فلسطين أون لاين

تنديد فصائلي وحقوقي ومطالبات بضغوط دولية لإعادته إلى القدس

تقرير بعد إبعاده قسرًا إلى فرنسا.. أسرة صلاح الحموري تحتكم للقضاء الدولي

...
الناشط صلاح الحموري - أرشيف
القدس المحتلة-غزة/ جمال غيث:

صُدمت أسرة المحامي المقدسي صلاح الحموري، من إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إبعاد نجلها الأسير إلى العاصمة الفرنسية دون علمها، مع أنّ الإجراءات القانونية بشأن قضيته لم تنتهِ بعد.

ووصل الحموري ظهر أمس، إلى باريس، بعد أن أبعدته سلطات الاحتلال فجأةً صباحًا على متن رحلة خاصة، وكان في استقباله زوجته وعشرات الأشخاص، وممثلو منظمات غير حكومية وأنصار للقضية الفلسطينية.

اقرأ أيضًا: نقابة المحامين تُعلّق العمل بالضفة والقطاع احتجاجًا على إبعاد الحموري

واعتقلت سلطات الاحتلال الحموري، في 7 آذار/ مارس الماضي، وأبقته رهن الاعتقال الإداري منذ ذلك الحين دون محاكمة.

وقالت دنيز الحموري، والدة المبعد "صلاح": إنّ الأسرة صُدمت بخبر الإبعاد الساعة السابعة صباحًا، بعد أن سمعت بالخبر من وسائل الإعلام، مضيفة أنهم سيتوجهون إلى القضاءين الإسرائيلي والدولي من أجل إعادته إلى مسقط رأسه في مدينة القدس.

وحذرت من خطورة القرار الذي من شأنه أن يفتح شهية الاحتلال لتنفيذ مزيد من قرارات الإبعاد بحق مقدسيين يحملون جنسيات مزدوجة، بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في المدينة وتحقيق أغلبية يهودية.

وسبق أن سحبت سلطات الاحتلال ما تسمى "الإقامة" من آلاف الفلسطينيين في القدس، لكنه الأمر القانوني الأول من نوعه الذي تصدره بحق مواطن مقدسي يحمل جنسية مزدوجة، إذ يحمل المحامي الحموري الجنسية الفرنسية أيضًا.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، صدق المستشار القضائي لحكومة الاحتلال ووزير "القضاء" على قرار سحب هوية الحموري، وحرمانه من "الإقامة" في القدس بزعم "خرق الولاء" لكيان الاحتلال، وذلك بعد أن أبعدت زوجته عن القدس عام 2016.

وصلاح، متزوج من فرنسية، منعها الاحتلال من الوصول إلى الأراضي المحتلة عام 2016، بعد توجُّهها لزيارة عائلتها في فرنسا، ولم يُسمح لها بالوصول للقدس منذ ذلك الحين دون ذكر السبب، وِفق والدة الحموري.

اقرأ أيضًا: "حماس" تُدين إبعاد الناشط المقدسي صلاح الحموري عن موطنه قسرًا

وذكرت أنّ ابنها الذي كان يعمل مع مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان، تعرَّض لحملة ممنهجة من قبل الاحتلال بدءًا من اعتقاله الإداري التعسفي والتجسس على هاتفه ومراقبته ووصولًا إلى سحب "إقامته" المقدسية.

وقالت بحزن: "في هذه الأيام التي توافق الذكرى السنوية الحادية عشرة لإطلاق سراحه بصفقة وفاء الأحرار (ضمن الدفعة الثانية)، أُبعِد إلى فرنسا"، مضيفة: إنّ هذا التاريخ لم يكن صدفة، فالاحتلال دائمًا يُنغّص على الفلسطينيين".

وأكدت والدة الحموري أنّ ابنها، عازم على العودة إلى مسقط رأسه وعدم ترك القدس، مُنبّهة على أنّ الاحتلال حاول أكثر من مرة إبعاده عن المدينة لكن دون جدوى، فسجنه ست مرات بهدف الضغط عليه لترك المدينة والسفر لفرنسا.

