تبحث الجماهير الفلسطينية مؤخرًا عن جسر سياسي حتى لا تهدر فرصة الثورة المشتعلة في الضفة الغربية والقدس، وتسعى حشود الشباب ومسميات المجموعات التي يطلقونها إلى جعل المعادلة دائمة متطورة وليست حالة مستنزفة.
وبالنظر في تسلسل الأحداث والعمليات وجغرافيا المقاومة المتذبذبة بين النقب وأم الفحم والخليل ورام الله والأغوار ابتداء من نابلس وجنين وليس انتهاء بالقدس، فإن نوعية العمل الذي يشبه المنظم ونجاحه الأمني بفعل أنه فردي تجعل الأمر معقدًا في التفكيك اللحظي لهذا التطور، لكنه يبقيه تحت نار المخابرات وطرق ووسائل امتصاص تلك الثورة، خاصة أنها باتت مؤرقة جدًّا لهم على كل الصعد، وتم نشر واستنزاف كل القوات العسكرية والوحدات الخاصة والبحث الأمني والإلكتروني الرامي لإعادة الهيبة للأمن الإسرائيلي والردع الذي كانت تتغطى به منظومة الكيان لتوفير الاستيطان وتعزيزه.
اليوم المشهد خطير بالنسبة لهم كما أنه حساس بالنسبة للفلسطينيين الذين اخترقوا حاجزًا مهمًّا في التخلص من الردع الممارس والمتابعة الحثيثة، غير أن تخوفًا يدور في الشارع عن خفتان الهبة وتراجع الحدة إن لم يكن جسرا سياسيا قد بناه من يعرف دهاليز التطورات.
فالحاضنة الشعبية الآن تتمتع برصيد عالٍ، غير أن إقحامها في خطوات غير مدروسة من إضراب أو مسيرات أو تحركات دون أن تكون عميقة ومركزة، فهذا سيعطي خطورة على الاستمرار.
كذلك البؤر الجغرافية العسكرية الموجودة الآن هي جنين ونابلس وبعض الأطراف، فبقاء البؤر دون توسع هو أمر مؤذٍ، وبقاء المشهد دون تطوير وتحصين سيكون سلبًا على المدى المتوسط وخطيرًا على المستوى الإستراتيجي تحديدًا على غزة.
الجسر السياسي المطلوب بات مهمًّا للساحة والحاضنة والجغرافيا والإستراتيجية، فدماء كثيرة أريقت وشهداء وجرحى، وإضافة لذلك هناك إرباك لحالة الردع الإسرائيلي.
وإذا أرادت الألوان السياسية تعزيز هذه الهبة وإعطاءها الديمومة فهناك الكثير الكثير كي تقوم به على صعيد ميداني ودبلوماسي وسياسي واجتماعي واقتصادي وشعبي وعسكري.
فمن المجحف أن تبقى المعادلة الراهنة لأن الطبيعي فيها سيطرة الاحتلال ولو متأخرًا على الحالة، وإعادة تقليم الأظفار أو قص العشب أو كسر الأمواج.
المطلوب الآن هو دراسة الحالة الاجتماعية للشارع الفلسطيني واحتياجاته وتعزيز مرحلة الإضراب العام بآليات جديدة كتعيين ساعات معينة للإضراب أو مراحل وأيام كي يتسنى إبقاء الشارع في حالة تأهب وحالة التفاف حول المقاومة وليس إرهاقه اقتصاديا أو ماديا أو حتى تراجع المستوى الأكاديمي والتعليمي في الجامعات والمدارس، العمل جديا على العمل والتوجيه في المدارس والمؤسسات لاستهداف العقول كي يتسنى لنا تجاوز مرحلة غسل الدماغ الذي مارسته قوات الاحتلال، عمل برنامج ثوري موحد للجاليات الفلسطينية في الساحة الدولية، إقامة الهيئات الدبلوماسية ومراجعة دول الإقليم في منظومة قرارات جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي، الإعلان عن برنامج ميداني ثوري يضم كل ساحات الداخل والضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والشتات بآليات معينة وتعزيز الحالة الإعلامية القائمة.