تبلّغت الفصائل الفلسطينية في لبنان، قبل أيام قليلة، قراراً رسمياً من الدولة اللبنانية بـبدء جباية رسوم الكهرباء من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وقال مراقبون لملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إن طرح هذا الأمر في هذا التوقيت بالذات، في ظل إستفحال الأزمة المعيشية وطول أمدها، وتراجع خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مع العجز المالي المتراكم، سيفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعانون أساساً من الفقر المدقع، واليأس والإحباط، ومرارة اللجوء والحرمان، والبعد عن الوطن، وغياب مقومات الحياة الكريمة.
وأكد مسؤول "اللجان الشعبية" في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، منعم عوض، أن اللاجئين الفلسطينيين رغم عدم استطاعتهم تحمّل أعباء جديدة، إلا أنهم بكل الأحوال لم يكونوا سلبيين بالتعاطي مع الأزمات المتلاحقة".
وأوضح عوض، أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان (تأسست عام 2018، كمرجعية فلسطينية موحدة، تعمل من أجل وحدة موقف الفصائل والقوى السياسية لما فيه مصلحة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان)؛ أبدت بالنيابة عن القوى والفصائل الفلسطينية، استعدادها للتعاون مع أية آلية تراها الدولة اللبنانية مناسبة لاستيفاء الرسوم المتوجبة على استهلاك الطاقة الكهربائية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، والتنسيق مع وزارة الطاقة لتطبيق أي قرار يصدر في هذا الشأن".
وشدد على التزام الجانب الفلسطيني في لبنان، موجبات الاستقرار والمصالح الحيوية اللبنانية، وبالتالي احترام السيادة والقوانين والاستقرار اللبناني.
من جهته، قال مدير عام "الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، علي هويدي، إن “موضوع الكهرباء مرتبط بالخدمات التي تقدمها أونروا لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وأوضح هويدي في حديثه لـ"قدس برس"، أن حديث أونروا عن البنى التحتية للمخيمات، "لا بُد أن يشمل في هذا الإطار ملف الكهرباء، لأن البنى التحتية لأية منطقة تتضمن الطرق وموارد المياه، والصرف الصحي، والشبكات الكهربائية، والاتصالات عن بعد وغيرها".
واعتبر أن هذا الملف مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الوكالة الدولية بالتنسيق مع الجهات المختصة في الدولة اللبنانية، وهيئة العمل الفلسطيني المشترك.
وشدّد على أنّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحترمون سيادة البلد، ولكن في الوقت عينه يدفعون الضرائب للدولة اللبنانية، دون أن يستفيدوا من أية خدمات بالمقابل.
من جانبه، قال الباحث الحقوقي في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" حسن السيدة، إن "اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعانون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد".
وأوضح السيدة في حديثه لـ"قدس برس" أن اللاجئين الفلسطينيين بالأصل يفقدون الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة، وتعجز الكثير من العائلات عن توفير الطعام اليومي لأفراد أسرتها، كما تعجز عن تسديد إيجار المنازل واشتراكات الكهرباء، وغيرها من أساسيات العيش الإنساني".
وأشار إلى أن اللاجئين مع كل قرار جديد يُتّخذ بحق المخيمات، تزيد معاناتهم، حيث لا مناعة لديهم، ولا إمكانيات تساعدهم على التصدي لأية تحديات ومشاكل مستجدة، وذلك بسبب غياب العوامل التي تساعدهم على تعزيز صموهم في وجه الأزمات المتلاحقة.
وكان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض، قال في مقابلة تلفزيونية (الأحد 20 تشرين الثاني/نوفمبر) إنّه إذا تم تأمين الكهرباء "سيدفع المواطن (اللبناني) أقلّ من نصف تسعيرة اشتراك المولّد، وسنضع عدّادات على مداخل مخيمات اللاجئين لنعلم كميّة استهلاكهم للطاقة".
وأكد أنّه في حال تخلّفت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين عن الدفع، سيتمّ قطع التغذية عنهم، مشيراً إلى "وجود قرار سياسي وتغطية سياسية لهذا الإجراء".
وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها التي تطال المخيمات (12 مخيماً رسمياً) والتجمعات الفلسطينية، بعدما كانت تتغذى من كهرباء الدولة دون أن يدفع أبناؤها رسوما منذ ما يقارب العقدين من الزمن.
وكانت الدولة تحصّل الفاتورة بواسطة مندوبيها قبل ذلك، وفي الوقت نفسه كانت المخيمات تعاني من التقنين القاسي بالتغذية (أكثر من باقي المناطق اللبنانية) وخاصة في المرحلة الأخيرة، مع بدء الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية التي يترنح تحت وطأتها لبنان.
ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو 200 ألف لاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، يتوزع معظمهم على 12 مخيماً ومناطق سكنية أخرى في البلاد.