كانت ليلة تاريخية لحارس مرمى منتخب المغرب ياسين بونو، قاد فيها "أسود الأطلس" إلى ربع نهائي كأس العالم، لأول مرة في تاريخ العرب، بعدما صنع الحدث في ركلات الترجيح، وتصدى لاثنتين منها.
ظهر بونو اثق الخطى ومقتنع بقدراته وقدراته لاعبيه طوال المباراة، وحال أكثر من مرة دون إصابة شباكه بأي هدف قاتل لا سيما في الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني الأصلي.
وكلل بونو تألقه بنيل جائزة أفضل لاعب في المباراة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي كرمه بعد اللقاء.
من يعرف بونو جيداً يدرك أن ما قام به لم يكن مفاجئاً، وهو الذي توج الموسم الماضي فقط بجائزة أفضل حارس مرمى في الدوري الإسباني، على حساب حراس كبار على غرار البلجيكي تيبو كورتوا والألماني مارك تير شتيغن والسلوفيني يان أوبلاك.
مسيرة بونو
بدأ بونو مسيرته في مدرسة نادي الوداد البيضاوي، وتدرّج في كل الفئات العمرية للنادي، حتى وصل إلى الفريق الأول الذي فاز معه ببطولة الدوري المحلي موسم 2010/2009، كما بلغ معه نهائي دوري أبطال إفريقيا عام 2011.
ولد ياسين بونو يوم الخامس من أبريل عام 1991، في مدينة مونتريال الكندية، لأبوين مغربيين من مدينة فاس. والده مهندس دولة وأستاذ سابق في المدرسة الحسنية للأشغال العمومية.
عاد مع أسرته إلى المغرب في طفولته، واستقروا في منطقة مرس السلطان بمدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المغرب، وهناك بدأت رحلته الرياضية.
يتقن ياسين بونو أربع لغات، هي: العربية، والإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وهو متزوج وأب لطفل.
أمضى بونو أكثر من عقد من الزمان في نادي الوداد الرياضي، وتدرّج في كل فئاته العمرية، حتى وصل إلى الفريق الأول، بالتزامن مع دراسته الأكاديمية في مدارس مدينة الدار البيضاء.
في موسم 2010/2009 التحق بونو بالفريق الأول لنادي الوداد الرياضي المغربي، وكان عمره 19 عاما، بصفة حارس مرمى ثانيا خلف نادر لمياغري الذي كان الحارس الأول للفريق البيضاوي حينئذ. وظل بونو حبيس مقاعد البدلاء طوال مباريات الموسم.
ومع نهاية الموسم الكروي في يونيو 2012 انتهى عقد بونو مع فريق الوداد الذي حلّ ثالثا في سلم الترتيب في ذلك الموسم، مما دفع بونو إلى البحث عن وجهة أخرى بغية تغيير الأجواء والاحتراف في أوروبا.
أول محطة احترافية
في 15 يونيو 2012، وقّع بونو عقدا لمدة عام واحد مع نادي أتلتيكو مدريد الإسباني، مع خيار عامين إضافيين، بصفة حارس ثالث خلف تيبو كورتوا، ودانييل أرانزوبيا.
لعب بونو أغلب مبارياته في الفريق الرديف لنادي أتلتيكو مدريد الذي يلعب في الدرجة الثالثة، وخاض في موسمه الأول مع الفريق الإسباني 24 مباراة بدوري الدرجة الثالثة؛ لكنه قضى معظم وقته على مقاعد البدلاء في الفريق الأول، ليكون مستعدا في حالة إصابة أحد الحارسين.
غادر تيبو كورتوا ودانييل أرانزوبيا نادي أتلتيكو مدريد خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2014، وصعد ياسين بونو إلى الفريق الأول حارس مرمى ثانيا بعد الحارس يان أوبلاك، لكنه لم ينل فرصة اللعب مع الفريق، الأمر الذي أثار استياءه وطالب فريقه بالرحيل إلى فريق يوفر له فرصة اللعب حارسا رسميا.
أعير بونو مرتين إلى نادي ريال سرقسطة الإسباني، خلال الموسمين الكرويين 2014-2015 و2015-2016، وخاض في كل مرة ما يقارب 20 مباراة في دوري الدرجة الثانية الإسباني.
ثم انتقل إلى نادي جيرونا الإسباني، في 12 يوليو 2016، إذ وقع عقدا مدته 3 سنوات، ولعب بونو دورا كبيرا في صعود النادي إلى دوري الدرجة الأولى "الليغا" بعد 87 عاما على تأسيسه.
وبعد انتهاء عقد ياسين بونو مع نادي جيرونا سنة 2019، أُعير إلى نادي إشبيلية لمدة موسم واحد مع خيار شراء عقده، وذلك في الثاني من سبتمبر 2019، ليلعب بصفة حارس ثان للفريق بعد الحارس الأساسي التشيكي توماش فاكليك.
وعندما أصيب فاكليك في منتصف موسم 2019-2020، أتيحت الفرصة كاملة أمام ياسين بونو للعب حارسا أساسيا للفريق في ما تبقى من مباريات الجزء الثاني من الموسم. وأنهى موسمه الأول مع نادي إشبيلية في المركز الرابع في "الليغا"، الأمر الذي أتاح له فرصة اللعب في دوري أبطال أوروبا موسم 2020-2021.
التألق مع إشبيلية
وفي الرابع من سبتمبر 2020 اشترى نادي إشبيلية عقد بونو مقابل 4 ملايين يورو، ثم تم تمديد العقد حتى يونيو 2025 مع زيادة الراتب، وذلك بعد المستويات الكبرى التي بات الحارس الدولي المغربي يقدمها برفقة النادي الأندلسي.
وفي فبراير 2021، دخل بونو تاريخ النادي الأندلسي بعدما حافظ على نظافة شباكه لمدة 528 دقيقة في الدوري الإسباني، متجاوزا الرقم القياسي الذي كان بحوزة الحارس البرتغالي بيتو بـ516 دقيقة، خلال موسم في 2015/2014.
في نوفمبر 2012، استدعي لأول مرة إلى المنتخب الوطني المغربي الأول لكرة القدم، من طرف المدرب رشيد الطاوسي، للمشاركة في مباراة يوم 14 نوفمبر 2012 ضد منتخب توغو، لكنه ظل على مقاعد البدلاء.
لعب بونو أول مباراة له مع المنتخب المغربي يوم 14 أغسطس 2013 ضد منتخب بوركينا فاسو على ملعب ابن بطوطة في مدينة طنجة، وكانت مباراة وديّة خسرها أسود الأطلس بنتيجة 1-2.
وأصبح بونو هو الحارس الرسمي للمنتخب المغربي لكرة القدم، وقدم معه إنجازات كبيرة، أبرزها التأهل إلى ربع نهائي كأس العالم 2022 في قطر.