لم يدر بخلد المزارع رائد أبو سيف من بلدة "بديا" غرب سلفيت أن ذهابه لحقله في "خلة حسان" غرب البلدة سيكلفه هجوم قطعان المستوطنين عليه وعلى عائلته، وسط إطلاق الرصاص الحي لترهيبه وإجباره على مغادرة أرضه التي كان ينتظر موسم قطاف زيتونها على مدار العام.
بسعادة وفرح، استيقظ "أبو سيف" مع ساعات الصباح الأولى وصلى الفجر، وانطلق متوكلًا على الله لجني ثمار زيتونه، لكن لم يدعه المستوطنون يعيش فرحته.
يقول: "قبل مجيء المستوطنين إلى هنا كنا ننعم بالهدوء والرضا، نزرع أراضينا في خلة حسان متى نريد، لكن الآن كما ترى؛ أصبح قطف ثمار الزيتون كأنك في جبهة حرب مع المستوطنين، ولا أحد يساعدنا، لا من المتطوعين ولا من الرسميين سوى في الإعلام، تركونا وحدنا نصارع المستوطنين المدججين بالأسلحة".
وتصاعدت اعتداءات المستوطنين مع بداية موسم جني ثمار الزيتون، مهددين حياة المواطنين في مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة.
وأوضح المزارع خليل العبود أن المستوطنين يريدون الاستيلاء على منطقة "خلة حسان" لفصل محافظة قلقيلية عن سلفيت، لكونها تقع بينهما، مضيفا أنه عندما يريد دخول "خلة حسان" يتوقع هجوم المستوطنين في أي وقت، لذلك لا يذهب وحده إلى أي مكان، بل برفقة عائلته أو جيرانه، إذ يتفقون على الذهاب معا لقطف ثمار الزيتون أو استصلاح أراضيهم.
ولفت إلى اعتداء المستوطنين مرات عديدة على المزارعين وإصابة عدد منهم، عدا عن تهديدنا أكثر من مرة بالموت والطرد والتهجير "لكننا صامدون، لا يخيفوننا، لكن في الوقت ذاته لا يصح تركنا وحدنا نصارع المستوطنين المدججين بالأسلحة تحت حماية جيش الاحتلال، في حين لا نملك سوى أجسادنا العارية".
وبين الباحث والمتابع لشؤون الاستيطان رائد موقدي أن "خلة حسان" البالغة مساحتها 4 آلاف دونم تعد نقطة ساخنة في مشهد محاولات التوسع الاستيطاني في شمال الضفة الغربية، وأكثر المناطق ضررا وتأثرا بالاستيطان، ومواجهة اعتداءات المستوطنين.
وأشار موقدي لصحيفة "فلسطين" إلى أن "خلة حسان" تقع جغرافيا غرب بلدة "بديا" غرب سلفيت، على مشارف الأراضي المحتلة عام 1948، وأنه تم استرداد أراضٍ زعم المستوطنون زورا وبهتانا أنها مباعة.
وبحسب منشورات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن منطقة "خلة حسان" تعد ذات حساسية شديدة لكونها تتوسط سلفيت وقلقيلية والأراضي المحتلة عام 1948، وهي من الأراضي الزراعية الخصبة للمواطنين في خمس قرى وبلدات، هي: بديا، وقراوة بني حسان، وسنيريا، وكفر ثلث، ودير استيا.