فلسطين أون لاين

​فصائل: تهديد عباس بتصعيد إجراءاته ضد غزة سقوط وطني وأخلاقي

...
محمود عباس (الأناضول)
غزة - أحمد اللبابيدي

عدت فصائل فلسطينية، تهديد رئيس السلطة محمود عباس بتصعيد الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة تأكيدًا لحالة السقوط الوطني والأخلاقي التي وصل إليها عباس من خلال استمراره في سياسة رفض الآخر وإقصاء كل من يعارض برنامجه السياسي.

وشددت الفصائل في أحاديث منفصلة مع "فلسطين"، على أن ما يمارسه عباس ضد غزة لا يدخل في إطار المناكفات السياسية مع حركة "حماس"، بل تجاوز ذلك بكثير حين زج بمتطلبات المواطن الفلسطيني الأساسية من دواء وكهرباء وماء وراتب في أتون إجراءاته العقابية.

وكان عباس توعد خلال استقباله في مقر الرئاسة في مدينة رام الله الهيئات التنظيمية وكوادر حركة "فتح" في الضفة الغربية أمس، بتصعيد الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة، مدعيًا أنها "ليست عقابية".

خنق غزة

وعدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن تهديدات رئيس السلطة المتكررة تؤكد رفضه لأي مساعٍ حقيقية لإتمام المصالحة الوطنية، مبينةً أن إجراءات عباس ضد غزة تأتي في سياق محاولات فصل القطاع عن الضفة الغربية وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم في تصريحات لـ"فلسطين": إن "عباس يتحالف مع الاحتلال فعليًا في محاولة خنق قطاع غزة عبر تشديد الحصار على كل المستويات وصلت إلى منع الدواء عن المرضى"، مشددًا على أن ما يقوم عباس يتساوق مع مخططات الاحتلال الإجرامية ضد القطاع.

وبين قاسم أن الأجدر بعباس التصالح مع شعبه وفصائله بما فيها حركة "حماس" بدلًا من محاولات الاقصاء والاستفراد بالشعب الفلسطيني وقضيته التي يمارسها منذ وصوله إلى السلطة عام 2005.

وشدد على أن حركته مستعدة للذهاب إلى مصالحة حقيقية مع حركة "فتح" على قاعدة الشراكة الوطنية والسياسية في حال تراجع "عباس" عن جميع خطواته "العقابية" بحق مواطني القطاع.

فشل الرهان

بدورها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي، أن استمرار عباس في سياسة تهديد قطاع غزة لم تعد مقبولة وطنيًا مهما كانت الذرائع والدوافع التي لا تستند لأي حقائق ووقائع.

وقال القيادي في الحركة خضر عدنان لـ"فلسطين": إن "على عباس ألا ينجر إلى مربع الاحتلال في حصار قطاع غزة في محاولة لتطويعه وتركيعه، خاصة وأن التجربة أثبتت فشل الرهان على ذلك"، مبينًا أن قرار إتمام المصالحة وإعادة اللحمة إلى البيت الفلسطيني بيد عباس وعليه المبادرة لتحقيق ذلك بدلًا من البقاء في دائرة التهديد والوعيد.

وأوضح أن المطلوب من السلطة رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة لا تشديده عبر استمرارها في الإجراءات "العقابية" التي كانت اتخذتها ضد القطاع بأكمله وليس ضد حركة حماس، مشددًا على أن استمرار سياسة العقاب لن تؤدي إلا إلى طريق مسدود سيعود بانعكاسات سلبية على الكل الفلسطيني.

ودعا عدنان السلطة إلى ضرورة معالجة الخلاف الفلسطيني الداخلي في أطره السياسية وعدم الزج بالمواطنين وحياتهم اليومية فيه، مشددًا على أن المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية حساسة تتطلب تداعي كل الفصائل والقوى والنخب لإرغام السلطة على العدول عن سياساتها ضد غزة، ولتنفيذ اتفاقات المصالحة.

طريق مسدود

من جهتها، عدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن عودة عباس لتلويح مجددًا باتخاذ المزيد من العقوبات ضد غزة يزيد من حالة القهر التي يعيشها المواطن الغزي على يد سلطة من المفترض أنها قائمة من أجل توفير حياة كريمة له.

