استضافت حركة حماس مختلف القوى الفلسطينية في مهرجان إحياء الذكرى الـ35 لانطلاقتها، واستُقبلت هذه القوى بحفاوة كبيرة وتصدرت المقاعد الأولى في المهرجان، وكان لها كلمة مركزية سبقت كلمة حركة حماس، كل ذلك وأكثر ظهر خلال هذه المناسبة الوطنية التي ضمت مئات الآلاف من أبناء شعبنا في عرس وطني خطف الأنظار والعقول وتصدر شاشات الإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وأظهر الفارق بين طريقة التعامل مع هذه القوى في الضفة وقطاع غزة في ظل النجاحات المتكررة لحركة حماس على الصعيد الوطني.
هذا المشهد اليوم لم يكن نتاج اللحظة بل ثمرة جهود كبيرة ومتواصلة بذلتها الحركة على مدار سنوات وكانت تفرز لنا في كل محطة شكلا مميزا من أشكال الوحدة الوطنية كان أبرزها تشكيل (الغرفة المشتركة) لفصائل المقاومة في غزة، فضلًا عن عشرات الهيئات واللجان المشتركة التي وضعت برامج عمل وحددت مسارات وطنية للتعاطي مع ملفات عدة (دعم القدس والأقصى، وإسناد الـ48، ونصرة أهلنا في الضفة، وفك الحصار، الانتخابات، ومسيرات العودة، ومواجهة صفقة القرن)، وغيرها من القضايا التي استطاعت فيها الحركة حشد المجموع الوطني خلف موقف موحد يضمن خدمة المشروع الوطني وحماية شعبنا الفلسطيني في مواجهة التهديدات والتحديات المتصاعدة، الأمر الذي أكسب الحركة مكانة متقدمة عند جماهير شعبنا وعند مختلف القوى الفلسطينية.
لكن وعلى النقيض مما يحدث في غزة، فإن المجموع الوطني بمختلف مكوناته يتعرض اليوم في الضفة الغربية لحملات استهداف ممنهجة بلغت مستوى وحشيًّا في التعامل مع الكوادر والنشطاء وفعاليات الفصائل الفلسطينية على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التي تعطي الضوء الأخضر لهذه الأجهزة لتنفيذ عمليات (ملاحقة، ومداهمة، واعتقال، ومنع الفعاليات)، فضلًا عن الاعتداء المباشر على مختلف الكوادر الوطنية في مناسبات عدة وكان أكثرها إيلامًا الاعتداء على الأسرى المحررين وتحطيم بيوت العزاء وتمزيق رايات الفصائل والهجوم على حفلات استقبال الأسرى المحررين وغيرها من المشاهد الصادمة التي لم تتوقف للحظة في الضفة الغربية على الرغم من كل المناشدات الوطنية لقيادة السلطة بالتوقف عن هذه الممارسات العدوانية.
وليت الأمر بقي عند هذا الحد، فقد تورطت هذه الأجهزة في عمليات بالغة الخطورة كان منها تصفية وقتل مناضلين فلسطينيين ومعارضين لها في الضفة الغربية، سواء بالتعذيب حتى الموت داخل السجون، أو بإطلاق الرصاص عليهم من خلال مجموعات خاصة تابعة لهذه الأجهزة في مناسبات عدة، الأمر الذي أدى لمقتل بعضهم وإصابة آخرين منهم بإعاقات دائمة، فضلًا عن تهديد آخرين بالقتل عند الاستمرار في معارضة سياسات السلطة ومشروعها الاستسلامي التصفوي، الأمر الذي دفع عددًا من القيادات والكوادر الوطنية لمغادرة الضفة الغربية إلى مناطق أخرى منها قطاع غزة لكونها البيئة المثالية لممارسة كل أشكال العمل الوطني.
وعليه وإزاء ما يحدث في الضفة الغربية فإن المسؤولية الوطنية تحتم على قيادة السلطة وحركة فتح القيام بما يأتي:
1/ نقل تجربة قطاع غزة إلى الضفة الغربية وإجراء معالجات وطنية عاجلة لترميم العلاقة مع مختلف القوى والفصائل الفلسطينية بعد أن تم تمزيق هذه العلاقة على مدار السنوات الماضية.
2/ الوقف الفوري لكل أشكال الملاحقة والاستهداف للكوادر والقيادات والنشطاء من كل الفصائل وعدم مهاجمة أي فعاليات وطنية بأي صورة كانت.
3/ توفير الدعم اللازم لمقاومة شعبنا بكل أشكالها وإسنادها في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتصاعد بحق الشعب الفلسطيني وعدم ملاحقة أي من كوادر المقاومة.
4/ رفع كل الإجراءات الانتقامية التي فرضت على أهلنا في قطاع غزة من قبل قيادة السلطة والتحرك فورًا للتخفيف من الحصار المفروض على أهلنا في قطاع غزة.
5/ الإفراج عن الأسرى في سجون السلطة على خلفية سياسية والتوقف عن استهداف المعارضين وتوفير مساحات إضافية للتعبير عن الرأي والسماح بعودة عمل المؤسسات التي أغلقت تحت وطأة التهديد.