وبلغ مجموع سنوات اعتقال نجلها عشرة أعوام، وِفق والدته.

تطهير عرقي

وأدانت فصائل ومؤسسات حقوقية ترحيل الحموري من مسقط رأسه في القدس إلى فرنسا.

وعدَّ المتحدث باسم حماس حازم قاسم في تصريح صحفي، إبعاده "امتدادًا لسياسات التطهير العرقي والتهجير القسري الرامية إلى طرد الفلسطينيين وإبعادهم عن أرضهم".

وأضاف قاسم: "أمام هذا القرار الصهيوني التعسُّفي الذي يُمثّل انتهاكًا خطيرًا للمواثيق والأعراف الدولية، فإنّ المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية مُطالَبين باتخاذ إجراءاتٍ فعَّالة لإدانة هذه الجريمة والضغط على الاحتلال لثنيه عنها".

وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنّ إقدام الاحتلال على إبعاد الناشط الحموري، إلى فرنسا، واقتلاعه من مدينة القدس، دون أدنى اعتبار للمطالبات المُقدّمة من الدولة الفرنسيّة وجهات أوروبية وعالمية عديدة، يندرج في إطار سياسة التطهير العرقي.

وقالت الجبهة الشعبية في بيان صحفي: "إنّ إبعاد الحموري، قرار سياسي بحت، ولا سيما أنه يطالب بحرية أبناء شعبه وبعدم الاعتداء على الأطفال والنساء، والتوقف عن هدم البيوت واعتقال الأطفال في مدينة القدس". 

ووصفت ما حصل بأنه "تطهير عرقي وإفراغ للمدينة المقدسة من سكّانها الأصليين وهي مخالفة كبرى للقانون الدولي، ما يستوجب التدخّل السريع من جانب المؤسّسات الدولية لتوقّف هذا الاحتلال الذي لا يعير أي وزن لا للقوانين ولا للمؤسّسات الدوليّة عن ممارساته التعسفيّة".

سابقة خطيرة

وقال تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية": إنّ إبعاد الحموري "هو جريمة حرب وفقًا للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة واجبة التطبيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تحظر "النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو أراضي أيّ دولة أخرى محتلة أو غير محتلة.

وطالب التجمع في بيان مكتوب، كل المؤسّسات الحقوقية والإنسانية باستنكار هذه الجريمة، والمطالبة بإعادة الحموري إلى مسقط رأسه ليتابع حياته مع أفراد أسرته، والتوقّف عن سياسة الإبعاد والاعتقال الإداري التعسفي وكل الممارسات المنافية للقوانين الدوليّة.

من جهته، عد "هموكيد" -مركز الدفاع عن الفرد وهو منظمة لحقوق الإنسان في أراضي الـ48- ترحيل أي فلسطيني عن وطنه بتهمة "خرق الولاء لـ(إسرائيل)" سابقة خطيرة وانتهاك صارخ للحقوق الأساسية.

وطعن "هموكيد" في شرعية القانون الذي يسمح بسحب الهوية من المقدسيين بادعاء "خرق الولاء"، مشيرًا إلى أنّ المقدسيين لا يدينون بأيّ ولاءٍ للاحتلال.

وقال المركز: "إنّ المحكمة العليا الإسرائيلية، رفضت استئنافنا ضد سحب هوية صلاح الحموري، وكذلك طلبنا لإصدار أمر احترازي لمنع ترحيله حتى يُنظر في هذه القضية"، مضيفًا أنه "سيستمر في العمل ضد هذا القانون الجائر وسيقدم التماسًا جديدًا للمحكمة العليا".

فيما أدانت فرنسا، إبعاد الحموري، دون توجيه تهمة رسمية له، عادَّةً ذلك "مخالفًا للقانون".

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صحفي، "ندين قرار السلطات الإسرائيلية المخالف للقانون بطرد صلاح الحموري إلى فرنسا".