"شعرتُ أنني وصلتُ حقًّا إلى ما يتمناه أيُّ كاتب، ألا وهو تتويج نتاجه ليس فقط على الصعيد المحلي بل والدولي أيضًا"، بهذه الكلمات عبَّر مصعب أبو توهة عن مشاعره إزاء حصوله على جائزة فلسطين للكتاب، الفئة الإبداعية.
وتُوّج أبو توهة بالجائزة عن مجموعته الشعرية الأولى باللغة الإنجليزية "أشياء يمكن أن تجدها مخبأة في أذني" عن دار "سيتي لايتس" الأمريكية.
وأبو توهة (30 عامًا) شاعر وكاتب قصة قصيرة ومقال من غزة، من مواليد مخيم الشاطئ للاجئين، يدرس حاليًّا ماجستير الكتابة الإبداعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتتناول قصائد المجموعة الحياةَ في غزَّة تحت الاحتلال والحصار والحرب التي سلبت طفولته وأصدقاءه، وعن علاقته بالمخيّم وبجدّه وبيافا التي هُجّرت منها عائلته، "وأبني مخيلتي حولها بألوان تصنعها قصائدي"، وفق تعبيره.
"الكتابة إلحاح"
ويقول أبو توهة: "ليس هناك من هدفٍ بالمعنى الحرفي للكلمة لأجل الكتابة، بل هي شيء لم يختره منذ البداية، فالكتابةُ إلحاحٌ، وشيءٌ يَلزمه القيامُ به، لوضع ما يرى ويشعر به، وما يتخيله سواء من الماضي أو المستقبل.
ويضيف: "الكتابة، خاصةً القصائد، هي فعلٌ لا شعوري في بدايته، هي ماءُ النهر الذي يتدفق في المجرى بسلاسة من دون أن يعلم أين يأخذه التيار، والفرق بين الكتابة والنهر هي أننا نعلم من أين تنبع مياه هذا النهر".
ويشير أبو توهة إلى أنّ الهدف الأول للكتابة هو "الحديث مع النفس، وأحيانًا هي خطاب مع الآخر الذي يرى صوره بالأبيض والأسود، أو يراه على شاشة التلفاز، كرقم سوف يركله خبرٌ عاجلٌ آخر".
ويرى أنّ ثَم سببًا آخر وهو "إعادة تخيل ماضٍ لم أكن حاضرًا فيه، ليس ماضي فلسطين فقط، بل أيضًا العائلات والأطفال الذين دُفنوا تحت ركام بيوتهم في القصف الهمجي الإسرائيلي".
وإحدى قصائد المجموعة الشعرية الفائزة كتبتها بعد جريمة عائلة قتل أسرة من رأفت الطناني الذي قضى برفقة زوجته الحامل وأطفالهم الأربعة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/ أيار 2021.
ومن وحي القصيدة يقول أبو توهة: "شظايا تبحث عن الضحكات (...) قتلت الـ(أنا) (هو) (هي) وجميع الضمائر التي يتعلمها الأطفال في المدرسة، قتلت شخصيات الدرس، والدمى، حتى المذيع أحس بالضربة عندما حطمت شظيةٌ المذياع".
ويقوم على جائزة فلسطين للكتاب منظمة "ميدل إيسيت مونيتور" اللندنية، وتهدف إلى تكريم أفضل الكتب التي تصدر باللغة الإنجليزية عن فلسطين، العديد من الكتاب هم من خارج فلسطين.
وللجائزة خمس فئات هي: الجائزة الأكاديمية، والإبداعية، والترجمة، والتيار المعاكس، إضافة إلى فئة الإنجاز.
جوائز الفئات الأخرى
جدير بالذكر أن الكاتبة هبة حايك تشاطرت الجائزة مع أبو توهة عن كتابها "سامباك تحت سماء غير متوقعة".
على حين نال رسام الكاريكاتير محمد سباعنة جائزة فئة الترجمة عن كتابه "قوة تولد من الأحلام: قصتي هي فلسطين"، وهو عمل فني يعرض مشاهد يتعرض لها الفلسطينيون تحت الاحتلال بشكل منتظم، ومن خلاله يحاول تفكيك منظومة السجون الإسرائيلية.
وذهبت جائزة البحث الأكاديمي لكل من: الباحثة في علم الاجتماع أشجان عجور عن بحثها "استعادة الإنسانية في تجربة الإضراب عن الطعام في فلسطين"، والأكاديميين لارا شيحا واسطفان شيحا عن بحثهما المشترك "التحليل النفسي تحت الاحتلال: ممارسة المقاومة في فلسطين"، ولأستاذة القانون في "معهد الدراسات الشرقية والأفريقية" في "جامعة لندن"، ولين ولشمان عن بحثها "الحق: تاريخ عالمي لأول منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان".
أما جائزة فئة التيار المعاكس فنالها الناقد ساري مقدسي عن كتابه "التسامح أرض يباب: فلسطين وثقافة الإنكار"، وهو عمل يتناول احتضان الفكر الصهيوني، من قبل قطاعات توصف بأنها تقدمية وليبرالية في الغرب وخاصة في أوروبا وأميركا، ويكشف فيه التناقضات العميقة بين الصورة العامة لـ(إسرائيل) والواقع اليومي الذي يعيشه الفلسطينيون.
أما جائزة فئة الإنجاز فكانت من نصيب الباحثة سارة روي عن كتاب تروي فيه حياتها وعملها في فلسطين، متأملة حياة عائلتها التي نجت من الهولوكوست، وحياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال.