فلسطين أون لاين

والسر مخالفة الرئيس المنتخب لسياسة "صين واحدة"

​اتصال ترامب برئيسة تايوان يثير "عاصفة" من الانتقادات

...
واشنطن - الأناضول

مرة أخرى، تثير تصرفات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عاصفة من الانتقادات الشديدة، وذلك عقب استقباله مكالمة هاتفية مع رئيسة تايوان، تساي انغ وين، الأسبوع الماضي، ليكون بذلك أول رئيس للولايات المتحدة يفعل هذا منذ عام 1979.

سر هذه العاصفة من الانتقادات، التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة، هي مخالفة ترامب، بقبوله استقبال اتصال رئيسة تايوان، لسياسة "صين واحدة" التي اتبعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1979.

ولهذه السياسة تاريخ، فعقب انتصار الحزب الشيوعي الصيني بقيادة زعيمه ماو تسي تونغ في الحرب الأهلية ضد نظام شيانغ كاي شيك، وإعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية، قاطعت الولايات المتحدة الحكومة الجديدة للبلاد، معترفة بحكومة تايوان فقط كممثل شرعي للصين، رغم أن الأخيرة لم تمتلك أي سلطات على الشطر الذي بات يحكمه الشيوعيون، بعد فرار حكومة شيانغ كاي شيك إليها.

استمرت هذه المقاطعة حتى عام 1972، عندما زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون جمهورية الصين الشعبية لأول مرة معيداً العلاقات معها وموقعاً معها "معاهدة شانغهاي" التي أعادت تطبيع العلاقات بين البلدين، إلا أن الولايات المتحدة لم تعترف بالحكومة الشيوعية للصين ممثلاً للبلاد حتى عام 1979، عندما قامت واشنطن بنقل سفارتها إلى بكين.

ومنذ ذلك التاريخ، والتي تزامن مع وجود الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في السلطة (تولي الرئاسة بين عامي 1977 و1981)، لم تعد الولايات المتحدة تعترف بحكومة تايوان كممثل وحيد لكامل الصين؛ حيث أوقفت أي اتصال هاتفي بين رئيسي البلدين، لكنها ظلت تحتفظ بعلاقة غير رسمية مع تايبيه، خاصة في بيعها منتجاتها من أسلحة وغيرها.

وتنص معاهدة شانغاي على أن "الولايات المتحدة تعترف بأن الصينيين على جانبي مضيق تايوان يحافظان على صين واحدة، وأن تايوان جزء من الصين، والولايات المتحدة لا تعارض هذا الموقف".

لكن ترامب خالف سياسة "صين واحدة" الذي انتهجها رؤساء أمريكا على مدار 37 عاماً.

إذ قال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، مساء الجمعة الماضية: "رئيسة تايوان اتصلت بي اليوم متمنية لي التوفيق لفوزي بالرئاسة، شكراً جزيلاً".

مكالمة واحدة أثارت عاصفة قوية من ردود الفعل الساخطة.

على المستوى الرسمي، سلمت بكين السفير الأمريكي لديها شكوى رسمية تتعلق بالمكالمة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ، السبت الماضي: "قدمنا اعتراضاً رسمياً إلى الجهات المعنية في الولايات المتحدة".

وأضاف: "أريد أن أشير إلى أن هناك صين واحدة في العالم، وتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ومبدأ صين واحدة مبدأ سياسي أساسي يحكم العلاقات الصينية الأمريكية".

من جانبه، رد البيت الأبيض، قائلاً عبر المتحدث باسمه جوش إيرنست: "أستطيع أن أؤكد أن كبار المسؤولين الأمريكيين في مجلس الأمن القومي (تابع للبيت الأبيض) قاموا بالاتصال مع نظرائهم الصينيين لتأكيد التزام بلادنا بسياسة صين واحدة، وهي سياسة قائمة على ثلاثة معاهدات تم التفاوض عليهن مع رؤوساء مختلفين للولايات المتحدة ينتمون إلى أحزاب مختلفة ويستند على قانون العلاقات مع تايوان".

وأكد إيرنست خلال الموجز الصحفي الاثنين 5-12-2016 : "هذه السياسة متبعة منذ 40 عاماً وركزت على تدعيم وحفظ السلام والاستقرار في المضيق (الفاصل بين تايوان والصين)".

إعلامياً، تضمنت التحليلات والتقارير والتعليقات في وسائل الإعلام الأمريكية انتقادات حادة لخطوة ترامب.

وفي هذا السياق، انتقدت مقدمة البرنامج السياسي الذي يحمل اسمها، ريتشل مادو، أمس الأول ، على قناة "ام إس إن بي سي" الأمريكية، اتصال ترامب برئيسة تايوان، وقالت: "نحن لا نعرف إذا ما كان قد فعلها عن عمد أو دون قصد، في كلا الحالتين هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الحروب".

عاصفة من الانتقادات والجدل بدا ترامب غير راضيا ًعنها؛ حيث تساءل في تغريدة عبر "تويتر" مستعجباً: "من المثير للاهتمام كيف أن الولايات المتحدة تبيع تجهيزات عسكرية بمليارات الدولارات إلى تايوان، لكنني لا أستطيع استقبال تهنئة هاتفية منهم؟".

بينما تضاربت ردود أفعال فريق الرئيس الأمريكي المنتخب على منتقديه لإجراء هذه المكالمة؛ فنائب الرئيس المنتخب، مايك بنس، اعتبر خطوة ترامب مجرد "مجاملة" دبلوماسية؛ حيث قال في لقاء له مع شبكة "اي بي سي" الأمريكية الإخبارية: "لقد استلم المكالمة وتقبل التهنئة والأماني الطيبة، وكان هذا كل ما في الأمر بالتحديد".

وعلى نحو مغاير، رد المستشار الاقتصادي لترمب ستيفن مور، على منتقدي تصرف ترمب في لقاء مع إذاعة "دبليو ال إس" الأمريكية، الأثنين بالقول: "تايوان هي حليفتنا، وهو بلد كنا قد دعمناه لأنه يؤمن بالحرية، وعلينا أن ندعمهم، وإذا لم يعجب ذلك الصين، فتباً لهم".