قائمة الموقع

حنان الأغا.. ارتدت تاج التّحدّي

2017-08-12T07:14:04+03:00

لعلك تسير في مجابهة التيارات العاصفة التي تقاذفك يمنة ويسرة، ففي مركب الحياة التي ترسو على الفرح تارة والحزن تارة أخرى، على شواطئ المحن والمنح، ولكنها آمنت عندما تكالبت عليها الظروف بأن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، وكل خطوة ستأخذ من عمرها وقوتها وأوجاع قلبها نصيبًا..

حنان عثمان الأغا (33 عامًا) من سكان مدينة خانيونس، تسرد حكاية نجاحها التي كان عنوانها الإرادة والإصرار لتحقيق أهدافها وأحلامها.

رغم أنها كانت من المتفوقين في المدرسة، إلى أن الفستان الأبيض والطرحة وتلك الأحلام الوردية زينت لها الطريق، فتزوجت وعمرها لم يتجاوز خمسة عشر عامًا، وكانت قد عقدت اتفاقًا مع زوجها بأن تكمل تعليمها، خاصة أنها حصلت على معدل 91.8% في الصف الحادي عشر، "ربنا يقدرني وأخليكِ تكملي تعليمك، وأحقق كل أحلامك"، ولكن ثمة شيئا لم يكن في الحسبان، فقد أودع الله جنينًا في أحشائها، إلى جانب أنها تسكن في بيت العائلة، ورأت في ذلك الوقت أنه يصعب عليها أن تكمل دراستها عن نظام "المنازل"، إلى جانب أنه سيصبح جل اهتمامها لأبنائها وزوجها وبيتها، فرزقها الله بـهادي، ومحمد، وعبد الرحمن، وفي عام 2007م، خرج زوجها لصلاة المغرب ومن ثم الذهاب إلى تدريب كرة القدم، ليصلها خبر عاجل بأنه استشهد، فلم تستطع أن تتشرب الصدمة، وطلبت منهم الذهاب إلى ثلاجة الموتى، فكثيرًا ما يحدث خطأ في نقل الاسم والخبر.

فقد أصبحت مسؤولة عن ثلاثة أطفال أكبرهم لم يتجاوز الخمسة أعوام وأصغرهم لم يبلغ العامين، وتحمل في أحشائها جنيناً ينتظر رؤية النور، وعرض عليها أهلها العودة للعيش عندهم، لكن أهل زوجها منعوا فكرة انتقال أبنائها للعيش معها، فاختارت البقاء إلى جانبهم، وبعد شهر ونصف من الصدمة، وتشرب الواقع الذي لا مفر منه، بدأت التفكير بنفسها، بعدما ظن الجميع أنها قد دخلت في عهد الانكسار والعزلة، ولكنه زمن القوة قد حل ولم يندثر، وانبعثت في قلبها قوة مستمدة من السماء، فطرقت أبواب التعليم الذي حرمت منه في بداية عمرها.

أنهت كل الاجراءات المطلوبة منها لتقديم أوراقها، وبدأت في الاستعداد لمرحلة الثانوية العامة، ولكن باغتها اتصال من أختها بنقل والدها إلى المستشفى بعد إصابته بجلطة، لتفجع بعدها بخبر وفاته، ففقدت سندها الآخر في الحياة، وبعد أيام على وفاته كان قد حان وقت قدوم طفلتها إلى الحياة يتيمة الأب في الوقت الذي تستعد فيه لتقديم الامتحانات، في اليوم الثاني من ولادتها عادت لتكمل دراستها، وفترة تقديمها للامتحانات كانت تصطحب صغيرتها "آية" معها، لتحقق ما تصبو له وهو الالتحاق بالجامعة الإسلامية بكالوريوس دراسات إسلامية.

انتعشت نفسها، وأصبحت خطواتها على سلم النجاح أكثر ثباتًا واستقرارًا، رغم الظروف التي حاولت مرارًا الوقوع بها، ففي حرب الفرقان عام 2009م، تم قصف منزلها بالكامل، لتتنقل في العيش في مراكز الإيواء والإيجار، لكنها سعت بكل طاقاتها أن تكمل مسيرتها وتحتضن أطفالها، ولكنها شعرت في نفسها أنها ضعيفة هشة، وتحاول التظاهر بالقوة أمام الآخرين فهي الأم والأب والمعيل، والطالبة.

وفي عام 2011م تخرجت من الجامعة، والتحق ببرنامج الدراسات العليا ماجستير، وقبل أن تنهي إجراءات التسجيل لتفجع بمرض ابنها "هادي" بإصابته بورم دماغي، فوضعت أحلامها جانبًا وبدأت برحلة علاج مريرة لابنها ما بين غزة والداخل المحتل ومصر، ليمنّ الله عليه بالشفاء عام 2014م، وعادت لتكمل طموحها في دراسة الماجستير لتتخرج منه الصيف الحالي.

وكان إصرارها وإرادتها القوية على مواصلة الطريق أنها لا تريد أن ترى نظرات الشفقة في عيون الناس، أو تسمع منهم كلمات "لسه صغيرة وحلوة"، فهذه الكلمات التي توجع القلب حفزتها لتحقق طموحها باستكمال تعليمها، تحلم بنيل درجة الدكتوراة، وبوظيفة تلبي احتياجات وأحلام أبنائها.

اخبار ذات صلة