من داخل زنازين سجن "ريمون"، يخوض الأسير سامر العيساوي (43 عامًا) من قرية العيساوية شمال شرقي القدس المحتلة، إضرابا مفتوحًا عن الطعام لليوم 24 على التوالي، يعلن فيها معركته الثانية مع الاحتلال لكن ليس من أجل حريته، محاولًا بأمعائه الخاوية تحريك المياه الراكدة في قضية جثامين الشهداء التي يحتجزها الاحتلال الإسرائيلي.
يعول العيساوي، بأن يقرع إضرابه الجرس ويتفاعل الشارع الفلسطيني مع قضية استرداد الجثامين بهدف تحريك وتدويل الملف الذي يماطل الاحتلال بالإفراج عن 117 جثمانا يحتجزهم في الثلاجات ومقابر الأرقام منذ 2015.
واعتقل الاحتلال العيساوي عام 2002، وحكم عليه بالسجن 30 عامًا، قبل أن يتحرر في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.
ولم يمض على تحرره ستة أشهر حتى أعاد الاحتلال اعتقاله عام 2012، ليخوض أطول إضراب في تاريخ الحركة الأسيرة استمر 9 أشهر انتصر فيه على السجان وانتزع حريته في 2013، قبل أن يعيد الاحتلال اعتقاله في يونيو/ حزيران 2014 حتى اليوم ويعيد إليه الحكم السابق.
تقول شقيقته شيرين العيساوي لصحيفة "فلسطين" عن دوافع إضراب شقيقها الأسير: إن سامر إنسان فلسطيني لا يقبل الظلم، ولا يوجد هناك ظلم أكبر من موضوع احتجاز جثامين الشهداء، "الأهالي لا يعلمون مصير أبنائهم، لا أحد يبلغهم أن يتواجدون، وهذا ما لا يقبله أي إنسان لديه ضمير حي، معتبرةً قضية جثامين الشهداء قضية وطنية وليست قضية سامر وحده.
وأعربت العيساوي عن دعم العائلة لشقيقها في إضرابه، كونه مطلبًا إنسانيًّا، وفي نفس الوقت يشعرون بالقلق على وضعه الصحي، لعدم معرفتهم أي شيء عنه إلا من خلال ممثل القسم في السجن حتى المحامين لا يستطيعون معرفة تطورات حالته الصحية، خاصة أنه تعرض في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لعملية قمع في قسم (25) بسجن "النقب".
وتستغرب العيساوي عدم تفاعل الشارع الفلسطيني والمؤسسات الرسمية مع قضية شقيقها منذ أول يوم من إضرابه قبل 23 يومًا، خاصة أنها تتعلق بقضية احتجاز جثامين شهداء، "لا أحد يهتم بقضيتهم إلا عائلاتهم، رغم أنها يجب أن تكون على أولويات الشعب الفلسطيني ويكون هناك التفاف حول القضية". كما قالت
واستذكرت إضراب شقيقها الأول، مؤكدة أن سامر عنيد في الدفاع عن أي قضية يناضل من أجلها، ولا يوجد سقف للإضراب حتى تحقيق ما يريد.
اقرأ أيضًا: مطالبات متواصلة باسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال
ومنذ عام 2014، لم ترَ المحامية العيساوي شقيقها الأسير، وعاقبها الاحتلال لمناصرتها لقضيته التي أحدثت ضجة دولية حينها، بعدما اعتقلها لخمس سنوات ووجه لها نفس التهم الموجودة بملف شقيقها، مردفةً: "عاقبوني لأننا أحرجناهم دوليًّا في إضراب أخي".
العيساوي التي جربت الإضرابات والحياة داخل السجن، تقول عن ذلك: "ربما كنت قبل الاعتقال أتفاعل وأتضامن، لكن عندما اعتقلت عرفت حجم المعاناة داخل القضبان، كنت أتمنى رؤية اخي بالسجن لكن ورغم أنه مسموح التقاء الأخوة الأسرى إلا أن الاحتلال حرمنا من هذه الفرصة".
تطالب العيساوي، أن يتضامن الشعب الفلسطيني مع القضية للضغط على الجهات الفلسطينية الرسمية للتحرك في القضية.
اقرأ أيضًا: مطالبات لمؤسسات دولية بالضغط على الاحتلال وتسليم جثامين الشهداء المحتجزة
محمد علينا والد الشهيد بهاء وناشط في قضية استعاد جثامين الشهداء، قال: إن الأسير العيساوي يعلن المعركة من قلب زنازين الحرمان الضيقة، وكان أولى من الشخصيات والوزارات الرسمية والذين يجب أن يتابعوا الملف وهم في حرية ودفء أن يتابعوها.
وأضاف عليان لصحيفة "فلسطين": "أمر مخجل أن يقوم أسير بإعلان المعركة لوحده، ولا أحد يلتفت إليه، رغم أنه لا يقاتل من أجل حريته بل من أجد استعادة جثامين شهداء يمثلون كل الشعب الفلسطيني.
ويعتقد أنه من المستحيل أن يدفع الإضراب الاحتلال للإفراج عن الجثامين، ولكنه قد يحرك المياه الراكدة، معتقدا أن "العيساوي أضرب ليدفع الشعب للتحرك.
وشدد أن المطلوب وضع الملف على الطاولة الشعبية والرسمية والأهلية، والعمل ليل نهار لتحريكه وتدويله وتشكيل ملف قانوني وطني لمتابعته، إضافة لتنظيم وقفات احتجاجية تضامنية، لافتا إلى أن عدد الجثامين المحتجزة منذ 2015 تبلغ 117 جثمانًا، إضافة لنحو 253 جثمانا محتجزة في مقابر الأرقام.