشكيل الشموع".

وتتطلب صناعة الشموع –وفق عودة- وقتًا وجهدًا وتركيزًا كبيرًا، لأن لكل نوع من الشموع درجة ذوبان معينة ينبغي عدم تجاوزها عند إضافة المواد العطرية له، كي لا ينصهر وتظل رائحته نفاذة، كما أنه يجب أن يكون لدى مصنعها مهارة في خلط الشموع بنسب معينة للحصول على منتج نهائي.

لم يثنها ما واجهته من صعوبات سواء في التعلم أو الحصول على المواد الخام عن عزمها على تحقيق حلمها وإنشاء مشروع خاص بها، بل زادها قوة لتحقيق ما تريده  وإتقانه بحرفية عالية لا مثيل لها، وهذا ما أكدته بشرحها لآليات العمل: صناعة الشمع تحتاج إلى الوقت والجهد والتركيز العالي، ذلك لأن لكل نوع من الشموع درجة ذوبان معينة خاصة به عن غيره، يجب الحرص عليها، إضافة لأن المواد العطرية يجب أن تضاف بدرجة حرارة معينة للشمع حتى تكون رائحتها نفاذة، وفي أثناء العمل في شمع القوالب فنحن لا نستخدم البرافين وحده، وإنما نخلط الصويا معه، وهذا يزيد صعوبة العمل علينا.

تقول حنين: "كل شمعة تحتاج إلى قرابة أربع ساعات حتى تجف تمامًا ثم نغلفها، وحاليًّا أضفتُ للمنتجات شمع "الأكواب" بعد أن شاعت فكرة شمع القوالب وأصبح هناك الكثير من المنتجين لها"، مشيرةً إلى أن الشمعة في الكوب تكون مصنوعة إما من الصويا أو جوز الهند أو زيت الزيتون حسب رغبة الزبون".

وتتراوح أسعار الشموع التي تنتجها حنين بين خمسة شواقل للحجم الصغير و(20-25) شيقلًا للحجم المتوسط (إذا كانت مخلوطة بالبرافين) أما الشمع المصنوع من المواد الطبيعية الخالصة فسعرها مرتفع (يتراوح بين 50-60 شيقلًا).

وفي أثناء زياراتها المتكررة لمدينة يافا المحتلة لفت نظرها على شاطئ البحر أصداف وأحجار جميلة فأصبحت تجمع بعضها، وتزين الشموع التي تنتجها بها، ما يعطي منظرًا بحريًّا رائعًا.

وتستند حنين في تسويقها للمنتجات وتصويرها على الخلفية العلمية في مجال التصوير الذي استمدته بدراستها للصحافة والإعلام، كما أنها استغلت دراستها الجامعية بالمشاركة بمنتجاتها في معرضين للمنتجات اليدوية في الحرم الجامعي.

اخبار ذات صلة