فلسطين أون لاين

​ذكرى حريق المسجد الأقصى تُقطّع نياط قلوب المقدسيين

...
قلقيلية - مصطفى صبري

سيظل مشهد إحراق المسجد الأقصى عام 1969 ماثلاً أمام عيني المسن سعيد المغربي القاطن في "حوش المغاربة" قبالة بوابة حائط البراق ، حينها أخذ ينقل الماء عبر أوانٍ بلاستيكية لإطفاء الحريق المتعمد بحق المسجد القبلي.

يقول الحاج سعيد المغربي لـ "فلسطين" :" مرت 48 عاما على الحريق، لكن الزمن لم يمحه من ذاكرتي كأنه حدث للتو، لقد حًفر هذا الوجع في قلوبنا وعقولنا ولا نستطيع نسيانه".

عاش العم سعيد نكسة حي المغاربة في الساعات الأولى من احتلال المدينة، وكان عمره لا يتجاوز وقتها 17 عاما، يقول: "في البداية شاهدت جرافات الاحتلال وهي تهدم بيوتنا في ساحة البراق وحولتها إلى أكوامٍ من التراب، ثم غادرنا المكان نجر أذيال الفاجعة؛ وبعدها بعامين اندلع الحريق المتعمد للمسجد الأقصى من قِبل مستوطن تم تسهيل مهمته من قِبل جنود الاحتلال، وفي عام 1981 شهدت حادثة تفجير قبة الصخرة واستشهاد صالح اليماني عند الباب الرئيس للقبة، وبرأيي أن ما حدث مؤخراً في شهر يوليو/ تموز الماضي من إغلاق المسجد الأقصى في وجه أهل المدينة؛ والعبث بمحتوياته، فهذا أشد إيلاما من الحرق؛ كلها أحداثٌ أحرقت قلوبنا".

وأضاف المقدسي المغربي :" الحريق كان هائلاً ومتعمداً؛ والاحتلال ادعى أن المهاجم مريض نفسياً؛ أتذكر أننا انتظمنا في سلسلةٍ بشرية طويلة لنقل الماء إلى المسجد القبلي من باب "المطهرة" ومن منطقة الكأس".

نبرة الشجن تبدو في صوت المسن المغربي: "بعد أن خمد الحريق، فإذ بالمشهد تقشعر له الأبدان؛ أتذكر أن منبر صلاح الدين لم يبقَ منه إلا الحطام؛ والمحراب تشوَّه والأسقف الخشبية انهارت، والقبة الرئيسة لم تعد كما كانت؛ والسواد يلف المكان من آثار الحريق؛ كل شيء حينها أتت عليه النيران، حتى أنني أتذكر جيداً أن سيارات الإطفاء تأخرت وكان أهل القدس قد تمكنوا من إطفاء الحريق قبل أن يمتد إلى باقي المسجد القبلي البالغة مساحته قرابة الخمسة دونمات " 5000 متر ".

ويتابع حديثه: "منذ احتلال القدس والمسجد الأقصى؛ و(اسرائيل) تُنفذ حوادث لجسّ نبض المسلمين وكان آخرها وضع البوابات الأمنية والكاميرات، لكنه يُمنى دائماً بفشلٍ ذريع، فجيل اليوم لا يمرر المؤامرات لذا كان الرباط على أبواب المسجد الأقصى؛ ورفضَ المقدسيون التعامل مع الاحتلال في هذه المسألة، شرفٌ قاد الى انتصار ، ولو كانت الهمة عام 1969 مثل همة هذه الأيام لما تجرّأ الاحتلال على المسجد الأقصى وأهله ".

أما الحارس مراد الدجني فقد أدلى بشهادته قائلاً :" كنت وقتها صغيراً؛ وكانت عائلتي وقتها تسكن بالقرب من باب القطانين، لقد هزتنا حادثة الحريق؛ كل من في القدس قدموا إلى ساحات المسجد الأقصى، أما الاحتلال فقد تعمَّد إعاقة الإطفاء حتى يحقق الحريق هدفه، إلا أن أهالي القدس هبّوا لنجدته كما يهبّون في كل وقت؛ فهم خط الدفاع الأول عنه ولا نعول على أي جهةٍ مهما كانت".

ونختم التقرير بـــ ماهر أبو السعود الذي يقطن قرب "باب السلسلة" ويجاوز مقر الهيئة الاسلامية العليا، كان عمره 12 عاما حين نشب الحريق؛ حتى أنه يتذكر صراخ أهالي القدس حين هرعوا لإطفاء المسجد الاقصى؛ مر كل هذا الوقت ومحاولاتهم لتدنيسه لا تتوقف.

تتقطع نياط قلب أبو السعود وهو يقول :"تحل ذكرى حرق المسجد الأقصى وعائلات المستوطنين تجاورني، بشكل يومي ، ونشاهدهم يومياً وهم يخرجون من المسجد الأقصى بعد تنفيذ الاقتحام ينشدون لـــ (اسرائيل) و التلمود في حركة استفزازية لأهالي القدس في حي السلسلة".