حمل خطاب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، رسائل في اتجاهات عدة، شخّص فيها الحالة الوطنية، ورسم معالم المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالصراع مع الاحتلال مع قدوم حكومة إسرائيلية متطرفة.
من أبرز ما تضمنه خطاب السنوار خلال مهرجان انطلاقة حماس الـ35 بغزة أمس، أنّ حركته أدارت جولات تفاوض سرية عبر وسطاء مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل المضي في صفقة تبادل للأسرى.
اقرأ أيضاً: رسالة من يحيى السنوار إلى "عرين الأسود"
وأشار السنوار إلى أن حماس قدمت مطالبها، وهي الإفراج عن معتقلي صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، والأسيرات والأطفال والمرضى، وعلى رأسهم الأسير ناصر أبو حميد، والأسير وليد دقة، والجثامين المحتجزة والأسرى القدامى، مقابل أسيرين من أصل 4 جنود أسرى لدى المقاومة بغزة، هما: أبراهام منغستو، وهشام السيد.
وقال: "سنمهل الاحتلال وقتًا محدودًا لإتمام هذه الصفقة، وإلا فسنغلق ملف الجنود الأربعة إلى الأبد".
جواب حماس
يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل لـصحيفة "فلسطين": إن خطاب السنوار حمل جواب حماس بشأن التطورات الجارية فيما يخص الصراع مع الاحتلال، وقدوم حكومة الاحتلال المتطرفة الجديدة، والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية.
ورأى عوكل في قراءته لخطاب السنوار، أن قائد حماس بغزة وجه رسالة مهمة باستمرار وحدة أعمال المقاومة بالضفة والداخل المحتل، وهذا يجيب عمليا عن سؤال مهم له علاقة بمساحة الصراع مع (إسرائيل) الذي يمتد على كل أرض فلسطين التاريخية.
وعلق على إعلان السنوار أن حماس "ستمهل الاحتلال وقتا محدودا قبل إغلاق الصفقة إلى الأبد"، بالقول: إن ذلك يعطي أملا بإمكانية إبرام صفقة لتحرير الأسرى، لكنه ألقى الكرة بالملعب الإسرائيلي لأن الاحتلال هو المسؤول عن تعطيل إبرام الصفقة، مع تأكيد الإصرار على نهج تحرير الأسرى سواء باستثمار ملف الجنود الأربعة، أو بوسيلة أخرى لاحقا.
ولفت النظر إلى ما أكده السنوار بأن حماس لا تنوي الاستجابة لشروط اللجنة الرباعية الدولية بعدّه واحدا من الشروط التي طرحتها السلطة في رام الله سابقا لتشكيل حكومة وحدة.
وأشار عوكل إلى أن ساحة الكتيبة لم تتسع لجماهير حماس، وهذا يدل على تجديد الثقة الشعبية بالحركة، ودلالة على أنها تحظى بشرعية متزايدة على المستوى الشعبي.
من جانبه، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي د. أحمد المدلل إن خطاب السنوار شخَّص واقع القضية الفلسطينية وما وصلت إليه الحالة السياسية، وما يمارسه الاحتلال من جرائم ضد الشعب.
اقرأ أيضاً: أول تعليق من حركة فتح على كلمة يحيى السنوار في مهرجان انطلاقة حماس 35
وقال المدلل لـ"صحيفة فلسطين": "الواقع الذي نعيشه وتخلي العالم عنا، يدفعاننا لأن نعيد الحسابات جيدا، وهذا ما أراد السنوار تأكيده عندما تحدث أن مفاوضات التسوية وصلت إلى طريق مسدود، وطالب السلطة بالتزام ما اتُّفق عليه، وما صدر عن المجلس المركزي من قرارات، بالتحلل من اتفاق أوسلو".
دلالات عديدة
وبشأن ما كشفته كتائب القسام عن بندقية غنمها مقاتلوها خلال عملية أسر الضابط الإسرائيلي هدار غولدن وقت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014م، رأى الخبير في الشؤون الإستراتيجية والأمنية د.محمد العجرمي أن لهذا العرض "دلالات ومعاني كثيرة، ترك بعضها للاحتلال ليفهم معانيها، وهي واضحة له، في إشارة لما تمتلكه كتائب القسام".
وظهر مقاتل من كتائب القسام على منصة حفل انطلاقة حماس المركزي بغزة وبحوزته البندقية التي تحمل الرقم "42852351".
وقال المقاتل في كلمة مقتضبة: "إن هذه البندقية "كانت غنيمةً من غنائم هذا اليوم العظيم، اغتنمها مجاهدو القسام في أثناء عملية أسر الضابط هدار جولدن، لتكون هذه إشارة إلى خيبة جيشهم، وإلى ما يمتلكه مجاهدونا من رصيدٍ في هذا الملف المهم".
ورأى العجرمي خلال حديثه لـ"صحيفة فلسطين" "أن رسائل حماس والقسام ستضغط على حكومة الاحتلال لدفعها لالتزام ما تفرضه المقاومة، وأمامها تجربة وفاء الأحرار الأولى التي راوغت فيها مدة خمس سنوات، وكانت تتحدث عن محرمات إلى أن رضخت لشروط المقاومة".
المختص في شؤون المقاومة محمد حسونة قرأ بدوره ما عرضته "القسام" في سياق أن المقاومة تحاول تفنيد رواية الاحتلال بشأن مصير الجنديين هدار غولدن وشاؤول أرون، حيث يزعم أنهما "جثث هامدة".
وقال حسونة لـ"صحيفة فلسطين" إن هذه الرواية المزعومة بشأن مصير الجنديين تأتي في سياق تهرب الاحتلال من دفع استحقاق صفقة التبادل.
وأشار في النقطة نفسها إلى أن المقاومة تحاول اختراق جبهة الاحتلال والتفاوض من فوق الطاولة، لدفع عائلات الجنود للضغط على حكومتهم لاستعادة أبنائهم من غزة.
ونبه إلى أن تصريح السنوار يتقاطع مع تصريحات عسكرية عديدة صدرت من القسام، بمعنى أن عمليات أسر جديدة ستحدث إن فشل التفاوض.