حذّر مراقبون اقتصاديون، من التداعيات السلبية من جراء استمرار حكومة اشتية بالتلكُّؤ في تسديد متأخرات الشركات والموردين ومستحقات الموظفين المتراكمة من سنوات ونتائجها الوخيمة على الاقتصاد، وطالبوا الحكومة بجدولة الديون لتسديدها كما تفعل في تسديد ديونها لصالح المصارف المحلية.
كما جدَّد الاقتصاديون دعوتهم حكومة اشتية لوقف النفقات العالية غير المبررة في الوزارات، والسفارات، والقنصليات، والبحث عن موارد مالية بعيدة عن جيب المواطن.
وحسب بيانات سلطة النقد الفلسطينية ووزارة المالية، بلغ صافي المتأخرات المتراكمة على حكومات السلطة حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، (20.9) مليار شيقل، وأنّ المتأخرات خلال النصف الأول من العام الجاري وحده، تجاوز (1.24) مليار شيقل.
والمتأخرات، هي ديون بفائدة صفرية على الحكومات الفلسطينية لصالح جهات محلية عدة، مثل هيئة التقاعد والموردين من القطاع الخاص، والموظفين العموميين وغيرهم.
وعدَّ الاختصاصي الاقتصادي د.سمير الدقران، أنّ حجم المتأخرات المذكورة آنفًا كبيرٌ جدًّا، وأنّ خطورته تكمن إذا ما أُضيف إلى مجموع الدين الكلي الداخلي والخارجي.
ويجزم الاقتصادي الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" أنّ حكومة اشتية لديها القدرة على تسديد تلك الديون، لكنها تُرجئ التنفيذ مُحاولةً تشغيل واستثمار تلك الأموال للاستفادة من عوائدها، وفي ذلك ضرر كبير تُلحقه بفئة القطاع الخاص والموظفين الذين حُرموا من الاستفادة من حقوقهم، ولأنّ أموالهم أيضًا تُحدث حركة شرائية واستثمارية يحتاج إليها الاقتصاد إن أُفرج عنها.
وأشار الاقتصادي الدقران إلى أنه عُرف عن حكومات السلطة المتعاقبة أنها تُرحّل أزماتها المالية واحدة للأخرى، والتوسع في الاستدانة لتسيير الفترة التي تحكم فيها، وهذا سلوك اقتصادي سلبي، لأنّ الأضرار لن تؤثر في فئة بعينها بل تطال المجتمع بأكمله.
وجدّد الاقتصادي دعوته لحكومة اشتية للبحث عن إيرادات جديدة لموازناتها العامة بعيدًا عن جيب المواطنين، وترشيد النفقات العالية، ووقف التوظيف غير المبرر، والنفقات والنثريات العالية في المؤسسات الرسمية والقنصليات الفلسطينية والمكاتب التمثيلية حول العالم، والبحث عن سبل الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة تحتها والتي يسيطر عليها الاحتلال في الضفة الغربية والتي تُشكّل عائدًا ماليًّا كبيرًا إن جرى استثمارها بالنحو المأمول.
وحسب بيانات وزارة المالية برام الله بلغت أرقام الدين العام (الداخلي والخارجي) المستحقة على حكومة اشتية نهاية أغسطس الماضي (12.1) مليار شيقل، وبذلك، يكون إجمالي الدين العام والمتأخرات المتراكمة على الحكومات الفلسطينية حتى نهاية أغسطس الماضي (33) مليار شيقل، وتُشكّل نسبة الدين العام والمتأخرات على حكومة اشتية نحو (56%) من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021.
بدوره أكد الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر، أنّ حكومة اشتية تجاوزت السقف المحدد للاستدانة، حيث حدد القانون ألا يتجاوز السقف الأعلى 40% من حجم الاقتصاد، وهو ما يُشكّل خطورة كبيرة تتطلب من الجميع الوقوف عندها.
وقال أبو عامر لصحيفة فلسطين:" إنّ حكومة اشتية نافست الأفراد والموظفين في الاقتراض المصرفي وتجاوزت السقف المسموح به، وبسببها ارتفعت أسعار الفائدة التي تفرضها البنوك على المقترضين.
وأشار أبو عامر، إلى أنّ حكومة سلام فياض السابقة، أوجدت لنفسها تحايُلًا على القانون الذي يمنع تجاوز الحد الأدنى للاقتراض بـ(40%) فتوجَّهت للصناديق السيادية وصندوق هيئة التقاعد وأموال القطاع الخاص والموردين لتغطية العجز لديها، مشيرًا إلى أنّ تلك الديون بقيت على نفس الشاكلة مع الحكومات المتعاقبة، بل إنّ أصحاب هذه الديون لا يحصلون على فوائد من الحكومة كما تفعل في اقتراضها من البنوك.
وأشار أبو عامر إلى أنّ إبقاء الدين العام وزيادته يؤثر في ديمومة الموازنة، إذ بات همّ الحكومة توفير نفقات لصرف الرواتب مع إغفال قطاعات هامة إنتاجية صناعية اقتصادية ومشاريع تنموية.
وحذّر من أن تكون زيادة الديون الداخلية والخارجية، والتخبط المالي في المعالجة سببًا أساسيًّا في انهيار مؤسسات السلطة كما يحدث الآن في الجارة العربية لبنان.