اعتمدت اللجنة الرابعة -لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار- للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، خمسة قرارات متعلقة باللاجئين الفلسطينيين، وتمديد ولاية الأونروا حتى عام 2026، وحول لا شرعية الأنشطة الاستيطانية في فلسطين المحتلة، وقرار سادس يتعلق بالجولان السوري المُحتل.
وقدمت دول جنوب إفريقيا وإندونيسيا وناميبيا وكوبا مشاريع القرارات نيابة عن الدول الراعية للقرارات التي اعتمدت جميعها بأغلبية تصويت الدول الأعضاء.
وفي القرار الخاص بأونروا فقد صوتت 164 دولة لصالح القرار وعارضته 6 دول وامتنعت 5 أخرى، وفي هذا القرار، فإن الجمعية العامة تقرر النظر في زيادة مخصصات الأونروا في الميزانية العادية للأمم المتحدة تدريجيًّا.
ويناشد القرار بقوة، جميع الحكومات والمنظمات والأفراد التبرع بسخاء للوكالة، وللمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية المعنية الأخرى.
وفيما يتعلق بالقرار المُعنون "تقديم المساعدة إلى اللاجئين الفلسطينيين"، فقد صوت 165 دولة لمصلحته، وعارضته فقط (تل أبيب)، في الوقت الذي امتنعت فيه 10 دول، وورد في القرار أن الجمعية العامة تُدرك أن احتياجات اللاجئين الفلسطينيين تزداد في جميع ميادين العمليات، وتُعرب عن شديد القلق إزاء الحالة بالغة الصعوبة التي يعيشونها تحت الاحتلال، بما في ذلك ما يتصل بسلامتهم ورفاههم وأحوالهم المعيشية الاجتماعية والاقتصادية.
كما صوتت 160 دولة لصالح القرار المعنون "ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين والإيرادات الآتية منها"، بمعارضة 7 دول وامتناع 7 أخرى.
وبموجب هذا القرار، تُشير الجمعية العامة إلى أن "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، ومبادئ "القانون الدولي" يُقِرَّان بمبدأ عدم جواز تجريد أحد من ممتلكاتِه الخاصة تَعَسُّفًا، وتؤكد أن للاجئين الفلسطينيين الحق في ممتلكاتهم وفي الإيرادات الآتية منها وفقًا لمبادئ الإنصاف والعدل.
وتطلب من الأمين العام اتخاذ كل الخطوات لإنفاذ هذا القرار، ومن الدولة المحتلة أن تُقدم ما يلزم من تسهيلات ومساعدة لإنجاز ذلك.
وفي البند 47 المعنون "الممارسات والأنشطة الاستيطانية التي تَمسُّ حقوق الشعب الفلسطيني، وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة"، فقد صُوِّت على 3 مشاريع حازت الأغلبية وقد تمت إجازتها، وفيها تُقرر الأمم المتحدة وفقًا للمادة 96 من الميثاق، أن تطلب إلى "محكمة العدل الدولية"، عملًا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، أن تُصدر على وجه السُرعة فتوى بشأن مسألتين:
أولًا، ما الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك الاحتلال المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن الاحتلال طويل الأمد، واستيطانه، وضمها للأرض الفلسطينية، وتدابير تمييزية في هذا الشأن.
وثانيًا، كيف تؤثر الممارسات المذكورة أعلاه في الوضع القانوني للاحتلال.
كما صدرت قرارات تطالب اللجنة المختصة بحقوق الشعب الفلسطيني بحشد التضامن والدعم الدوليين لقضيته العادلة، وقرار آخر يطلب من "شعبة حقوق الشعب الفلسطيني" بالأمانة العامة، بتكريس أنشطتها لإحياء ذكرى "النكبة" الخامسة والسبعين، بما في ذلك، إقامة حدثٍ رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة في 15 أيار 2023، ويدين نص القرار كذلك قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ويدعو إلى المساءلة، ويرحب بقرار تسمية برنامج الأمم المتحدة التدريبي للصحفيين الفلسطينيين باسمها تكريمًا لها.
وتتوالى القرارات الأممية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وقد اعتمدت اللجنة الثالثة للجمعية العامة قرارًا يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره حين صوتت 167 دولة لصالح القرار، وعارضته 5 دول، وامتنعت 7 دول عن التصويت.
ويؤكد القرار "ضرورة ممارسة الشعب الفلسطيني، في جميع أماكن وجوده، حقه في تقرير مصيره ونيل حريته، كما كفلت له ذلك كل الشرائع الدولية، واعتبار ذلك شرطًا أساسيًّا لتحقيق حل عادل وشامل لقضية فلسطين بكل جوانبها".
كما أصدرت الجمعية العامة قرارًا لصالح فلسطين حول السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية، الجمعة الماضية، وصوتت لصالحه 156 دولة، في حين عارضته 7 دول، وامتنعت 15 دولة.
وتأتي هذه القرارات، تتويجًا لنضال الشعب الفلسطيني، الذي يُعمد تاريخه بالدم، ولتؤكد التفاف المجتمع الدولي واتساع إسناده دعمًا للحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، التي ستمهد لعزل هذا الكيان الخارج عن القانون، الذي ينتهك كل الشرائع، ولإسقاطه مرة وإلى الأبد، كما جرى تمامًا لنظام التمييز العنصري في دولة جنوب إفريقيا عام 1994.
كما قالت الأمم المتحدة، إن قوات الاحتلال قتلت 150 مواطنًا فلسطينيًّا في الضفة الفلسطينية المحتلة منذ بداية العام الجاري، بينهم 33 طفلًا، وأدان 3 خبراء أمميين القوة المفرطة التي تستخدمها القوات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني.
ونشر الموقع الإلكتروني لمكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانًا، تحدث فيه عن عدد الشهداء، كما أدان الخبراء الأُمميون تفشي عنف المستوطنين واستخدام قوات الاحتلال القوة المُفرطة، ما جعل عام 2022 الأكثر دموية منذ عام 2016.
وحمل البيان تواقيع كل من فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة منذ عام 1967، وموريس تيبال بينز، المُقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء، أو بإجراءات تعسفية أو موجزة، وكليمان فولي، المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
وأضاف الخبراء الأمميون في بيانهم أنهم يُذَكِّرون الاحتلال "بأنه في انتظار تفكيك احتلاله غير القانوني، ويجب معاملة الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، كأشخاص محميين، وليسوا أعداء أو إرهابيين، وأوضح البيان نفسه، أن المستوطنين المسلحين والملثمين، يهاجمون المنازل، والأطفال في طريقهم إلى مدارسهم، ويدمرون الممتلكات، ويحرقون بساتين الزيتون، ويُرهبون مجتمعات بكاملها، مع الإفلات التام من العقاب، وأشار الخبراء إلى الأدلة المُقلقة على قيام قوات الاحتلال في كثير من الأحيان، بتسهيل ودعم المشاركة في هجمات المستوطنين، بما يَصْعُبُ معه التمييز بين إرهاب المستوطنين و"عُنف الدولة".
ووسط مخاوف جِدية للكيان الاستيطاني، قامت الممثلة الأممية الخاصة بالأطفال والنزاعات المُسلحة، فرجينيا غامبا، بزيارة استطلاعية إلى الضفة الغربية وكيان العدو.
وتأتي الزيارة في إطار الإطلاع من قرب على أوضاع الأطفال الفلسطينيين، ورفع تقرير للأمين العام للأمم المتحدة حول الانتهاكات بحقهم، وتمت الزيارة بالتزامن مع استشهاد الفتاة الفلسطينية جنى حين اقتحم العدو جنين، وكان رئيس وزراء العدو المنتهية ولايته يائير لابيد قد صرح قبل أيام بأنه لن يسمح أبدًا بالتحقيق مع جنوده أو التشهير بأولئك القتلة.
الأمم المتحدة، بأغلبية دولها ومؤسساتها، تتحرك جماعيًّا بشكل غير مسبوق لكبح جماح هذا الكيان الخارج عن كل النواميس، الذي يمارس خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وجرائم حرب ضد الإنسانية، وحرب إبادة لا تتوقف منذ قبل قيام معسكر العصابات الفاشية عام 1948، والسؤال الذي بدأت تُثيرهُ جديًّا عديد الدول والمؤسسات التي تُعنى بحقوق الإنسان، هل سَيُدرج هذا الكيان على قائمة العار؟ وهل بدأ فعلًا زمن تتبير ما علو تتبيرًا؟