فلسطين أون لاين

تقرير استيطان القبور.. حيلة إسرائيلية للاستيلاء على آلاف الدونمات الفلسطينية

...
مشهد من استيطان المقابر للمستوطنين
سلفيت-غزة/ يحيى اليعقوبي:

من أرضه الواقعة في منطقة فاصلة بين مستوطنة "أرئيل" وجدار الفصل العنصري في الخليل، يرى المزارع خليل الطقطق، قبر رئيس بلدية مستوطنة أرئيل "رون فحماي"، في حين تأخذه الذاكرة إلى عام 2000 حينما اعتدت جرافات الاحتلال على والده، وجرفته حيًا، ثم ضربته، ما أدى إلى وفاته بعدها بأسابيع متأثرًا بالإصابات التي تعرض لها.

ولطالما أصدر فحماي تعليمات وقرارات ضد المزارعين الفلسطينيين، وشن الكثير من الاعتداءات خلال توليه رئاسة البلدية الاستيطانية، كالتي تعرض لها والد الطقطق، وسلب آلاف الدونمات، وهذا الواقع لم ينتهِ بموته، إذ يتخذ الاحتلال وجود قبره ذريعة لفرض إجراءات وقيود على المزارعين، إضافة للأراضي المسلوبة.

يتفقد الطقطق أرضه الزراعية بخوفٍ وقلق، وهو يلاحظ تمدد مساحة مقبرة المستوطنين التي تبعد نحو 200 متر عن أرضه البالغة مساحتها 45 دونمًا ويزرع فيها 450 شجرة زيتون، ويخشى أن تقع أرضه ضحية مخطط "استيطان القبور".

 ويسمح جيش الاحتلال للطقطق بدخول أرضه ثلاث مرات كل عام، تبدأ المرة الأولى في شهر مارس/ آذار لحرث الأرض، والمرة الثانية في يوليو أو أغسطس، ثم تُجنى أشجار الزيتون في سبتمبر/ أيلول، وفي كل مرة يلحظ تغييرات تتعلق بالتمدد الاستيطاني من اتجاه المقبرة الواقعة خارج المستوطنة وباتت تهدد أرضه.

"بدأت أخشى على أرضي من مصادرتها لإقامة مقبرة لدفن موتاهم، وبت أشعر أنها تشكلُ خطرًا علينا"، يعرب الطقطق عن خشيته في حديثه لصحيفة "فلسطين" من المستقبل.

ما يعزز مخاوف الطقطق تقليل جيش الاحتلال أيام وجوده في أرضه في المرات الثلاث التي يسمح له بتفقدها خلال العام، إذ تراجعت المدة الممنوحة له من ثلاثة أيام إلى يومين، بزعم وجود قبور وزوار مستوطنين.

عندما ينشئ الاحتلال مقبرة ويعيّنها، فهو يضعها خارج المستوطنة، ويعدها امتدادًا للمستوطنة، وكأنه يدق مسمارًا داخل الأرض الفلسطينية، بحسب المختص في شؤون الاستيطان خالد معالي.

ويرى معالي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن وضع المقبرة خارج المستوطنة بهدف التخطيط مستقبلا للاستيلاء على الأراضي الواقعة خلف الجدار، معتبرًا ذلك خطرًا كبيرًا يهدد الأراضي المتبقية من مدينة سلفيت.

ويقدر معالي أن مستوطنة "أرئيل" السكانية والصناعية سلبت ثلثي مساحة سلفيت، رغم أن المستوطنة عندما أُنشئت عام 1978 استولت على مساحة 500 دونم.

ويؤكد معالي أن الاحتلال يستطيع إنشاء المقبرة داخل المستوطنة، لكن القضية واضحة، فهو يقوم بإنشاء بئر مياه بين أراضي المزارعين ويزرع مقابر بهدف المزيد من الاستيلاء، ثم يقوم لاحقا بمنع الفلسطينيين من دخول تلك الأراضي، كما يفعل حاليًا بمنع المزارعين من دخول الأراضي الواقعة خلف الجدار إلا في فترات محددة خلال العام.

ونبه إلى أن المسافة الفاصلة بين المستوطنات والمناطق الصناعية التابعة لها تكون كبيرة وشاسعة بهدف ضم الأراضي في المنطقة الفاصلة واعتبارها محرمة على الفلسطينيين، وهذا الموضوع ينسحب على المقابر، مبينا أن المسافة الفاصلة بين "أرئيل" السكانية والصناعية 5 كم، وهذه المناطق باتت تعتبر نفسها مدنًا لها بلديات ومراكز شرطة مركزية.

وأضاف أن الهدف من إنشاء مقابر للمستوطنين وعمليات دفن المستوطنين في أراضي الضفة الغربية هو المزيد من المزاعم الكاذبة بأحقيتهم في أكذوبة "أرض الميعاد".

وبحسب مدير مركز أبحاث الأراضي بشمال الضفة الغربية، محمود الصيفي، فإن موضوع إنشاء المقابر للمستوطنين ليس جديدًا، مشيرًا إلى وجود 30 مقبرة منتشرة بين مستوطنات الضفة، تقام في أراضي المزارعين الفلسطينيين، وتكون عادة خارج المخطط الهيكلي المزعوم للمستوطنة بهدف السيطرة على تلك الأراضي مستقبلا.

وقال الصيفي لصحيفة "فلسطين": "معروف أن اليهود لا ينبشون أو ينقلون قبورهم، وهذا كله ضمن الخطط المستقبلية في السيطرة على الأراضي الفلسطينية، ومن الناحية الدينية يمنع الجيش أو أي حكومة من تحريك تلك القبور من أماكنها، واصفًا ذلك بأنه "تهويد للأرض" بدفن موتى المستوطنين.

وأشار إلى أنه عام 2018 أعلنت "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال مصادرة 140 دونمًا من أراضي قرية "عزون" قرب قلقيلية، بهدف إقامة مقبرة بحيث تتسع لأكثر من 35 ألف قبر للمستوطنين.

ولفت إلى وجود مستوطنة" عيليه" شمال رام الله، وتوجد شرق سلفيت مقبرتان للمستوطنين، ومقابر لمستوطنات الخليل والقدس، حتى أن الكثير من اليهود ينقلون موتى المستوطنين لدفنهم بمقابر المستوطنات، وشوهدت طائرات وهي تنقل جثامينهم.