فلسطين أون لاين

تقرير "الموساد" في ماليزيا.. فشل استخباري ذريع وبيئة غير حاضنة لعبثه

...
خلية الموساد قيد الاعتقال
غزة/ أدهم الشريف:

رأى مختصون أمنيون أنّ تحرير السلطات الماليزية أحد أعضاء حركة المقاومة الإسلامية حماس من قبضة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" شكَّل فشلًا ذريعًا للجهاز الأمني المسؤول عن تنفيذ المهام الخاصة وجرائم الاغتيال خارج فلسطين المحتلة.

وأرجع المختصون هذا الفشل إلى عدم وجود بيئة مواتية وأرضية خصبة لـ"الموساد" لتنفيذ جرائمه ومهامه المكلف بها في الأراضي الماليزية.

وحسبما أفادت تقارير إعلامية، أول من أمس، فإنّ أجهزة الأمن الماليزية فكّكت شبكة تجسس تابعة لجهاز "الموساد". ونقلت عن مسؤولين أمنيين أنّ "الموساد" جنَّد خلية من 11 ماليزيًّا على الأقل لتعقُّب نشطاء فلسطينيين، وأنّ الخلية اختطفت خبيرًا فلسطينيًّا في تكنولوجيا المعلومات ينحدر من قطاع غزة، وسط العاصمة كوالالمبور في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، ونقلته إلى منزل ريفي في ضواحي العاصمة، قبل أن تتمكن المخابرات الماليزية من الوصول إلى الخاطفين خلال 24 ساعة واعتقالهم وتحرير الرهينة الذي غادر البلاد بعد الحادثة بأيام.

ونقلت قناة "الجزيرة" عن مصادر ماليزية مطلعة أنّ التحقيقات كشفت ضلوع خلية "الموساد" بالتجسس على مواقع مهمة في البلاد منها مطارات، فضلًا عن اختراقها شركات إلكترونية حكومية.

الغرب أرضية خصبة

وربط الخبير في الشؤون الأمنية محمد لافي بين جريمة الاختطاف في ماليزيا ونظيرتها التي نفّذها "الموساد" في أوكرانيا، ونجح خلالها في خطف ونقل ضرار أبو سيسي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووصف لافي لصحيفة "فلسطين" البيئة في أوروبا والغرب بأنها مواتية أكثر من أيّ منطقة أخرى في العالم لعمل "الموساد"، بسبب التعاون مع حكومات الغرب وأجهزتها الأمنية والاستخبارية، "لذلك فإنّ مثل أوكرانيا وغيرها من دول أوروبا الغربية وسفاراتها والولايات المتحدة الأمريكية تُشكّل مكانًا لانطلاق ضباط الموساد وعملائه، ومن ثم العودة لها في حال وقوع أي إشكالية.

وأضاف أنّ "الموساد" لديه بيوت آمنة يمكن أن ينطلق منها إلى عمله ليقوم بأعمال خارج إطار القانون، تحت مسميات مختلفة، إما بأسماء مواطنين من مختلف الدول أو في إطار العمل في مكاتب ومؤسسات داخل الدولة المستهدفة.

لكن في مقابل ذلك، فإنّ الدولة الماليزية التي تحتضن الفلسطينيين لا تُعدُّ أرضية خصبة لعمل جهاز "الموساد"، وهذا بسبب أنها دولة إسلامية تتبنى قضية شعبنا وتشارك في دعمه وإسناده أيضًا، بحسب لافي.

وبيَّن أنّ الدولة الماليزية ورغم أنّ أراضيها متاحة لجميع الأعراق، إلا أنَّ هناك حضورًا قويًّا للفلسطيني، وإشكالية كبيرة بالنسبة للإسرائيلي، ما أجبر "الموساد" على التعامل مع عملاء لا علاقة لهم بـ(إسرائيل) أو اليهودية.

وهذا أيضًا ما أكدته المصادر التي تحدثت لقناة "الجزيرة" وبيّنت أنّ "الموساد" استعان بعملاء ماليزيين لتنفيذ جريمة الاختطاف ودرّبهم في دول أوروبية. وعدَّ لافي ذلك أول أسباب فشل "الموساد" في استكمال المهمة.

ونبّه إلى الحرص الأمني والاستخباري الماليزي بعد اغتيال "مجهولين" العالم الفلسطيني الحاصل على شهادة الدكتوراة في الهندسة الإلكترونية فادي البطش عام 2018، والتي عزّزت من قدرة الأمن في ماليزيا على المتابعة والملاحقة، وضبط المنفّذين كما حصل نهاية الشهر الماضي. ووجّهت أصابع الاتهام بعد اغتيال البطش لجهاز "الموساد".

وأشار لافي إلى أنّ فشل "الموساد" الأخير في ماليزيا ليس الأول، بل فشل قبل ذلك في اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الأردن، وكذلك فشل عقب جريمة اغتيال القيادي العسكري في حماس محمود المبحوح بدولة الإمارات، إذ كُشف جميع أفراد الشبكة حينها، واعتُقل بعضهم في عدة دول ولوحق آخرون.

فشل ذريع

وقال الخبير العسكري يوسف الشرقاوي: إنّ نجاح استخبارات الاحتلال في تنفيذ جرائم اغتيال واختطاف خارج الأراضي الفلسطينية لا يعني أنه سينجح في تنفيذ مهامه الموكلة إليه في جميع البلدان.

وأضاف الشرقاوي لـ"فلسطين" أنّ لجوء "الموساد" إلى تجنيد ماليزيين، والتحقيق مع المختطف في ماليزيا إلكترونيًّا من داخل فلسطين المحتلة، كان أحد أهم أسباب كشف الخلية، مردفًا أنّ فرار أحد أعضاء حركة حماس من محاولة اختطافه ساهم في تتبع الخلية الخاطفة وكشف مكانها وتحرير الفلسطيني المحتجز لديها.

وبسبب أهمية هذا الملف، لفت الشرقاوي إلى أنّ مجلس وزراء حكومة الاحتلال المُصغّر "الكابينيت عقد أول من أمس جلسة لمناقشة ما حصل في ماليزيا، وكان من المقرر متابعة الأوضاع الميدانية في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

ونبّه إلى أنّ "الموساد" لا يملك قوة خارقة، مرجعًا نجاحه في تنفيذ بعض جرائمه إلى تعاون الاحتلال مع أجهزة الاستخبارات الدولية، وأنه لولا ذلك لفشل في كل مهامه التي تطال أهدافًا فلسطينية مكشوفة وغير مسلحة في الغالب.

"لكن إذا توفرت حماية من سيادة الدول المضيفة للفلسطينيين الموجودين على أراضيها فمن الصعب على الاستخبارات الإسرائيلية استهدافهم، ولذلك فإنّ بيئة دول الغرب أفضل لعمل الموساد من أيّ منطقة أخرى"، بحسب الشرقاوي.