على الرغم من فقده البصر وكلتا يديه، لم يتوانَ الجريح زكريا العديني، ولو للحظة عن المشاركة في مهرجان الانطلاقة الـ35 لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الذي أقيم أمس في ساحة الكتيبة بمدينة غزة.
ومنذ ساعات الصباح الباكر انطلق العديني من منزله في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، وصولًا إلى ساحة الكتيبة للمشاركة في مهرجان الانطلاقة، غير آبهٍ لإصابته.
اقرأ أيضاً: مُحرَّرون: مشاركتنا بمهرجان انطلاقة حماس لتجديد العهد والبيعة لها
وقال العديني، الذي أصيب قبيل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005م، في مَهمة جهادية، بتحدٍ: "إن إصابتي لن تمنعني من المشاركة في مهرجان الحركة الذي يؤكد مواصلة طريق التحرير".
وبين الفينة والأخرى يميل العديني برأسه إلى اليسار ليستمع من زميله الجريح محمد الحسنات، إلى ما يراه حوله من مشاهد، وعلامات الفرح التي تظهر على وجه الأول ليهتف قائلًا: "بالروح بالدم نفديكِ يا حماس".
يقول العديني إلى صحيفة "فلسطين": "إن مشاركتي في مهرجان الانطلاقة هي رسالة للاحتلال الإسرائيلي وحكومته المتطرفة بأنني مع المقاومة قلبًا وقالبًا ولن أتخلى عنها".
وما إن بدأت فقرات الحفل ظهرت الابتسامة على وجه العديني، وهو يستمع لزميله الذي يحدثه عما يراه أمامه من مشاهد حشود وفقرات استعراضية تضمنها المهرجان.
ويحاول الحسنات، الذي يجلس على كرسي متحرك يساعده في التنقل بعد أن بترت قدماه، في العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2008- 2009، الالتفات يمينًا ويسارًا ليرصد مشاهد الحفل أولًا بأول، ويخبر زميله بها، متحدثًا إلى صحيفة "فلسطين": إننا صامدون ثابتون على أرضنا ولن نتخلى عن مقاومتنا مهما كلفنا ذلك من ثمن".
وأضاف بتحدٍ: "لن نستسلم للاحتلال ونحن صامدون وثابتون، ولن ننكسر، وسنشارك في الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين كل فلسطين".
وعلى مقربة من الحسنات، يجلس الجريح محمد النجار، على كرسي متحرك من جراء إصابة تعرض لها عام 2008م، نجم عنها بتر في كلتا رجليه، وإصابته في معظم أنحاء جسده.
وقال النجار، وهو من سكان مدينة خان يونس جنوب القطاع: إنّ مشاركتي في المهرجان تأكيد أن الجرحى يملكون القوة والعزيمة لمواصلة طريق التحرير، بالرغم مما يتعرضون له من جراح وإعاقات بسبب الاحتلال.
وأضاف النجار، الذي تعرض منزله للقصف خلال عدوان 2014م: نحن مع المقاومة حتى آخر يومٍ في حياتنا، فجراحنا وإصابتنا لن توقفنا عن مواصلة طريق التحرير، مُعربًا عن اعتزازه، وفخره بحركة حماس وجيشها، مضيفًا: "فهي رأس حربة المقاومة".
اقرأ أيضاً: ماذا قال المشاركون في "عرس انطلاقة حماس 35"؟
وإلى جوار النجار، يتكئُ الجريح ظريف الغرة، على عكازين، وبدا غيرَ متوازن في مشيته، لكنه أظهر عزيمته وإصراره على المشاركة في المهرجان رفقة الجرحى، مؤكدين دعمهم لحماس ولمشروع المقاومة.
وقال الغرة بصوت مرتفع لمراسل صحيفة "فلسطين": سنبقى نقاوم ونجاهد حتى تحرير فلسطين كل فلسطين، ولن تمنعنا إصابتنا وجراحنا عن مواصلة المقاومة حتى طرد الاحتلال من أرضنا.
وأضاف الغرة: إن مشاركة الجرحى في المهرجان تغيظ الاحتلال الذي حاول تحييدنا عن العمل المقاوم، لنؤكد أننا ثابتون متمسكون بخيار المقاومة والبندقة ولن نتخلى عنها حتى تحرير أرضنا.
وأردف الغرة، المصاب بشلل في أطرافه السفلية، من جراء إطلاق قوات الاحتلال النار عليه مع بدايات انتفاضة الأقصى عام 2000م، وكان وقتها في الـ 15 من عمره: إننا ماضون على الدرب نفسه على الرغم من الجراح، ولن يثنينا الاحتلال عن مواصلة طريق التحرير.