كشفت كتائب القسام خلال حفل تأبين الشهيد القائد جمعة الطحلة الذي استشهد في معركة سيف القدس عن إحدى أهم وأبرز وحداتها السرية وهي (وحدة الحرب الإلكترونية -سلاح السايبر)، التي عملت في الخفاء ثمانية أعوام، وأسهم الشهيد القائد الطحلة في تأسيسها وعمل جاهدًا على تطويرها، هذا الإعلان من الكتائب والاشارة إلى دور هذا القائد الفذ؛ يعطي "دلالة واضحة" بأن قيادة الكتائب وفية لدماء الشهداء القادة ولكل من قدم روحه في سبيل المشروع المقاوم في مواجهة الاحتلال، وأنها تسابق الزمن للتطوير من ناحية (الكوادر، والأجهزة والمعدات) حتى تتجهز لأي معركة محتملة مع العدو وتكون قادرة على إيلامه واختراق أنظمته وتحصيناته الإلكترونية، وتعطيل أجزاء كبيرة منها، وأكثر من ذلك في جعلها أدوات بيد المقاومة، وقنوات للحصول على صيد "وفير أو ثمين" من المعلومات يخدم المقاتلين على الأرض.
وإعطاء صورة للقيادة عما يجري في كواليس وغرف قيادة العدو واتصالاته وبرامجه وخططه الخبيثة؛ حتى تتمكن قيادة الكتائب من إدارة المعركة بصورة احترافية، وتتخذ القرارات الإستراتيجية في ضوء ما يتوفر من معطيات توفرها هذه الوحدة الفنية المتخصصة، هذا التطور اللافت في أداء الكتائب لم يكن وليد اللحظة فهو نتاج جهود وتضحيات مهولة بذلت على مدار سنوات حتى وصلت هذه الوحدة إلى ما وصلت إليه من تقدم وتطور غير مسبوق مكنها من توجيه ضربات نوعية استهدفت مئات بل آلاف الأهداف (أمنية وعسكرية) بعض هذه المهام كان الغرض منها الأعطاب والتعطيل والتخريب المباشر، وبعضها الآخر كان الهدف منه تطويع البرامج والشبكات والسيطرة عليها، إضافة إلى الاستيلاء على كل الملفات الخاصة وجمع المعلومات، ومهمات أخرى للتأثير في الجبهة الداخلية من أبرزها الولوج إلى نظام صفارات الإنذار والتحكم به بطريقة أربكت العدو ونشرت الرعب في صفوف الجنود والمستوطنين.
وما يثبت ذلك ما أعلنه عضو قيادة إقليم قطاع غزة في حركة حماس زكريا أبو معمر في كلمته في حفل التأبين من أن الوحدة وبقيادة الشهيد القائد جمعة الطحلة شنت أو استهدفت ما يقارب (30 ألف هدف) للاحتلال جميعها كانت أهدافًا حيوية وحساسة للغاية من أبرزها استهداف نظام صفارات الإنذار كما أسلفنا سابقًا، هذا يعني بأن الكتائب كانت تخوض حرب قاسية جدًّا في الخفاء وبعيدًا عن الأضواء يقودها كوادر الوحدة السيبرانية، وأنها باتت فعليًّا تمتلك الإمكانات اللازمة التي تمكنها من تحقيق إنجازات ملموسة في هذه الحرب، وأنها قادرة على تحطيم كل الجدر والتحصينات الأمنية والإلكترونية وإثبات قدرتها النوعية في مواجهة التطور الهائل والإمكانات التقنية والفنية الفريدة التي يمتلكها العدو، لتصفعه في أحد الميادين التي لطالما تفاخر بها وتقول له إننا سنصل إليكم في كل الأحوال وسندخل إلى تحصيناتكم بكل الطرق وسنحقق أهدافنا مهما بلغت من تطور منقطع النظير.
لكن إذا ما توقفنا قليلًا مع رسائل أخرى إرادتها قيادة الكتائب بكشفها عن هذه الوحدة وذكرها لبعض مهامها وإنجازاتها الخاصة نلاحظ أن الكتائب حريصة على تحقيق حزمة من الأهداف الهامة وقد يكون أبرزها:
أولا: تحفيز العقول العربية والإسلامية ودفعهم للمبادرة والمساهمة الفاعلة في تطوير المشروعات التي تعمل عليها الكتائب سواء بالانضمام الفعلي لهذه الوحدة أو وحدات أخرى ضمن تشكيلات الجهاز العسكري أو الإمداد بالأفكار والمقترحات والأبحاث والتجارب والخبرات الهامة التي يمكن أن تحدث أثرا مباشرا وتؤدي لتطوير هذه الوحدة ووحدات أخرى.
ثانيا: دفع أبناء الأمة للمبادرة بالدعم المالي لإسناد هذه الوحدات التي تحتاج إلى تطوير مستمر وتحتاج إلى مصاريف وموازنات كبيرة حتى تواكب التطور المتسارع على صعيد الأجهزة والبرامج والتقنيات وتكون قادرة على مواجهة التهديدات والتحديات المستمرة.
ثالثا: طمأنة جماهير شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية على قدرات وإمكانات المقاومة وإعلامهم بأن المقاومة تعمل بصمت لمفاجأة العدو وتعد العدة وتطور من قدراتها في كل المجالات حتى تلقن العدو درسا لن ينساه، وقد فعلت ذلك في معاركها السابقة، ومل زالت تتهيأ لتوجيه هجمات أكثر قوة وإيلاما.
رابعا: أن اغتيال القائد الطحلة لم يؤثر على أداء الوحدة ولم يؤدِّ لتراجع مشروعها؛ لأنه ترك خلفه عشرات بل مئات الخبراء في هذه الوحدة وغيرها من الوحدات التي عمل بها واستطاع تطويرها وصقل الخبرات النوعية لدى الفرق العاملة بها وهم الآن يواصلون على ذات الطريق.
خامسا: أن العدو سيدفع أثمانًا باهظة في أي معركة مقبلة فإذا ما استطاعت الوحدة قبل سنوات شن ما يقارب 30 ألف هجوم على الأهداف الحيوية، فإن الهجمات القادمة المحتملة ربما تكون بالمئات وأكثر من ذلك في استهداف أهداف أكثر خطورة ونوعية لدى العدو.