- قرار زيادة غلة الجنود الأسرى ما زال ساري المفعول لدى "القسام"
- المقاومة المتصاعدة في الضفة الأهم في 15 عامًا مضت ولها تداعيات إستراتيجية
- ردنا على التهديدات لغزة هو ما سيراه الاحتلال إن أقدم على أي حماقة
- التطبيع معركة خاسرة ومخاطرة كبيرة ولن ينجم عنه سوى العار
أكد الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس "أبو عبيدة"، أن تهديدات الاحتلال وقادة مستوطنيه بزيادة اقتحامات الأقصى وصولًا إلى السيطرة على الحرم المقدسي، خطيرة وتحتاج إلى حالة استنفار لشعبنا وأمتنا لحماية مسرى نبيهم، وتشير إلى طبيعة التركيبة الإجرامية التي وصلت إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال.
وقال أبو عبيدة في حوار صحفي خاص بذكرى انطلاقة حركة حماس تنشره عدد من المؤسسات الإعلامية ووكالات الأنباء بالتزامن من بينها "صحيفة فلسطين": "إن هذا الإجرام وهذا الجنوح للتطرف الكبير الذي يعيشه الكيان، هو بداية زواله وتتبيره على أيدي المؤمنين المرابطين والمقاومين".
وعد الحراك المقاوم المتصاعد في الضفة الغربية المحتلة في الأشهر الأخيرة، "هو الأهم في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، وسيكون له تداعيات إستراتيجية على مستقبل الكيان الصهيوني"، في حين قال عن التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشن عدوان واسع على قطاع غزة: إن "الرد هو ما سيراه الاحتلال إن أقدم على أي حماقة".
ملف صفقة التبادل
وأكد أبو عبيدة أن قرار زيادة غلة الجنود الأسرى ما زال ساري المفعول في كتائب القسام، وهو تحت التنفيذ في ظل تعنت الاحتلال في ملف تبادل الأسرى، وقال: إن "العدو سيندم على تعنته، وخياراتنا مفتوحة" حول هذا الملف.
وقال أبو عبيدة للأسرى في سجون الاحتلال: "أنتم أيقونة حاضرة في كل تفاصيل عملنا الجهادي، وأولوية لا تزاحمها أولوية، وإن قرار تحريركم وفك قيودكم لا رجعة عنه، وإخوانكم في قيادة القسام والمقاومة لا يدخرون جهدًا ووقتًا وتخطيطًا من أجل حريتكم، فحريتكم دَينٌ وقرار، وتحية لكم ولصمودكم وعطائكم، وموعدكم حرية وفرج".
وكان رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار تحدث في كلمته في مهرجان انطلاقة حركة حماس الـ35 بغزة الأربعاء الماضي، عن الشروط التي وضعتها حركته في آخر مفاوضات لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، قبيل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.
وتتمثل هذه الشروط في الإفراج عن معتقلي صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، والأسيرات والأسرى الأطفال والأسرى المرضى وعلى رأسهم الأسير القائد في كتائب شهداء الأقصى ناصر أبو حميد، والأسير القائد في الجبهة الشعبية وليد دقة، إضافة إلى الأسرى القدامى والجثامين المحتجزة.
وأوضح السنوار أن حماس اشترطت ذلك مقابل تسليم الاحتلال كلًّا من جنوده "إبراهام منغستو" و"هشام السيد" ومعلومات عن "صندوقين أسودين، إما جثامين الضابط هدار غولدن وشاؤول أرون وإما دليل حياتهما، ثم نكمل كما كان في صفقة شاليط".
وأكد السنوار أن المفاوضات مع الاحتلال انقطعت بسبب الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. وتابع: "سنمهل الاحتلال وقتًا محدودًا لإتمام هذه الصفقة، وإلا سنغلق ملف الجنود الأربعة إلى الأبد، وسنجد طريقة أخرى لتحرير أسرانا".
تصاعد المقاومة بالضفة
وحول الحراك المقاوم المتصاعد في الضفة الغربية المحتلة في الأشهر الأخيرة، قال أبو عبيدة: إن كتائب القسام ترى أن هذا الحراك "هو الأهم في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، وسيكون له تداعيات إستراتيجية على مستقبل الكيان الصهيوني"، عادًّا المقاومة بالضفة "حالة طبيعة للرد على العدوان والتأسيس لمرحلة التحرير القادم".
وأضاف أن كتائب القسام "تنظر ببالغ التقدير لشبابنا وأهلنا في الضفة وهم يسطرون ملاحم بطولية يقف كل الشرفاء أمامها احترامًا وإجلالًا وافتخارًا".
