فلسطين أون لاين

​مشروع تخرج لطالبتين من نابلس

قميصٌ ذكي في خدمة مرضى التوحد

...
غزة / نابلس - فاطمة أبو حية

عندما حان وقت إنجاز مشروع تخرج، ارتأت الطالبتان ريهام خفش وسجى عدوي أن تسخّرا التقنية التي تعلمتاها لأجل ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخيرا وقع اختيارهما على مرضى التوحد، ذلك لأن المرض وراثي ولا سبيل لعلاجه بالأدوية، بينما الدخول للمصابين به من الباب النفسي قد يكون مجديا، لذا قررتا أن تربطا بين التقنية والحالة النفسية للمتوحد، وأخيرا أنتجتا قميصا ذكيا يساعد المتوحدين وعائلاتهم..

التقنية لأجلهم

الشابتان خفش وعدوي، تخرجتا بنهاية الفصل الدراسي السابق من تخصص "تكنولوجيا معلومات واتصالات" من جامعة القدس المفتوحة في نابلس، وكانتا قد قررتا أن يحمل مشروع تخرجهما فائدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وأن تجعلا التقنية في خدمتهم.

استقرت الطالبتان على اختيار فئة مرضى التوحد، وقبل أن تتوصلا إلى فكرة محددة، التقتا، أثناء فترة التدريب العملي في قسم تكنولوجيا المعلومات بأحد المستشفيات، بشاب مُصاب بالتوحد، لكنه يعيش حياته بشكل طبيعي تماما دون أن تظهر عليه أي من أعراض المرض، وذلك بفضل العلاج النفسي الذي تلقاه.

بناء على هذا اللقاء، اهتدت الطالبتان إلى أن تدخلا عالم مصابي التوحد من الباب النفسي، ذلك لأن المرض وراثي وبالتالي ليس له أي علاج دوائي، بينما العلاج النفسي قد يكون مجديا كما في حالة هذا الشاب الذي أنهى دراسته وحصل على وظيفة، فارتأتا أن تمسكا بطرف الخيط ذاته، خاصة أن الكثير من الأهالي يرفضون الفكرة .

تقول ريهام خفش (23 عاما): "بالتعرف أكثر على التوحد، عرفنا أن التوتر النفسي هو الأصعب بالنسبة للمريض، وقد يدفعه لإيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين، لذا بحثنا عن حل لتخفيف توتر مريض التوحد، والحد من التوتر يعني أن القميص يخدم المريض والمحيطين به".

وتضيف لـ"فلسطين": "المُصاب بالتوحد يحتاج ليقظة دائمة من الأهل، حتى لا يؤذي نفسه، وقميصنا يوفر خاصية تنبيه الأهل في حال تعرضه للخطر، وبذلك يطمئن الأهل ولا يشعر المريض بالرقابة والاهتمام الزائد".

مراقبته بمجسات

وتشرح خفش فكرة القميص الذكي: "الفكرة الأساسية هي مراقبة المتوحد عبر مجسّات مثبتة في القميص مهمتها تستشعر توتره واصطدامه، وهي مربوطة بسماعة خارجية لطمأنة الأهل، حيث تصدر السماعة صوتا إذا اصطدم الابن، وإذا توتر فإن حركة أطرافه تزداد، وهذه الحركة تؤدي إلى صدور صوت موسيقي هادئ من سماعة مثبتة في القميص قرب الأذن، مما يعمل على تخفيف التوتر".

وتوضح أن القميص فيه إضافة أخرى، وهي من أجل تعزيز الجانب التعليمي عند المرضى، ذلك لأن بعضهم لا يتأقلم مع المدارس العادية، ولا يملك أهله القدرة المادية لإلحاقه بمدارس خاصة، لذا يتم الاستفادة من السماعة التي تصدر الموسيقى بطريقة أخرى، وهي ترديد تسجيلات من شأنها أن تفيد المتوحد، كبعض المصطلحات والحروف والأرقام وغيرها مما يمكن أن يحفظه المريض بسبب تكرارها على مسمعه، وبإمكان الأهل تغيير هذه التسجيلات حسب حاجة ابنهم.

ومن التوصيات التي أرفقتها خفش وعدوي مع مشروعهما، تطويره بحيث يتم التحكم به من خلال تطبيق مثبت على الهاتف النقال لولي الأمر.

استغرق إنجاز التطبيق نحو أربعة أشهر من العمل، واجهت خلالها الشابتان عددا من التحديات، كان أبرزها عدم تعاون بعض المؤسسات الخاصة بمرضى التوحد معهما، ورفض الأهالي لتجربة القميص على أبنائهم المتوحدين، بالإضافة إلى عدم توفر بعض القطع الإلكترونية المطلوبة وعدم التمكن من شرائها من خارج فلسطين بسبب عامل الوقت، مما دفعهما لإيجاد قطع بديلة والاستفادة من بعض القطع لتأدية أكثر من مهمة.

حاليا، تحاول الشابتان تحويل الفكرة إلى منتج يستفيد منه المرضى، وإدخال بعض التطويرات عليها، عبر فريق يجمع المتخصصين في مرض التوحد إلى جانب المتخصصين في التقنية، وقد شاركتا مؤخرا في معرض "المنتدى الوطني الثاني للعلماء في فلسطين"، والتقتا خلاله بعدد من أصحاب الخبرة للاستفادة من نصائحهم، أبدى عدد من الحضور إعجابهم بالفكرة ووعدوا بالمساعدة في تطويرها وتطبيقها.