قال مسؤولون ومراقبون اقتصاديون: إنّ التطورات الدراماتيكية التي تشهدها اقتصاديات العالم من جراء تواصل الحرب الروسية الأوكرانية، والتحالفات الدولية الجديدة، سيكون لها بلا شك تداعيات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، وإن لم تكن بحجم الدول الصناعية والنفطية.
وبيّن المراقبون أنّ فلسطين ستعاني التضخم، خاصة في أسعار المحروقات والمواد الأساسية، كما قد تتراجع الدول المانحة عن تقديم معوناتها للفلسطينيين بسبب انشغالها بذاتها وتأمين احتياجات اللاجئين الجدد.
كما دعوا في أحاديث منفصلة مع "فلسطين": الجهات الرسمية إلى وضع خطط طوارئ للتعاطي مع أيّ تأثيرات خارجية محتملة على الاقتصاد الفلسطيني، وتأمين أكبر قدر من السلع والمحروقات التي يحتاج إليها المستهلك الفلسطيني في الوقت الذي تُعدُّ فلسطين مستهلكة أكثر مما هي منتجة بفعل وقوعها تحت احتلال إسرائيلي.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د.بكر اشتية:" إنّ درجة التقارب بين الاقتصاد الفلسطيني واقتصاديات العالم محدودة لأنّ اقتصاد فلسطين صغير إذا ما قورن باقتصاديات دول أخرى صناعية أو نفطية، لكن ما يحدث من تطورات اقتصادية على المستوى العالمي بلا شك سيكون له تداعيات علينا نحن الفلسطينيين، لأننا نعتمد على احتياجاتنا من الاستيراد بسبب هيمنة الاحتلال على الموارد والمعابر".
وبيّن اشتية أنّ فلسطين قد تواجه أزمة مع تضخم الأسعار عالميًّا خاصة في أسعار السلع الأساسية المستوردة والمحروقات، وهذا يتطلب منا وضع خطط للتكيف مع الحدث المرتقب وتجاوز الأزمات بأقل الأضرار".
وأضاف اشتية أنّ التذبذب في البورصة وأسواق المال العالمية لن يكون تأثيره كبيرًا لأنّ الخيارات متاحة أمامنا نحن الفلسطينيين في استخدام أكثر من عملة في التداول.
وبيّن أنّ التطور الدراماتيكي في اقتصاديات العالم سيكون أكثر ثقلًا على الدول النفطية والصناعية التي تقيس مدى تأثير ذلك في تراجع التشغيل لديها، وانخفاض تحصيل الضرائب، وزيادة معدلات الإنفاق، ونقص الحماية الاجتماعية، وتقلص الصادرات والواردات.
وتُشكّل واردات القمح ما نسبته 95% من إجمالي استهلاك الفلسطينيين البالغ سنويًّا قرابة 450 ألف طن. ولا تملك السلطة الفلسطينية أيّ بنى تحتية لتخزين القمح، وهي تعتمد على القطاع الخاص الفلسطيني وعلى البنى التحتية لدولة الاحتلال، التي بدورها تستورد أكثر من نصف حبوبها من أوكرانيا.
كما لا تملك السوق الفلسطينية أيّ احتياطات من الوقود، لعدم توفر مخازن أو منشآت لحفظ المشتقات، إذ يتم توريد الوقود يوميًّا من الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه قال مدير مركز التجارة الفلسطيني بال تريد بغزة محمد سكيك، إنّ توسُّع دائرة الأحداث الدولية، ودخول تحالفات جديدة، من المؤكد أنه يقلص من اهتمام الدول المانحة بفلسطين، ويجعلها أكثر انتباهًا لذاتها، غير أنه يرى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستغطي أيّ نقص تمويل كان يُقدمه الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين لتحقيق أجندات سياسية ولحفظ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
وبيّن سكيك لصحيفة "فلسطين" أنّ وقع الأزمات الاقتصادية العالمية على فلسطين سيكون قليلًا، لمجاورتنا للاحتلال الذي له علاقات اقتصادية كبيرة مع العالم ونحن نعتمد عليه في اقتناء احتياجاتنا".
وفي الوقت ذاته وجّه سكيك دعوته للمصارف المحلية وشركات الأموال التي تُوظّف أموالها في البورصات العالمية وأسواق المال الخارجية أن تكون حذرة، لأنّ الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم ليست مستقرة وأنها مُعرّضة للتدهور بين لحظة وأخرى.
وأشار إلى أنّ الكثير من الدول على مستوى العالم شعرت بصعوبة في شحن الحبوب إليها منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وكانت منطقة الشرق الأوسط الأكثر تضررًا بما في ذلك فلسطين.