ووجه أبو عبيدة رسالة إلى شعبنا وشبابنا في الضفة والقدس والداخل المحتل، "أن استمروا في تصعيد المقاومة فنحن أمام معركة وجود وحق وتاريخ ومستقبل، وإنما النصر صبر ساعة، وأن غرس الشهداء على الرغم من الألم سينبت ثورة ونصرًا محققًا بعون الله، ونقول لهم بأن عملكم البطولي والنوعي والمتجدد، يشكل الكابوس المرعب للمحتل، فباغتوا عدوكم واخرجوا له من حيث لا يحتسب، وستجدون مقاومتكم وكتائبكم عند حسن ظنكم وأكثر بعون الله تعالى".
وأكد أن العمل الجهادي المقاوم بكل أشكاله، وفي طليعته العمل العسكري، يشكل الأولوية القصوى لقيادة حركة حماس، مضيفًا: "بفضل الله فإن حماس وبعد 35 عامًا من انطلاقتها تحافظ بقوة على خطّها الإستراتيجي الذي انطلقت من أجله وهو المقاومة ومراكمة القوة وتفعيل كل أدوات المقاومة الممكنة، بكونها حركة تحرر في مواجهة احتلال بغيض".
تهديد غزة
وبخصوص التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشن عدوان واسع على قطاع غزة، قال أبو عبيدة: "الرد هو ما سيراه الاحتلال إن أقدم على أي حماقة".
وبيّن أن معركة سيف القدس "شكلت الصاعق الذي فجر طاقات كامنة وأزاح الرماد عن جمر متوقد في الضفة المحتلة والقدس وفي فلسطين المحتلة عام 48، وكانت معركة سيف القدس نموذجًا ملهمًا بفضل الله تعالى".
وقال أبو عبيدة تعقيبًا على تصريحات وزير جيش الاحتلال بيني غانتس بأن حركة حماس سجلت إنجازًا لها في معركة سيف القدس، إذ تركت جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الإسرائيلية: "هذا جزء مما تعترف به قيادة العدو العسكرية، وهذا يؤكد صوابية قرار قيادة المقاومة والقسام في خوض هذه المعركة وإدارتها، ويؤكد عمق الجرح والأثر الذي تركته هذه المعركة المباركة في ذاكرة الاحتلال ووعيه".
وأكد أن المعركة الأمنية وصراع الأدمغة التي تقودها كتائب القسام ضد الاحتلال مستمرة ومتواصلة ولا تتوقف، وحققت المقاومة فيها إنجازات على مدار الوقت، وهي معركة مفتوحة بطبيعة الحال، "نظرًا لأنَّ معركتنا مع الاحتلال مفتوحة ودائمة".
وأضاف أبو عبيدة أن المقاومة الفلسطينية "جعلت غزة أرضًا حرامًا على المحتل" بموجب معادلات تشكلت في السنوات الأخيرة بصمود شعبنا وتضحياته وبالإرادة المقتدرة من قيادة كتائب القسام والمقاومة، مشيرًا إلى أبرز هذه المعادلات التي تتضمن تمكين غزة كقاعدة عمل عسكري وتسلّح وإعداد للمقاومة بكل أطيافها، وصولًا إلى ترسيخ معادلات ربط الفعل المقاوم بالقضايا الوطنية الكبرى كقضية القدس والأسرى.
وتابع: "نحن في مرحلة تحرر والمعركة مع الاحتلال طويلة وممتدة ومعقدة ومتعددة الجبهات والآليات والوسائل، ونحن نخوض مع شعبنا بكل أطيافه الفعل المقاوم على مدار عقود، وشعبنا بصموده فرض ولا يزال يفرض معادلات القوة والندية والتحدي للمحتل".
محطات فارقة
وتحدث أبو عبيدة عن أبرز المحطات الفارقة التي مرّت بها كتائب القسام وشكّلت نقلة نوعية في العمل العسكري المقاوم، وأولها مرحلة مخاض التأسيس المهم والإستراتيجي في حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وأبرزها نموذجها الشهيدان عماد عقل ويحيى عياش، ثم مرحلة إطلاق التصنيع العسكري المحلي في مرحلة التسعينيات، ثم محطة انتفاضة الأقصى والنقلة النوعية في العمل العسكري على صعيد التصنيع والإعداد والعمليات النوعية على امتداد خريطة الوطن (2000-2005)، وصولًا إلى دحر الاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة.
وشهدت الكتائب بعد ذلك تأسيس العمل العسكري المقاوم المنظم في غزة من حيث مأسسة الجهاز العسكري وتطوير أدوات وآليات العمل والتنظيم القتالي، وصولًا إلى خوض معارك فارقة ومهمة مع الاحتلال وفرض قواعد اشتباك وتعزيز حضور المقاومة ومراكمة قوتها وهي فترة امتدت بين عامي (2005–2022)، ومن أبرز ملامح هذه المرحلة عملية الوهم المتبدد وصفقة وفاء الأحرار، وأخيرًا تأسيس الغرفة المشتركة مع فصائل المقاومة الفلسطينية الشريكة في مقاومة الاحتلال.
