فلسطين أون لاين

دعوا لترجيح كفة الاقتراض الإنتاجي  

تقرير اختصاصيون يحذّرون من نتائج الاقتراض البنكي غير المدروس على الاقتصاد

...
اختصاصيون يحذّرون من نتائج الاقتراض البنكي غير المدروس على الاقتصاد
غزة/ رامي رمانة: 

حذر اختصاصيون اقتصاديون، من مغبة نتائج الاقتراض البنكي غير المدروس، على الفرد والمجتمع، خاصة الموجه للاستهلاك، مبينين أن ذلك السلوك غير السليم لا يحقق مكاسب اقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.

ودعوا إلى تشكيل لجنة من سلطة النقد، والقطاع الخاص، وخبراء المال والاقتصاد لتقييم طلبات الاقتراض قبل منحها، على أن ترجح الدفة لصالح الاقتراض الإنتاجي، وأن توسع المصارف المحلية والوافدة في فلسطين من حجم التسهيلات الممنوحة لذلك النوع من الاقتراض، عن طريق خفض نسبة الفائدة وإطالة فترة السداد.

والقرض واجبٌ يدين به أحد طرفي المعاملة (المدين) إلى الطرف الآخر الذي يُسمى الدائن؛ وعادةً ما يشير ذلك إلى الأصول التي كان الدائن قد أعطاها للمدين، وفي نفس الوقت يمكن أن يستخدم هذا المصطلح على سبيل الاستعارة ليشمل الالتزامات الأخلاقية وغيرها من التفاعلات غير القائمة على القيمة الاقتصادية.

يؤكد الاختصاصي الاقتصادي د.أسامة نوفل، أن الاقتراض السليم ينبغي أن يتجه نحو شراء الأصول" الإنتاجية" لما له من مردود اقتصادي عظيم على الفرد والمجتمع.

وقال نوفل لصحيفة فلسطين: "إن هذا النوع من الاقتراض تتجه إليه دول العالم المتقدم، في حين أن دول العالم الثالث بما في ذلك فلسطين وعلى وجه الخصوص قطاع غزة، يتجهون للقروض الاستهلاكية التي ليس لها مردود في الأمد المتوسط والبعيد بل تصبح عبئًا على المقترضين.

واستدل الاختصاصي الفلسطيني، على خطورة الاقتراض البنكي الاستهلاكي بالخطأ الجسيم الذي وقع فيه غالبية موظفي السلطة الفلسطينية حينما توسعوا في هذا النوع من الاقتراض، الذي ذهب لشراء الأثاث والمركبات، ولم يعد بفائدة اقتصادية كبيرة، بل إنه كان سببًا في إدخالهم بأزمات مالية مركبة، تكشفت حين عجزت السلطة عن صرف لهم رواتب كاملة من جراء استقطاع الاحتلال أموال المقاصة.

وأشار نوفل إلى 70% من حجم اقتراض الأفراد البنكي استهلاكية جلها لطبقة الموظفين.

وحسب إحصائية حديثة صادرة عن سلطة النقد، بلغت قيمة القروض المتعثرة في فلسطين في نهاية الربع الثالث من عام 2022 حوالي (446.3) مليون دولار، بنسبة (4.11%) من إجمالي التسهيلات، مقابل ما نسبته (4.15 %) في عام 2021".

وبيّنت سلطة النقد أن أكثر القطاعات تعثّرًا هو القطاع الخاص حيث يحصد قطاع الزراعة والثروة الحيوانية النسبة الأعلى بنسبة (16.6%) إلى إجمالي التسهيلات الممنوحة للقطاع، يليه قطاع النقل والمواصلات بنسبة (11.8%)، يليه قطاع السياحة والفنادق والمطاعم بنسبة (8.7%)، ثم يليه قطاع التجارة العامة بنسبة (8.2%)، ثم قطاع الصناعة والتعدين بنسبة (4.8%).

كما وضحت سلطة النقد أن التعثّر في تمويل العقارات والإنشاءات (3.8%) من إجمالي التسهيلات الممنوحة لقطاع الإنشاءات، كما لا يتعدى تعثّر تمويل شراء السيارات (3.5%) من إجمالي التسهيلات والقروض الممنوحة لشراء السيارات، وأقل القطاعات تعثّرًا هي التمويلات المطلوبة لشراء الأراضي إذ إن تعثّرها لا يتجاوز (0.2%).

من جهته أوضح الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر، أن القروض في فلسطين تأخذ ثلاثة أنماط، النمط الأول "الاقتراض الحكومي من البنك" وهو يذهب غالبًا لتوفير جزء من فاتورة الرواتب في ظل الاستقطاعات الإسرائيلية، مبينًا أن السلطة تقع في خطأ جسيم لأن هذا الاقتراض، لا يذهب للتنمية والاستثمار وإنما لسد العجز والنفقات الجارية.

وأضاف أبو عامر لصحيفة "فلسطين"، أن الجزء الثاني من القروض "التنموية" والتي يشجعها الاقتصاديون وخبراء المال، لأنها تعود بالفائدة الاقتصادية على المستفيد والاقتصاد ككل، حيث تلجأ إليها شركات المقاولات والمستثمرون.

أما النوع الثالث من القروض"الاستهلاكية" وهي التي يتوسع فيها الأفراد وطبقة الموظفين، حيث أنها تُمنح بغرض سد العجز ما بين الدخل المتاح والتكاليف المعيشية، أي أنها تذهب للقطاع الاستهلاكي، مشيرًا إلى أن تلك القروض تؤدي إلى خلل بنيوي مالي على المدى البعيد.

وأهاب بسلطة النقد أن تستخدم أدواتها الإشرافية والتوجيهية بالطلب من المصارف الوطنية والوافدة العاملة في فلسطين أن توسع من دائرة الائتمان الإنتاجي، وأن تقدم تسهيلات مالية في هذا الإطار كخفض نسبة الفائدة وزيادة فترة التسديد لتمكين المقترضين من الوصول إليها بسهولة.

واقترح أبو عامر تشكيل هيئة عليا تشارك فيها مؤسسات حكومية وبنكية وقطاع خاص لدراسة الغاية من القروض، والتوجيه نحو الاقتراض الاستهلاكي لتعزيز الاقتصاد الجزئي والكلي وصولًا إلى تحقيق مؤشرات عالية.