فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

اقتصاديون: هيمنة الاحتلال وضعف برامج السلطة شوَّهت الاقتصاد الوطني

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

قال مراقبون اقتصاديون، إنّ هيمنة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الموارد الطبيعية الفلسطينية، وتحكُّمه في المعابر، أسفرا عن اقتصاد وطني هشٍّ ذي بُنية مُتأرجِحة، قائم على المساعدات الخارجية، على حين غزت المنتجات الإسرائيلية والأجنبية الأسواق الفلسطينية على حساب المنتجات المحلية.

ولم يغفل الاقتصاديون الدور السلبي الذي مارسته السلطة في رام الله، وحكوماتها بصورة مباشرة وغير مباشرة لإضعاف الاقتصاد الوطني، من جراء عجزها عن إدارة المال بالشكل المأمول، وبرامجها الضعيفة في سداد الديون، وارتفاع فاتورة النفقات، والتوزيع غير المتكافئ في الموازنة العامة.

وبيَّن الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أنّ استمرار قطع الاحتلال أواصر الترابط بين المدن الفلسطينية تسبَّب في تقويض التجارة الداخلية والبينية خاصة بين محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أسهم تحكم الاحتلال في المعابر في عزل التجارة الفلسطينية عن عمقها العربي وفرض على الفلسطينيين التعامل مع الدول التي علاقاتها جيدة مع الاحتلال حتى تُحوِّل السوق الفلسطيني مستقبلًا للمنتجات الإسرائيلية والأجنبية.

وأضاف دراغمة لصحيفة "فلسطين" أنّ هيمنة الاحتلال على مناطق (ج) في الضفة الغربية حال دون تمكُّن الفلسطينيين من تقوية اقتصادهم، وإن سمح فيكون في نطاق ضيق جدًّا، على حين يطلق العنان لمستوطنيه للسيطرة على أفضل المواقع الإستراتيجية والجغرافية في الضفة الغربية لإقامة تجمعاتهم الإسكانية والصناعية.

وتطرَّق دراغمة إلى عراقيل الاحتلال الذي يضعها على المواد الخام التي تحتاج إليها الصناعة الفلسطينية، إذ يمنع الاحتلال توريدها خاصة إلى قطاع غزة تحت مسمى "مزدوجة الاستخدام"، ما تسبَّب ذلك في توقف خطوط الإنتاج، ورفع التكاليف، وانخفاض المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالناتج المحلي.

وأضاف دراغمة أنّ الاحتلال يرفض منح الزائرين الأجانب الإذن للوصول إلى المناطق السياحية، وإن منَحهم تُحدّد بأوقات زمنية بذريعة الخطورة الأمنية على حياتهم، بيد أنّ الهدف استفادة اقتصاده من العائد السياحي.

ولم يتجاهل دراغمة في تعقيبه على العوامل التي أسهمت في تقويض الاقتصاد الفلسطيني، سوء إدارة السلطة للموارد الاقتصادية المتاحة والمال العام، وارتفاع فاتورة النفقات، وضعف محاربة الفساد.

وأضاف إلى ذلك، شروط الاتفاقيات المُجحفة التي وقّعتها السلطة مع الاحتلال، والتي فيها اليد العُليا للاحتلال، خاصة اتفاق باريس الاقتصادي.

وبيّن أنّ مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني في تراجع، خاصة في ظلّ ارتفاع الأسعار وعدم تلقّي الموظفين رواتب كاملة من عدة أشهر.

و"اتفاق باريس" هو أحد ملاحق اتفاقية غزة-أريحا، ووقّع في 1995، على حين ينصُّ على أن تجمع دولة الاحتلال الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة، ثم تُحوّلها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يُحدّد غلافًا جمركيًّا، وكوتا للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى.

وحاول الفلسطينيون في السنوات الماضية تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ باعتبار أنّ سلطات الاحتلال تتصرف في الأموال التي تجمعها بالشكل الذي تريد، وأنّ الكوتا المتعلقة بالاستيراد مُجحفة.

وحسب مسح لمنصة المنقّبون فإنّ نسبة البطالة في السوق الفلسطينية، وفق المعنى الخام لمفهوم البطالة، بلغ 35% في الربع الثاني 2022.

من جهته، أكد الاختصاصي الاقتصادي أحمد الحسنات أنّ الاحتلال لم يألُ جهدًا في محاربة أيّ خطوة أو إجراء فلسطيني يمكنه أن يُهيّئ البُنى التحتية الفلسطينية للاستقلال الاقتصادي. 

وقال الحسنات لصحيفة "فلسطين": "إنّ هذا النهج العنجهي المتعمد والمقصود أرخى بظلاله على المكونات الاقتصادية الفلسطينية حتى أضحى الاقتصاد الفلسطيني تابعًا للاقتصاد الإسرائيلي عن طريق محاربة المنتج الفلسطيني ومصادرة مقوماته الإنتاجية والصناعية وليس آخرها المصانع الفلسطينية والأراضي الزراعية، ما تسبَّب بكارثة عُمالية استشرى بينها البطالة والفقر.

وأضاف: إنّ "الاحتلال لم يوقف التوغل عند هذا الحد بل وصل إلى توريد منتجاته إلى الأسواق الفلسطينية بعد أن جاءت إجراءاته المُمنهجة على قطاعات الاقتصاد وباتت الضفة الغربية وقطاع غزة سلّته المثالية للتصريف وجني الضرائب المختلفة. 

وأشار إلى أنه طوال فترة الاحتلال الإسرائيلي انتقلت الموارد الطبيعية مثل الأرض، والمياه، والمعادن والموارد البشرية من الطرف الفلسطيني إلى الاقتصاد الإسرائيلي، على حين انتقلت البضائع تامة الصنع من الاقتصاد الإسرائيلي إلى الاقتصاد الفلسطيني.

وذكر الحسنات أنّ ذلك يعكس اعتمادَ الاقتصاد الفلسطيني الراسخ على الاحتلال، الأمر الذي لم يتغير بعد تأسيس السلطة الفلسطينية في 1994، بل على العكس، بلغ العجزُ التجاري أكثر من 5 مليارات دولار في 2020، وأنّ ذلك يرجع إلى الاتفاقيات المختلفة والمشؤومة التي أسهمت بروتوكولاتها في تقويض الفرص الاقتصادية الفلسطينية.

وحسب وزارة المالية برام الله صعد إجمالي قيمة الدين العام والمتأخرات المستحقة، إلى 31.7 مليار شيقل، بنهاية 2021، مقارنة مع 28.4 مليار شيقل بنهاية 2020.