وتابع أن تأسيس الغرفة المشتركة "هو سابقة في التاريخ المقاوم الحديث، وإن شعور مجموع قوى شعبنا المقاومة، والأجنحة العسكرية للفصائل بوحدة الهدف والمصير ووحدة الدم هو ما سهّل إنشاء الغرفة المشتركة كمنجز وطني مهم".
وأشار إلى أن البيئة التي وفرتها قيادة الحركة والقسام للمقاومة في غزة رسخت أهمية هذا العمل المنسق والمتناغم بين قوى المقاومة بكل خلفياتها التنظيمية، مضيفًا: "إن شركاءنا ورفاق الدرب والسلاح في الغرفة المشتركة يساهمون في تطوير آليات العمل في الغرفة المشتركة بما يحقق الكفاءة والتقدير الصحيح في إدارة المعركة مع الاحتلال بعون الله".
هيكلية عمل الكتائب
وحول الهيكلية التي تعمل بها الكتائب، قال أبو عبيدة إن كتائب القسام تعمل وفق تنظيم قتالي هرمي، يبدأ بقيادة الألوية والأركان، إذ تتشكل القوات الميدانية من ألوية وكتائب وسرايا وفصائل ومجموعات وصولًا إلى المجاهد في التشكيل القتالي، وتشمل الأركان: ركن العمليات، وركن الأسلحة، وركن التصنيع العسكري، وركن الاستخبارات، وركن القوى البشرية، وركن الجبهة الداخلية.
وأوضح أنه وفي كل ركن وتشكيل ميداني تتفرع الأسلحة والتخصصات المنضوية تحت هذا الهيكل التنظيمي، كسلاح المدفعية وسلاح مضاد الدروع وسلاح البحرية وسلاح الجو وسلاح الهندسة وسلاح القنص وسلاح الإشارة والإعلام العسكري، وقوات النخبة ووحدات الأنفاق والطبية العسكرية والتعبئة وغيرها.
ونبه إلى أن كتائب القسام وبعد 35 عاما من انطلاقة حماس، تشكل نواة جيش التحرير التي لا يمكن أن تخطئها عين، وباتت رقمًا صعبًا في معادلة الصراع، وهي تقف على أرض صلبة كقوة لشعبنا وصمام أمان وسيف مشرع في وجه الاحتلال ورأس حربة في مسيرة شعبنا وأمتنا نحو التحرير والعودة.
التطبيع والدعم
وحول موجه التطبيع العربية الأخيرة مع دولة الاحتلال، أكد أبو عبيدة أن استماتة بعض الأنظمة في دمج هذا الكيان في وعي وحاضر ومستقبل أمتنا "هي معركة خاسرة، ومخاطرة كبيرة، لن ينجم عنها سوى لعنة التاريخ وعار الدهر"، وقال إن كتائب القسام "مطمئنة إلى أن شعوب أمتنا وقواها الحية ليس في قاموسها الاعتراف أو التطبيع مع هذا الكيان الاحتلالي البغيض".
وأضاف: "لقد أوصلت جماهير أمتنا رسالتها لنا ولكل العالم في كل المحافل والمناسبات والساحات، بأن هذا الاحتلال إلى زوال ولا مكان له في أرضنا ولا في وعي شعوبنا".
وبخصوص رسالة الكتائب لعلماء العرب والمسلمين ودورهم في دعم المقاومة، قال: "رسالتنا للعلماء والدعاة والمصلحين، بأن قضية فلسطين والقدس والأقصى المبارك وما يتعرض له من انتهاك وعدوان صارخ هي أمانة في رقاب كل صاحب علم وكلمة وتأثير، وإنّ واجب الوقت اليوم هو الذود عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وإنّ أهل الثغور في فلسطين يعملون الليل والنهار من أجل كرامة هذه الأمة في وجه عدوها الأوحد ويقيمون فريضة الجهاد التي نكص عنها غالبية أولي الأمر في بلاد الإسلام للأسف".
وأضاف أبو عبيدة في رسالته للأمتين العربية والإسلامية: "كونوا لإخوانكم المجاهدين والمقاومين سندًا ونصيرًا، واشحذوا سيوف أقلامكم في اتجاه المعركة الأهم، ووجهوا الطاقات الكامنة والكبيرة في هذه الأمة نحو فلسطين، وصوب معركة اقتلاع هذا المرض الخبيث من قلب الأمة، بدلًا من التطاحن والتنازع والفرقة والمعارك الجانبية التي لم تزد أمتنا إلا وهنا وتراجعًا، وأعطت الوقت لأعدائنا ليصلوا إلى مرحلة خطيرة من المساس بأقدس مقدسات أمتنا".