قائمة الموقع

في قرية "خشم الكرم".. مقومات حياة مفقودة لا تكسر سكانها

2022-12-17T11:54:00+02:00
قرية خشم الكرم

كغيرها من القرى في مسافر يطا تعاني "خشم الكرم" ظروفًا معيشية لا إنسانية تحت الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه الذين يُضيقون على السكان بكل الطرق لدفعهم لترك أراضيهم نهبًا للاستيطان المتسارع، الذي يلتهم الأرض شيئًا فشيئًا.

باتت أبسط الحقوق في تلك القرية حُلمًا، فالتعليم محفوفٌ بالمخاطر داخل خيام لا تقي الطلاب برد شتاء ولا حر صيف، ولكنها تبقى بالنسبة لهم أفضل من قطع مسافات طويلة في منطقة صحراوية معزولة عن محيطها حيث لا يوجد خط مواصلات منها وإليها.

قبل نحو شهر لجأ أهالي القرية إلى بناء غرف صفية وبعد أن قارب العمل فيها على الانتهاء، باغتتهم قوات الاحتلال بقرار هدم المدرسة بدعوى أنها تقع في منطقة "إطلاق النار"، ما يعني أن 46 طالبًا، 34 منهم يتلقون التعليم الأساسي من الصف وحتى الرابع، و12 في المرحلة التمهيدية أصبحوا في العراء، وفق مدير المدرسة محمد أبو ملش.

ويقول إنه في حال حدث السيناريو الأسوأ وهو هدم المدرسة، فإن هذا يعني وضع عقبات كبيرة أمام تلقي هؤلاء الطلاب لتعليمهم، فسيضطرون للسير لمسافات طويلة في حر الصيف وبرد الشتاء من أجل الوصول لأقرب مدرسة إليهم والتي تبعد عنهم ثلاثة كيلومترات، أما الآن فالمسافة بينها وبين أبعد منزل في القرية لا تتجاوز نصف الكيلومتر.

ووفق رئيس مجلس قروي خشم الكرم إبراهيم الهذالين، فإن هذه المعاناة في تحصيل التعليم جزء بسيط من معاناة أهالي القرية التي تعكس ما تقاسيه سبعة تجمعات بدوية واثنتا عشرة قرية تقع في مسافر يطا جنوب الضفة الغربية ويسكنها قرابة 8000 مواطن فلسطيني.

إزالة ومصادرة

ويبين أن القرية ممتدة على مساحات واسعة ما بين الجنوب الشرقي والجنوب الغربي للضفة الغربية، بشكل محاذٍ للأراضي المحتلة عام 48م، ولها موقع إستراتيجي بالنسبة للاحتلال، ما يجعله يقوم بإجراءات عديدة للتضييق على حياة السكان كي يدفعهم لترك أراضيهم.

ويبين أن "خشم الكرم" تجمع بدوي تسكنه أربعون أسرة، محرومون من جميع أشكال الخدمات، فلا طرق معبدة، ولا أسواق، حتى المسجد والمدرسة الوحيدان سلمهم الاحتلال إخطارات بهدمهما.

ويرفض قضاء الاحتلال التماس أهل القرية ضد إزالة المسجد، مؤكدًا قرار الإزالة نهائيًّا، ما يعني أنه سيُهدم في أي لحظة.

ويلفت الهذالين إلى أن الاحتلال يضغط على القرية كثيرًا محاولًا تهجير أهلها وكسر قدرتهم على الصمود والثبات عبر عدة أساليب منها مصادرة الأراضي بحجج عسكرية.

ويضيف: "وضع الاحتلال يده على آلاف الدونمات بحجة أنها أراضي دولة، بجانب أراضٍ أخرى منحها للاستيطان الرعوي، إذ يقوم المستوطنون بإنشاء بؤر استيطانية يضعون من خلالها أيديهم على مساحات شاسعة من الأراضي لرعاية مواشيهم".

ويتابع: "فمعلوم أن منطقتنا يعتمد المواطنون فيها في حياتهم على الرعي، جاؤوا لينافسوهم في لقمة عيشهم وحرموا المواطنين من رعي أغنامهم في الجبال المحيطة بالقرية، وأقاموا "البركسات" للمستوطنين".

ولم تسلم حتى البيوت من الهدم، فالاحتلال لا يمنح مواطني القرية مطلقًا "بذريعة وقوعها في مناطق "ج"" تراخيص بناء، ثم يأتي لهدم بيوتهم بداعي عدم الترخيص، "أغلب البيوت في القرية يوجد لديها إخطارات هدم، ما يعني أن سكانها قد يكون مصيرهم إلى العراء في أي لحظة، فهذا الأمر يمثل جرحًا نازفًا بالنسبة لأهل المنطقة".

يمنعون من الترميم

ويشير الهذالين إلى أن سكان القرية يقعون بين عجز السلطة عن مساعدتهم فهي لا تمتلك أي سلطات في منطقتهم، وبين تضييق الاحتلال عليهم إذ لا يمكنهم حتى ترميم منازلهم!

ويستدرك بالقول: "ولم يكتفوا بذلك فحتى الأراضي التي وضعوها ضمن مخططات هيكلية للقرى "بحيث يتم البناء داخلها فقط" يمنعوننا حاليًّا من البناء والترميم فيها".

وعمد الاحتلال لبناء معسكر جيش في جنوب القرية بحيث يتحكم في حركة المواطنين اليومية ويتعرضون في أثناء المرور عليه للتفتيش والاعتقال،" لقد شلوا الحركة من وإلى القرية، فهم يصادرون المركبات بدعوى عدم الترخيص وحتى السيارات المرخصة صادروها".

ويعتمد سكان القرية البالغ عددهم 400 مواطن في تدبير شؤون حياتهم على الأسواق والمرافق في يطا والخليل، لكن المسافة بينهما طويلة وتستغرق وقتًا للوصول إليها، كما يتجنب السائقون مخاطرة المجيء إلى مناطقنا.

ويشير الهذالين إلى أنه وبجانب ذلك فإن هناك مؤسسة إسرائيلية اسمها "ريغافيم" تنفذ أعمال تصوير جوي يوميًا لمراقبة تحركات أهالي القرية ورصدها وتكتب تقارير يومية لجيش الاحتلال بأي تطورات على أرض "خشم الكرم"، فلا يستطيع أي مواطن البناء أو تغيير شيء في بيته.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن ما يسمى سلطة "حماية الطبيعة الإسرائيلية" التي من المفترض أن يكون عملها في الداخل المحتل، تضع يدها على الكثير من الأحراج وتضع سورًا في المنطقة، وتسمح للمستوطنين فقط برعي مواشيهم فيها، وأي فلسطيني يُضبط في المكان يُغرم غرامات باهظة وتُصادر مواشيه، كما يشرح الهذالين.

ويمضي الهذالين بالقول: "عدا عن طبيعة المستوطنين العدوانية وبطشهم بالمواطنين ومخالفات جيش الاحتلال الباهظة واقتحامهم للبيوت، فجميع البيوت هنا تقريبًا تسلم أصحابها إخطارات بالهدم".

اخبار ذات صلة