قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إنه ينظر بخطورة بالغة إلى استمرار السلطة التنفيذية في محاولاتها الرامية إلى الهيمنة على السلطة القضائية وتقويض استقلالها، خلافاً لإرادة السلطة التأسيسية التي وضعت القانون الأساسي الفلسطيني.
وأضاف المركز في بيان له، وصل "فلسطين أون لاين"، نسخة عنه، اليوم الثلاثاء: "فؤجنا بمضمون المرسوم الصادر عن الرئيس الفلسطيني بشأن تشكيل المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية لسنة 2022م، الذي يضع بموجب المادة (1) منه السلطة القضائية بكافة تشكيلاتها تحت ولاية رئيس السلطة التنفيذية".
وشدد على أن هذا الأمر يعني إهداراً للمنظومة الدستورية برمتها، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات المكفول بموجب المادة (2) من القانون الأساسي، وإنشاءً ذاتياً من قبل الرئيس الفلسطيني لمهام جديدة تتجاوز ما هو مقرر لمركزه بموجب المادة (38) من القانون الأساسي والتي نصت على أن: "يُمارس رئيس السلطة الوطنية مهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون"، وبمراجعة القانون الأساسي فإنه يخلو من مهام تشكيل هيئات أو مجالس تنطوي على إلحاق السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية.
وأوضح أنه بالرجوع إلى مضمون المرسوم الرئاسي المذكور، علاوةً على أنه ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات، ويُقوض استقلال السلطة القضائية من خلال إلحاقها بالسلطة التنفيذية، فإن المادة (4/أ) منه التي منحت المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية صلاحية مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالهيئات والجهات القضائية، دون مشاركة رئيس المحكمة الدستورية؛ تنتهك مبدأ الانفراد التشريعي، والذي يُعتبر اختصاصاً أصيلاً للسلطة التشريعية.
وأكمل البيان: إضافة إلى أن صلاحية السلطة القضائية في المشاركة التشريعية، تقتصر بموجب المادة (100) من القانون الأساسي على قيام السلطة التشريعية بأخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة العامة.
اقرأ أيضا: عباس والسلطة القضائية.. نقابة المحامين الأداة الأخيرة لمواجهة تغوُّله
وأشار إلى أن أغراض المرسوم التي تبينت بموجب المادة (4/ب، ج، د، ه) والتي أوكلت المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، صلاحية حل الإشكاليات التي قد تنشأ ما بين أي من الهيئات والجهات القضائية، وإعداد الاقتراحات والمذكرات المتعلقة بالهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس، ومناقشة احتياجات الهيئات والجهات القضائية الممثلة في المجلس؛ عالجها النظام القانوني الفلسطيني بموجب التشريعات النافذة، الأمر الذي يعني إنكاراً لتلك التشريعات، وتبني معالجات جديدة خارج إطار القانون.
وشدد بيان المركز على أن هذا المرسوم يأتي في ظل انضمام دولة فلسطين للعديد من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، والتي تتطلب منها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية كافة التي من شأنها إنفاذ مضامين تلك الاتفاقيات، الأمر الذي لن يتأتى من خلال إصدار قرارات بقوانين ومراسيم تُقوض من استقلال السلطة القضائية، وإنما عبر تعزيز وترسيخ استقلالها وتمكينها من القدرة على ممارسة وظائفها في حماية الحقوق والحريات العامة، وصيانة مبدأ سيادة القانون، واحترام المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
ودعا المركز لإلغاء المرسوم الرئاسي بشأن الهيئات والجهات القضائية وكافة القرارات والمراسيم السابقة التي تمس باستقلال القضاء الفلسطيني، والالتزام بأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، ومبدأ استقلال السلطة القضائية.
كما ودعا للتوقف عن محاولات الهيمنة على السلطة القضائية، واحترام مبدأ الفصل بين السلطات.