استيقظت محافظة جنين فجر أمس على جريمة جديدة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي باغتيال ثلاثة مقاومين، هم: الشهيد صدقي زكارنة (29 عامًا) من الحي الشرقي في مدينة جنين، والشهيد عطا الشلبي (46 عامًا) من بلدة قباطية، والشهيد طارق الدمج (29 عامًا). وهذه ليست أولى جرائم الاحتلال الصهيوني ولا نهايتها ما دامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية مستمرة في فرض الوقائع اليومية على الأرض بعمليات الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية، والعربدة في الخليل، والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، فقد أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية على هذه الجريمة بعد إعدام ميداني بدم بارد خلال أقل من ٢٤ ساعة للشهيد عمار مفلح، والشهيد مجاهد النجار، إضافة إلى ثلة من الشهداء قضوا نحبهم في الضفة المحتلة في الأيام ماضية، وبكل صلف وتبجح يشكر لبيد الجندي القاتل المجرم.
إذاً الأمر ليس كما يدعي لبيد بأن قواته تنفذ عملية “كاسر الأمواج” التي بدأت مع نهاية شهر مارس الماضي، التي تركز بالأساس على جنين ونابلس، وأيضاً تنفذ في إطارها عمليات بمناطق أخرى، وزعم أن الغرض منها وقف الهجمات، وعلى ما يبدو أن الاحتلال بات على قناعة أن عمليات الاعتقال لن تكون رادعة للجيل الفلسطيني الجديد الذي كفر بسياسة السلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة، وغير الحامية له، وتتعاون مع الاحتلال أمنياً، وهو الآن وحده يتصدر المقاومة والمواجهة، ويلتحم مع الاحتلال الذي يستبق الأحداث، وينفذ الاغتيالات.
سلطات الاحتلال ترفض أي ادعاء قانوني ضدها لمحاسبتها على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، فبالأمس احتجت على دعوة قضائية قدمتها قناة الجزيرة لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، بشأن قضية قتل مراسلتها في جنين، شيرين أبو عاقلة، وقد أثبتت القناة بالأدلة القاطعة أن قوات الاحتلال مسؤولة عن قتلها مراسلتها، والسؤال المهم: لماذا تتخوف (إسرائيل) من القضاء الدولي؟ لأن الملاحقة القانونية لا تقتصر على مرتكبي الجريمة من الجنود فقط، وإنما كل من شارك فيها، سواء بالتخطيط أو إعطاء الأوامر أو السكوت عنها، حتى أن المسعفين والأطباء الإسرائيليين لا يقومون بدورهم الإنساني وفقا لما يمليه القانون الإنساني الدولي، ما قد يجعل منهم مشاركين غير مباشرين بالجريمة.
وكذلك فإن المبررات والأكاذيب جاهزة كالعادة لدى الاحتلال، فالواضح للعيان أن العمليات الفدائية داخل الخط الأخضر قد توقفت منذ مدة، وفي المقابل لم يتوقف الاحتلال الذي لم يكف عن القتل والتصفيات اليومية ضد الفلسطينيين، لأنه يريد هدوءًا مقابل تهويد وتعاون وتنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية في الضفة، وهذا لم يعد ممكنا حاليا ولم يحلم به مستقبلاً، بسبب تصاعد المقاومة، ويرى من جنين الحاضنة لها، لذا يركز الاحتلال على عمليات الاغتيال، بهدف تفريغ الساحة الفلسطينية من أي مقاومة، ليطول عمر الاحتلال.
إن الإعدامات الميدانية هي بحسب مراقبين فلسطينيين تأتي بدافع وتأييد من قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذين يمنحون جنودهم تصريحا بقتل الفلسطينيين أو إعدامهم ميدانياً بمجرد الشك، ويعود الاحتفاء الإسرائيلي بعمليات الاغتيال، إلى رغبة السياسيين الإسرائيليين في تسجيل نقاط في سجلهم السياسي، للاستفادة من هذه النقاط لاحقاً في الانتخابات الإسرائيلية، والقول إنّ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تفكر يوماً بوضع إستراتيجية للتعامل مع الفلسطينيين، غير الحكومة الحالية التي اقتنعت بأنه لا يمكن الوصول لحل وتدعم وجود الاحتلال والاستيطان.