فلسطين أون لاين

يرافق السجون منذ 20 عامًا

تقرير الأسير "جرادات".. والدته تحلم بإنهاء عزله الانفرادي وعناقه

...
الأسير إياد جرادات - أرشيف
جنين-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

السنة تلو الأخرى تمر على الحاجة أم إياد جرادات وهي تعض على جرحها وشوقها لابنها البكر الذي تغيبه سجون الاحتلال منذ عشرين عامًا، وفي كل مرة تقدم طلبًا بالسماح لها بعناقه لكن طلبها يُقابل بالرفض.

فالزجاج الفاصل بين الأسرى وذويهم وقت زيارتهم، يحول دون ارتواء أشواق الأم لابنها إياد (38 عامًا)، الذي قضى زهرة شبابه خلف القضبان: "طلبت مرارًا السماح لي بالدخول إليه، سمحوا لي مرة واحدة لأقل من دقيقتين، انتهت بسرعة لكن آثار لمساتي له لا تزال في جسدي وكأنها اليوم".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينقل 7 أسرى إلى العزل الإنفرادي في "نفحة"

تضيف أم إياد: "كانت سابقًا تفصلنا الشِّباك عن أبنائنا في أثناء الزيارة، نلمس من خلالها أصابعهم على الأقل، أما الآن فزجاج عازل، حتى الكلام بيننا نتبادله عبر هاتف، كأنني أنظر إلى صورة معلقة لابني وأحادثه هاتفيًّا، نذهب مشتاقين لهم ونعود أكثر شوقًا".

لم يكن اعتقال إياد بالسهل عليها، خاصة أن ذلك ترافق مع جريمة إسرائيلية غادرة، إذ هدم الاحتلال بيتها وأحال أغراضها وأغراض ابنها الأسير تحديدًا إلى كومة من الركام "فلم يتركوا لي شيئا من أثره".

وتشير إلى أنها ظلت خمس سنوات متتالية تعيش حالة نفسية صعبة في إثر حكم محكمة الاحتلال على ابنها بالسجن المؤبد مدى الحياة وثلاثين عامًا "انعزلتُ عن الناس، وكل ما كنتُ أسعى إليه السماح لي بلمسه في أثناء زيارته، لكنه احتلال لا إنساني يحرمنا من أبسط حقوقنا الإنسانية".

شيئًا فشيئًا استعادت أم إياد توازنها لكنها لم تستعد مشاعر الفرح التي غادرتها إلى حيث "إياد" في سجنه "لم أفرح فرحة كاملة منذ اعتقاله، دائما هناك ما ينغص فرحي وهو أنه بعيد عني، تؤلمني فكرة أن ابني قضى زهرة شبابه في السجن، لا يغيب عن بالي لحظة".

وتتابع: "أبنائي الثمانية الآخرون في كفة وإياد في كفة أخرى، فهو بكري وأول فرحتي، يؤلمني أنني لا أستطيع لقاءه والفرحة بزواجه"، لكن ما يخفف قليلا عنها أنه يحقق الكثير من الإنجازات داخل السجن، إذ حفظ القرآن الكريم، وأكمل دراسته الجامعية، ويمارس الرياضة، ويشغل وقته جيدًا.

العزل الانفرادي

في الوقت ذاته، فإن تحويل الاحتلال "إياد" للعزل الانفرادي منذ عام وشهرين يُشعرها بالقلق، "فلا يمكن لإنسان أن يظل في غرفة وحده يوما واحدا، فما بالك بابني الذي تجاوز العام في غرفة وحده؟ أخشى على وضعه النفسي".

كما يأكل القلق قلب الحاج إبراهيم جرادات على ابنه "إياد"، إذ ترامى إلى مسمعه أن الاحتلال بصدد تجديد العزل الانفرادي بحقه، المفروض عليه منذ عملية "نفق الحرية" من سجن "جلبوع" بتهمة مساعدة الأسرى الأربعة على الفرار من السجن.

وأوضح أنه منذ أكثر من عام وهو لا يعرف إلا القليل عن أحوال ابنه المعزول انفراديًّا، "كنا ننتظر بفارغ الصبر إنهاء عزله، وأن نتمكن من الاطمئنان إليه، لكن يبدو أن للاحتلال مخططات أخرى".

اقرأ أيضاً: "الأسرى للدراسات" يطالب بإنهاء سياسة العزل الإنفرادي بحق الأسرى

ويشير إلى أن ظروف العزل قاسية جدًّا على نفسية ابنه، متسائلًا: "ألا يكفي أنه قضى أجمل أيام حياته في المعتقل، على الأقل كان في الزنزانة العادية يملأ وقته بممارسة نشاطات ثقافية ورياضية أما الآن فهو وحيد بعيد عن كل الدنيا".

وتملك الحزن قلب الحاج إبراهيم وهو يتسلم شهادة البكالوريوس في العلوم الاجتماعية من جامعة القدس المفتوحة التي أتمها ابنه داخل السجن: "كنتُ أتمنى أن يكون في الخارج ونتسلمها معًا ونشهد حفل تخرجه، لكن الاحتلال ينغص دائمًا فرحة الفلسطيني".

وكان الاحتلال قد اعتقل جرادات في 11 مايو/ أيار 2003، بعد حصار منزل كان يوجد فيه مع المقاوميْن أنس ومحمد حسين جرادات في جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.