بدأت حركة البناء والتشييد تنشط تدريجياً في قطاع غزة، مع انخفاض في أسعار المواد الإنشائية، وعلى وجه الخصوص الحديد والإسمنت، وما تحققه عوائد عمال الداخل المحتل والأبناء المغتربين من انتعاش في السيولة النقدية.
وتتطلع شركات مقاولات وبناء في قطاع غزة إلى ضخ المؤسسات الدولية والمانحين مشاريع إعمار لتعوضها عن السنوات السابقة.
وتطالب أيضاً بتعويضها عن أضرار لحقت بها في الحروب والعدوانات السابقة، وتثبيت سعر صرف العملات الأجنبية مقابل عملة الشيقل في العقود المبرمة لتفادي تكبدهم خسائر مرتفعة.
وأوضح أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية محمد العصار أن انخفاض أسعار المواد الإنشائية في الأوقات الحالية ساهم في تنشيط حركة البناء والتشييد في قطاع غزة.
وبين العصار لصحيفة "فلسطين" أن سعر طن الإسمنت المورد من السوق الإسرائيلي يسجل (560) شيقلاً، وسعر طن الإسمنت المورد من السوق المصرية (480) شيقلاً، مشيراً إلى أن الغالبية تتجه لاقتناء الإسمنت المصري.
"كما ساهم انخفاض سعر طن الحديد من 4000 شيقل إلى 3000 شيقل في زيادة الحركة العمرانية" -كما يقول العصار- مشيراً إلى أن سعر الحديد المورد من السوقين الإسرائيلي والمصري موحد؛ لأن السعر مرتبط ببورصة الحديد العالمية وليس بيعه في السوق المحلي.
ولفت إلى معضلة تواجههم في استيراد المواد الإنشائية من الجانب المصري، وهي أن البضائع تُشتري بعملة الدولار، ما يتطلب منهم شراء الدولار من السوق المحلي، وتكون أسعار الصرف متذبذبة، في حين أن البضائع المشتراة من السوق الإسرائيلي بنفس العملة المتداولة في قطاع غزة وهي عملة الشيقل.
ونبه العصار إلى أن مشاريع البناء والتشييد الموجودة حالياً في قطاع غزة غالبيتها مشاريع استثمارية ومشاريع لأفراد جلهم يعملون في الداخل المحتل أو لأفرادٍ أبناؤهم مغتربون يحوّلون لهم الأموال.
وأشار إلى أن الشركات الإنشائية وشركات المقاولات تعول على مشاريع الإعمار في تنشيط عملها، وخاصة في مجالات إنشاء البنية التحتية، والأبراج السكنية.
وأفاد العصار بأن الاحتلال وافق على إدخال آلات ومعدات لازمة في الأعمال الإنشائية لعدد من الشركات، وأنهم بانتظار توريدها لغزة، لكن المشكلة التي تواجه هذه الشركات عدم إدخال قطع غيار للآلات المنوي توريدها، مشيراً إلى أن قطع غيار غالبية الآلات والمعدات الإنشائية غير متوفرة في السوق المحلي.
وطالب العصار بتعويض أصحاب الشركات الإنشائية عن الأضرار التي لحقت بهم في العدوانات الإسرائيلية على قطاع غزة، مبيناً أن شركات اضطرت إلى التوقف الكامل عن العمل؛ لعدم قدرتها على إصلاح حجم الأضرار الكبير لديها، وهذا أفقدها حصتها في السوق، وترتب عليه التخلي عن العاملين والموظفين لدى تلك الشركات.
وتطرق العصار في حديثه إلى أهمية قطاع الصناعات الإنشائية بين القطاعات الإنتاجية الأخرى، إذ يعد الأكبر من حيث عدد المنشآت الصناعية بسبب تعدد وتنوع قطاعاته الإنتاجية، إضافة إلى أن حجم رأس المال العامل والثابت يقترب من 120 مليون دولار.
ولفت إلى أن قطاع الصناعات الإنشائية هو القاعدة الأساسية لتشغيل بقية القطاعات الإنتاجية والحرفية والتجارية الأخرى، وهو العمود الأساس لهذه القطاعات مثل الصناعات الخشبية والألومنيوم والطوبار والكهرباء والسباكة.
تقلب سعر الصرف
في حين تطرق عبد الله أبو سرهد صاحب شركة مقاولات إلى تداعيات تقلب سعر صرف العملات الأجنبية مقابل عملة الشيقل الإسرائيلي المتداولة في الأسواق الفلسطينية كفرض أمر واقع.
وقال أبو سرهد لصحيفة "فلسطين" إن الشركات التي أُرسيت عليها عطاءات تنفيذ مشاريع تمويلها أجنبي بعملة الدولار واليورو فإنها تتأثر حين يتذبذب سعر صرفها في السوق المحلي، وهو ينجم عنه تحمل الشركة المنفذة خسائر مالية.
ودعا أبو سرهد الجهات الممولة إلى وضع بند في العقود المبرمة بينها والشركات التي يُرسى عليها العطاء ينص على تعويض الفوارق عند تذبذب سعر صرف الدولار، مشيراً إلى تجربته في تنفيذ مشروع لم يستطع إكماله بسبب انخفاض سعر صرف الدولار مع الشيقل الإسرائيلي، مبينا أنه خسر في حينه 100 ألف دولار.
من جهته قال عبد الله سلامة، صاحب شركة بناء وتشييد، إن قطاع غزة بلا شك يشهد حركة نشاط عمراني، ولكن ليس بالشكل المأمول، مبيناً أن هناك رغبة كبيرة من الناس لشراء شقق سكنية أو منازل لكن السيولة النقدية الضعيفة تحول دون ذلك.
وذكر سلامة في حديثه لصحيفة "فلسطين أن لديه ربع مليون دولار في السوق غير قادر على جمعها بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها الأسر في قطاع غزة.