- عباس حضر اجتماعًا سريًّا في (تل أبيب) وكان خيارهم البديل
- السلطة أخَّرت تشريح الجثمان 6 سنوات وهذا تصرف من يريد إخفاء الحقيقة
أكد بسام أبو شريف، المستشار السياسي للرئيس الراحل ياسر عرفات، صحة تسريبات وأقوال أدلت بها شخصيات فلسطينية رفيعة في محاضر التحقيق المسربة الخاصة بقضية اغتيال عرفات.
وقال أبو شريف في حوار خاص بصحيفة "فلسطين" في الذكرى الـ18 لاغتيال عرفات: إنّ كل الاعترافات صحيحة، وجميعها تدور في إطار مرتبط بملف الاغتيال، ولكن ليس من أجل الوصول إلى نتائج، فهذا بحاجة إلى لجنة تحقيق دولية، رفضت السلطة المطالبة بها".
اقرأ أيضاً: تقرير خلافات قادة السلطة تفضح دورها في طمس ملف اغتيال "عرفات"
ونبه إلى أنّ المطلوب أن تكون دولية حتى تتمكن من التحقيق مع مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي الذين خطّطوا لاغتيال عرفات.
وأوضح أنّ اللجنة الفلسطينية المشكلة برئاسة توفيق الطيراوي في التحقيق بملابسات اغتيال عرفات لم تعطَ أي صلاحيات، وكذلك لم يمنع سفر كل من كان حول عرفات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل استشهاده وتدهور صحته، متسائلًا عن ثروة مسؤولين فلسطينيين ومرافقين سافروا إلى الخارج ويملكون الآن الملايين: من أين لهم هذه الأموال؟
تأخير التشريح
وتساءل أبو شريف عن سبب رفض السلطة تشريح جثمان عرفات عندما عاد من فرنسا وتأخيره سنين طويلة، إذ بدأت بذلك بعد 6 سنوات من اغتياله، حيث نبشت القبر بذريعة التشريح، معتبرًا ذلك "تصرف من يريد إخفاء حقيقة الاغتيال".
ولفت إلى أنه أَخبر عرفات قبل استشهاده أنه تم تسميمه بمادة "البولونيوم المشعة"، مُبينًا أنّ هذه المادة يتم إنتاجها في مختبرات سرية جنوب شرق يافا المحتلة، وهي محمية وعليها حراسة تفوق تأمين وزارة جيش الاحتلال.
وقال إنّ الاحتلال استخدم السم نفسه في اغتيال القيادي المؤسس في الجبهة الشعبية وديع حداد عام 1978، والقيادي في حركة حماس محمود المبحوح عام 2010.
وأضاف أنّ سياسة القتل التي لا تزال دولة الاحتلال تمارسها صباح مساء بحقّ شعبنا وسياسة هدم البيوت وتشريد العائلات، لا يمكن مواجهتها بدبلوماسية رئيس السلطة محمود عباس "الفاشلة"، معتبرًا أنّ من يقف ضد المقاومة المسلحة وغير المسلحة يقف حتمًا إلى جانب (إسرائيل) ضد شعبنا.
ورثى أبو شريف عرفات في الذكرى الـ18 لاغتياله: "هذه ذكرى مؤلمة لفقدان صديق ورفيق وقائد شجاع ضحَّى بحياته كلها من أجل فلسطين ورفعة شأن الشعب الفلسطيني، ووحدة صفوفه ونيله استقلاله وحريته".
المسؤول الأول
واعتبر أبو شريف "القاتل" في المقام الأول هو الرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس السابق لوزراء الاحتلال أرئيل شارون، وأنّ قرار الاغتيال صدر من البيت الأبيض ونفّذته (إسرائيل)، أمام أنظار العالم وبموافقة عربية.
وقال عن هذه المعلومات إنه "يتحدث بها لأول مرة"، حيث إنّ بوش استشار عددًا من الحكام العرب، وأعطوه جوابًا إيجابيًّا حول ضرورة التخلص من عرفات لأنه "عقبة أمام السلام".
وأضاف أنّ شارون استخدم هذا الموقف العربي ليُنفّذ حلمه القديم الذي عاش معه أكثر من 40 عامًا وهو يحلم باغتيال عرفات، بعد 20 محاولة اغتيال فاشلة، منها محاولة اغتياله أثناء حصار بيروت عام 1982، من خلال إرسال صحفي يرافقه طاقم من 18 عنصرًا مُدرّبًا على الاغتيال، لكن تلك المحاولة التي سُمّيت بـ"السمك المالح" فشلت.
وأفاد أبو شريف بأنه أبلغ عرفات بما يُحاك ضده، ونقل له محاضرات اجتماعية، لافتًا إلى أنّ وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش، كونداليزا رايس، أصدرت كتابًا قبل شهرين، تضمّنت فقرة تسير للمعلومات التي حصل عليها وأبلغها لعرفات.
اقرأ أيضاً: حلوم: قاتِل الرئيس عرفات "فاعل معلوم"
وتابع أن الفكرة كانت التخلص من عرفات لإيجاد بديل له "لا يشكل عقبة في وجه السلام" بل يشكل دعما للسلام الذي تعنيه الولايات المتحدة، أي الاستسلام الذي رفضه عرفات.
وأشار إلى أن التطبيع بدأ منذ زمن طويل، وأن التآمر العربي على القضية الفلسطينية قائم منذ السبعينات، لسحق وذبح الفلسطينيين وطردهم وهدم بيوتهم وعدم إعطائهم دولة مستقلة، معتبرا من يتعاون وينسق أمنيا مع (إسرائيل) خادما لها، وعدوا للشعب الفلسطيني.
وأردف "قضيتان كانتا متلازمتين؛ التخلص من عرفات، والإتيان ببديل حمائمي بديلا عنه، وكان خيارهم محمود عباس" الذي اجتمع في لقاء سري في (تل أبيب) بوجود شارون ورئيس هيئة أركان جيش الاحتلال شاؤول موفاز.
وقال أبو شريف: "حصلت على محضر اجتماع يفيد بأن عباس رفض استخدام العنف ضد عرفات، وأنه تعهد بسحب صلاحياته الأمنية والمالية وإبقائه بصورة سياسية شكلية"، مؤكدًا أن أمريكا تستخدم نفس سياستها مع جميع القادة الذين يرفضون الاستسلام لمخططاتها، بقتلهم والإتيان ببديل عنهم.
وفي تفاصيل المحضر، بحسب أبو شريف: "قال شارون لعباس: يجب التخلص من عرفات، فرد عليه: نحن بصدد نزع صلاحيات عرفات عن العسكر والمال، وسنسوي الأمور".
وأفاد أبو شريف في تصريحات سابقة له، بأنه ذهب لعباس ليطلب منه المساعدة في فك الحصار عن عرفات في مقر المقاطعة، فكان رده: "اللي طلّع الحمار على المئذنة ينزله"، و"من يعطي النقود لمن يطخطخوا يحل مشكلته لوحده وليس شأني"، في إشارة منه لدعم عرفات انتفاضة الأقصى.