لليوم الثالث على التوالي، يفترش أهالي قرية "العراقيب" مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب الفلسطيني المحتل، الأرض ويلتحفون السماء، بعدما دمرت سلطات الاحتلال خيامهم للمرة الـ209 تواليًا.
رغم انخفاض درجات الحرارة وتكرار اقتحام قريتهم وهدم بيوتهم المصنوعة من الخيام، يصر الأهالي على البقاء فيها وإعادة بنائها لإفشال مخططات الاحتلال لاقتلاعهم منها والاستيلاء عليها.
وتقع العراقيب في النقب المحتل، وهي إحدى القرى الـ46 التي لا يعترف الاحتلال بوجودها، ولذلك لا تحظى بأي خدمات طبية أو صحية أو ماء أو كهرباء.
وتقيم في القرية 22 عائلة تضم نحو 80 شخصًا، يسكنون في بيوت مصنوعة من الخشب والبلاستيك والصفيح، ويعتاشون من تربية المواشي والزراعة.
وأقدمت جرافات الاحتلال أول من أمس على اقتحام القرية وهدمها للمرة 209 تواليًا، في محاولة لتهجير أهلها وسلب أراضيهم لصالح المشاريع الاستيطانية، وهي المرة الـ13 تواليا التي يهدم فيها الاحتلال خيام القرية منذ مطلع العام الجاري، بحسب عضو اللجنة المحلية للدفاع عن العراقيب عزيز الطوري، الذي بين أن أول مرة تم هدم القرية فيها كان في 27 يوليو/ تموز 2010.
بطش الاحتلال
ولم يسلم الرضيع صياح الطوري (عام ونصف) من بطش الاحتلال، الذي هدم الخيمة التي يتواجد فيها ومنع والديه من إخراجه.
وأخذ سليمان يحمد الله الذي حمى ابنه من الخطر بعد هدم خيمتهم المغطاة بالنايلون.
اقرأ أيضا: "حماية": هدم قرية "العراقيب" شكل من أشكال العقوبات الجماعية
ويصر الطوري، وفق ما قاله لصحيفة "فلسطين"، على التشبث بأرضه رغم هدم قريتهم المتكرر، قائلًا: "الأرض كالعرض لن نتخلى عنها مهما كلفنا ذلك من ثمن".
ويقيم الطوري برفقة زوجته وابنه الوحيد، تحت إحدى أشجار القرية، وبجواره الأهالي، وما تبقى لهم من بقايا خيامهم، لحين إقامتها من جديد بمساعدة الجمعيات أو المؤسسات المعنية أو المتضامنين معهم من القرى أو الأحياء المجاورة.
وعلى مقربة من العشريني سليمان، وقف والده صياح الطوري ليؤكد أن الاحتلال لا يفرق بين الأطفال أو النساء أو كبار السن عند اقتحام قريتهم وتدميرها، إذ يعتدي عليهم ويهدم خيامهم أمام أعينهم وفوق رؤوس من يتواجد فيها، ولا يسمح لأحد بالوصول إليها أو استخراج أولاده أو أغراضه منها.
وبين السبعيني "الطوري" أن عدد الأطفال المتواجدين برفقة آبائهم في القرية 22 طفلًا، يعانون من بطش الاحتلال والأمراض وشح مياه الشرب وعدم توفر الكهرباء، مردفا "رغم هدم خيامنا ومنعنا من إقامة خيام جديدة، لن نتخلى عنها وسنبقى بها مهما تعرضنا لظلم الاحتلال".
ويقيم في القرية وفق الطوري، 80 شخصًا هم من تبقى من الأهالي الذين حاربتهم سلطات الاحتلال طوال الأعوام الماضية، على مساحة أرض تقدر بـ1520 دونمًا بعدما استولت على نحو 4 آلاف دونم.
ودعا الطوري، الذي يعيل أسرة مكونة من 7 أولاد و8 بنات، الكل الفلسطيني للتمسك بأرضه وإفشال مخططات الاحتلال الرامية لتهجيرهم منها، والتوجه لكل المحافل الدولية لفضح الجرائم التي يتعرضون لها.
محاولات الاقتلاع
وبالعودة إلى عضو اللجنة المحلية عزيز الطوري، أكد أن أهالي القرية سيعيدون بناء خيامهم، ولن يستسلموا لمحاولات الاحتلال الرامية لاقتلاعهم من قريتهم، رغم هدمها المتكرر.
وقال الطوري لـ"فلسطين" إن ما تسمى "دائرة أراضي (إسرائيل)" اقتحمت القرية دون سابق إنذار، وبحماية شرطة الاحتلال، وهدمت خيام الأهالي وتركتهم في البرد القارس.
وأضاف أن الأهالي رغم ما يتعرضون له من جرائم الاحتلال المستمرة التي لا تتوقف سيعيدون بناء قريتهم، داعيًا أحرار وشرفاء العالم للوقوف إلى جانب أهالي القرية، وكشف الجرائم التي تمارس بحقهم والمخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية.