فلسطين أون لاين

بلغت 12.4 مليار شيقل

تقرير الديون.. إرث مذموم تتقاذفه حكومات السلطة المتعاقبة تجنبًا للمواجهة

...
حكومة السلطة في رام الله
غزة/ رامي رمانة:

دقّ مراقبون اقتصاديون ناقوس الخطر من جراء تواصل ارتفاع فاتورة الدين العام "الداخلي والخارجي" المستحق على حكومات السلطة الفلسطينية المتعاقبة، والإسقاطات المتوالية في إدارة المال العام، محذرين من أنّ عجز السلطة عن تسديد الدين وفوائده سيؤثر في متانة الجهاز المصرفي، وفي مستقبل الأجيال القادمة، داعين إلى ترشيد النفقات وتصحيح الموازنة بما يخدم القطاعات الإنتاجية.

وحسب بيانات سلطة النقد، فقد صعد إجمالي الدين العام (الداخلي والخارجي) إلى أعلى مستوى تاريخي، إذ بلغ (12.4) مليار شيقل، على حين تجاوزت المتأخرات المتراكمة حاجز (20) مليار شيقل.

وقال الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران: "إنّ الاقتراض في المفهوم الاقتصادي، مذموم، فهو دليل على عجز الحكومة عن إدارة المال العام، وإظهار ضعف الموازنة العامة في تغطية النفقات".

وحذّر الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" من مغبة زيادة فاتورة الدين الحكومي خاصة لصالح المصارف، وعجز الحكومة عن التزام تسديد الديون والفوائد، قائلًا: "ستكون المصارف حينها معرضة للمخاطرة وتصبح أموال المساهمين المودعين في خطر".

وحثّ الاختصاصي الاقتصادي حكومة اشتية على البحث عن مصادر تمويل لتغطية نفقات الموازنة، وتسديد ما عليها من التزامات تجاه المصارف المحلية، ومتأخرات الموظفين، واستحقاقات القطاع الخاص من موردين وشركات مقاولة، وجدولة الديون الخارجية.

وحذر الدقران من تبعات استدانة الدول بما فيها فلسطين من البنك الدولي الذي في ظاهر تعاملاته مساعدة الدول التي تعاني أزمات مالية لكي تتخطى واقعها الاقتصادي الصعب، في حين أن البنك الدولي هو من يعمق أزمات الدولة المستدينة بإغراقها في الديون والفوائد المرتفعة على تلك الديون لتنفيذ أجندات اقتصادية وسياسية خبيثة ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

وحسب سلطة النقد، إن البنوك أقرضت حكومة رام الله الحالية (2,5) مليار دولار بحلول النصف الأول من العام الجاري، على حين كان الإقراض المصرفي المستحق على الحكومة يبلغ (1.32) مليار دولار، بحلول مارس 2019، وهي نهاية فترة رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله.

وتظهر الأرقام، أنّ الحمدالله عندما تسلم الحكومة في يونيو 2013، كان إجمالي الإقراض المصرفي المستحق على الحكومة يبلغ (1.337) مليار دولار.

وفي فترة حكومة رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض، في يونيو/تموز 2007، كان إجمالي الإقراض المصرفي المستحق على الحكومة يبلغ (487.6) مليون دولار، لكن فياض عندما غادر الحكومة في نهاية عام 2013، كان إجمالي الإقراض المصرفي يبلغ (1.337) مليار دولار أمريكي.

من جهته ذهب الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى، إلى تحميل الحكومة الحالية وسابقاتها، المسؤولية عن ارتفاع فاتورة الدين وأنها لا ترغب في الأساس البحث عن حلول لأزماتها المالية، مبينًا أن كل حكومة تتسلم إدارة البلاد تستدين لتغطية النفقات، وترحل الدين للحكومة التي تأتي بعدها، وهذا خطر كبير على الاقتصاد ككل وعلى الفرد، والأجيال المقبلة.

وانتقد موسى في حديثه لصحيفة "فلسطين" سلوك الحكومة الحالية في إدارة المال العام، مبينًا أنّ أخطاءهم أكثر من إصلاحاتهم، لا يهتدون بالتوجيهات والنصائح المقدمة لهم من أهل الاختصاص سواء من داخل المؤسسات الرسمية أو عبر المجتمع.

ولفت موسى إلى أنّ إنفاق حكومة رام الله على قطاع الأمن مرتفع جدًّا "وكأننا دولة بوليسية أو عسكرية، وهذا سلوك خاطئ"، مبينًا أن قطاع الأمن يكلف الخزينة العامة تغطية رواتب الموظفين ونفقات تشغيلية ونفقات على المواكب والتنقلات، وأنّ الأجدر أن توجه تلك النفقات الزائدة نحو القطاعات الإنتاجية "الزراعية والصناعية" التي لها دور كبير في علو المجتمعات، وتزيد فرص التشغيل، وتعطي حاجة المجتمع من السلع والخدمات.