فلسطين أون لاين

تقرير الأم أم الأب.. كيف يؤثر الجهد التربوي المشترك في شخصية الطفل؟

...
غزة/ هدى الدلو:

تقول سعاد عثمان وهي أم لأربعة أطفال: إن مارثون الحياة داخل البيت يبدأ فجرًا مع إيقاظ أبنائها للمدرسة، ومن ثم القيام برعاية البيت وتجهيز الطعام، وليس انتهاء بمساعدة الأطفال في كتابة واجباتهم ومراجعة دروسهم، أو الذهاب بهم إلى الطبيب أو السوق إذا ما استدعى الأمر ذلك.

وتصف عملية الرعاية والتربية التي تنفذها على مدار الأسبوع بأنها "أمر شاق وصعب"، معتقدة أن هذه العملية يجب أن يبذل فيها جهدًا مشتركًا لأجل تحقيق الهدف التربوي، وألا يقتصر دور الأب على توفير المتطلبات فقط، "فليس هذا ما نحتاجه فقط".

في حين يقول بشير عبد الله إنه بات يدرك المسؤولية الكبيرة التي تقع على زوجته إزاء البيت والأبناء خاصة بعد التحاقها بوظيفة عمل وانشغالها في الساعات الصباحية لتعود إلى البيت بمهام جديدة وكبيرة لتلبية احتياجات البيت والأبناء.

ويؤكد بشير أهمية مشاركة الأب في رعاية أبنائه، رغم أنه يرى أن المرأة هي حجر الأساس في تربية الأبناء.

وتشير إحصائيات عالمية أوردتها صحيفة العرب القطرية، إلى أن الأطفال الذين حظوا بوجود دور فعّال للأب في طفولتهم، كانت لديهم مشكلات سلوكية أقلّ من أقرانهم، ويتميزون اجتماعيًا ودراسيًا عمن يفتقدون دور الأب في حياتهم.

وتؤكد أن مشاركة الأب وتقاسمه مع الأم مسؤولية تربية الأبناء يجعله يشكل قدوة لأولاده، بالإضافة إلى أنه سيكون موجودا ليراقب أبنائه، فلا يلقي اللوم على الأم ولا يحملها المسؤولية وحدها، لأن المهام والمسؤوليات مشتركة بينهما دائمًا.

وبالرغم من ذلك تشتكي الكثير من الزوجات من تعفف أزواجهن عن تحمل أي مسؤوليات تربوية أو خاصة بالرعاية، فكيف يمكن قلب الصورة والدفع نحو مسؤوليات منزلية تشاركية؟

تقسيم الأدوار

يقول اختصاصي علم النفس الاجتماعي إياد الشوربجي إن هناك العديد من الأسر قد يكون فيها الربط بين أدوار التربية والتنشئة والأم أمرًا منطقيًا، خصوصًا إذا كان الأب هو من يعمل والأم "ربة منزل"، هنا تكون الأم أكثر استعدادًا لمواعيد المدارس واجتماعات أولياء الأمور واللعب مع الأصدقاء وكل ما يتعلق بتربية الأطفال. 

ويشير إلى أن الآباء في هذا الوضع قد يجعلهم يشعرون بالراحة لأنهم مُعفون من أي مسؤولية تتعلق بالأطفال، فوظيفته جلب المال ووظيفة الطرف الآخر العناية بالأسرة كنوع من الوظيفة الموازية.

ويبين الشوربجي أنه يمكن للزوجة أن تقنع زوجها بالتعاون من خلال إعادة تقسيم الأدوار، وممارسة الأبوة على طريقته وليس طريقتها، وأن تسمح لزوجها أن يقوم بمهامه الأبوية على طريقته، لأنه لا توجد طريقة واحدة للقيام بمعظم الأشياء.

ويلفت إلى أنه إذا كان كلا من الأبوين موظفًا، في هذه الحالة يجب التحدث مع الأب لتقسيم واجبات الأسرة والرعاية الأبوية، فلا بد من المناقشة معه وعن رغبتها في مشاركته أمور أبنائهما خاصة أنها تقضي ساعات في العمل، لكي تتمكن من استمرار الحياة.

ويضيف الشوربجي: "لا بد من تعبير الزوجة عن امتنانها لما يفعله، سيشجعه ذلك على القيام بدور أكثر حيوية، كما سيتعلم الأطفال تقدير والدهم. ويجب على الأم أن تتخلى عن فكرة الكمال في تنفيذ المهام، لأن الأمهات يقمن بنصيب الأسد من أعمال الأبوة والأمومة، فمن الطبيعي أن تكون لديهن فكرة محددة جدًا عما هو جيد للأطفال وما هو غير مفيد".

الانتقاد يقتل المشاركة

وتبعًا لموقع "فوكس أون ذا فاميلي" فإن النساء غالبا ما يقلن إنهن يرغبن من أزواجهن في المساعدة في مهام الأبوة والأمومة مثل تغيير "الحفاضات" وإطعام الطفل، لكن عندما يحاول الأب مدّ يد المساعدة تقفز الأم لتصحيح كل ما يفعله، وهذا يؤدي إلى انزعاج أكبر من الجانبين، ويتراجع الزوج عن محاولة المساعدة في المرة القادمة خوفًا من انتقاد محاولاته.

وأثبتت الدراسات أن قيام الأم بمفردها بعملية تنشئة الأطفال ينعكس بالسلب على شخصية الطفل بسبب عدم توازنها، ويظهر ذلك في سلوكه وميله إلى الاعتماد على الآخرين والخضوع لهم، كما يتصف الطفل بالسلطوية.

وكشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة ولاية جورجيا، على عينة مكونة من 487 أسرة، حول تقاسم الزوجين واجبات رعاية الأطفال، أن المشاركة في رعاية الأطفال، تترك قدرًا أكبر من الارتياح بين الزوجين.

وأظهرت الدراسة أن العائلات التي تؤدي فيها النساء أكثر من 60 بالمئة من رعاية الأبناء، خصوصًا فيما يتعلق بوضع القواعد والإشادة بالأطفال واللعب معهم، سجلت أقل درجة من الرضا في العلاقة الزوجية أو النزاعات بين الزوجين.

وهنا يلفت الشوربجي إلى أن حل المشكلة يتطلب إخبار الزوج بكل الأمور والمواقف التي تتعلق بأطفالهما، وإسناد بعض المهام الأبوية له كقراءة القصص مما يقوي العلاقة بين الأب والأبناء.

المصدر / فلسطين أون لاين