وقال عضو المكتب السياسي للجبهة حسين منصور لـ"فلسطين": "إن المفترض بعباس الهرولة نحو المصالحة عبر تطبيق الاتفاقات التي تم توصل إليها سابقًا في القاهرة كمدخل رئيس لإنهاء الانقسام السياسي بين غزة والضفة".

وشدد منصور على أن استمرار عباس في سياسة الاستفراد والاستقواء سيزيد من الأوضاع سوءًا، مبينةً أن عباس بسياساته مُصر على الذهاب بالشعب الفلسطيني إلى طريق مسدود على كل المستويات.

وطالب منصور الفصائل بضرورة إعلاء صوتها الرافض لخطف عباس للقرار الفلسطيني، مبينًا أن عليها الخروج بموقف موحد مجابه لما يقوم بها عباس والتحرك بشكل فعلي وعملي لردعه عن الاستمرار في طريق إقصاء كل معارض له.

وشدد على أن الرسالة التي يجب إيصالها للسلطة في رام الله، بأن قطاع غزة جزء أصيل ومكون أساسي من الشعب الفلسطيني لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستقواء عليه أو تجاوزه، مؤكدًا أن المطلوب من عباس إلزام حكومته بتحمل مسؤولياتها في غزة بدلًا من الاستمرار في إجراءاته اللا إنسانية التي عمقت من أزمات القطاع.

قطع الطريق

من جانبها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن استمرار عباس في تهديد غزة تعمق من هوة الانقسام وتشرذم المشهد السياسي، مبينةً أنها تقطع الطريق على الجهود المبذولة من قبل الفصائل الفلسطينية للعودة بـ"فتح" و"حماس" إلى تفاهمات المصالحة مجددًا.

وقال عضو المكتب السياسي للجبهة طلال أبو ظريفة: "إن الإجراءات العقابية والتهديد بمزيد منها هو أمر مرفوض وليس بمقبول لا على الصعيد الوطني ولا على الصعيد الأخلاقي"، مبينًا أنه كان الأجدر بـ"عباس" التوجه للتصالح مع حركة "حماس" سياسيًا بدلًا من إغراق قطاع غزة بالأزمات الإنسانية.

وأضاف أبو ظريفة: "على ما يبدو هناك مخططات لإخراج قطاع غزة من المشروع الوطني لما يمثله من ثقل سياسي تمهيدًا لتمرير مشاريع سياسية في ظل حالة الاستقواء التي يمارسها عباس على كل من يعارض برنامجه السياسي".

وطالب عباس بالالتزام بمخرجات اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي أجمعت على ضرورة التوصل إلى حوار وطني لإنهاء حالة الانقسام وإتمام المصالحة.

وشدد على أن سياسة التهديد في التعامل مع الملفات الداخلية غير مجدية ولن تحقق لعباس ما يريد، وعليه بدلًا من ذلك التوجه نحو الحوار للوصول إلى توافق داخلي يسعف ما تبقى من القضية الفلسطينية.

أما المتحدث باسم حركة الأحرار ياسر خلف، فقد أكد أن استمرار عباس في تهديد غزة يأتي في سياق السياسة اللاوطنية واللاأخلاقية التي تمارسها سلطة رام الله ضد القطاع، مشددة على أن عباس تجاوز لكل الخطوط الحمراء.

وقال خلف لـ"فلسطين": "إن عباس يتبادل الأدوار مع الاحتلال في محاولات تركيع وتطويع قطاع غزة وفصائل المقاومة وعلى رأسها حركة حماس"، مشددًا على أن عباس سيفشل في تحقيق ذلك كما فشل من قبله الاحتلال".

ودعا خلف الفصائل الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها أمام ما يقوم به عباس ضد غزة وأهلها وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات والتصريحات الإعلامية، مطالبًا بتحركات شعبية تقلب الطاولة على فريق السلطة الذي يحاول خطف القرار الفلسطيني بعيدًا عن التوافق والوحدة الوطنية.