فلسطين أون لاين

تقرير إسناد "أهل الداخل" للأقصى.. جدار حماية بشري

...
صورة تعبيرية
الناصرة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

في مايو/ أيار 2021، كانت مدن الداخل الفلسطيني المحتل على موعد مع هبة "الكرامة" التي انطلقت في بدايتها إسنادًا للقدس المحتلة والمسجد الأقصى، وضد الاعتداءات الإسرائيلية حينها، وضد تهجير أهالي حي الشيخ جراح من منازلهم، ومؤازرةً لغزة التي دخلت مقاومتها في المعركة، ودافعت عن الأقصى في "سيف القدس".

آنذاك، تطورت الهبّة في الداخل المحتل وشملت معظم المدن الساحلية والبلدات الفلسطينية في الداخل، الأمر الذي فاجأ الاحتلال، فشهدت مدن الداخل اعتداءات عنيفة من الاحتلال والمستوطنين على أهالي مدينة اللد الذين تظاهروا في الشوارع، وقد اعتقل الاحتلال خلالها 300 فلسطيني في أسبوع واحد، واستشهد شاب، علمًا أنه يعيش في اللد 33 ألف فلسطيني يشكلون 35% من سكان المدينة.

لم يكن دور أهل الداخل في 2021 هو الأول، فقد شاركوا بشكل فاعل في هبَّة البوابات الإلكترونية عام 2017، وفي هبَّة "باب الرحمة" عام 2019، إضافة لدورهم من خلال مساطب العلم، ورحلات الرباط، وتسيير قوافل الحافلات التي ما زالت مستمرة، ورفد أسواق القدس بالبلدة القديمة.

تضامن أهل الداخل مع المسجد الأقصى بحسب الكاتب والمحلل السياسي في الداخل المحتل سهيل كيوان، يأتي دورا طبيعيا يعبر عنه الناس تجاه ما يحدث من اعتداءات المتطرفين على المسجد الأقصى، بالرغم من محاولة عصابات يمينية توجيه ضربات منظمة ضد تفاعل أهل اللد، لافتا إلى أن تلك الجماعات كانت تجلب المستوطنين من كل المناطق الفلسطينية المحتلة لضرب الهبة.

ويعد كيوان لصحيفة "فلسطين" دور أهل الداخل مهمًّا، لكونه يدفع الناس للتعبير عن واجبهم تجاه مقدساتهم، وهذا ما تنظر إليه (إسرائيل) بقلق، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى والقدس التي يتوحد عليها الفلسطينيون بالضفة وغزة والداخل وفي دول العالم، بالرغم من كل محاولات التفرقة وزرع "الأسافين"، والتقسيمات.

ويشير إلى أن الاحتلال اتبع أسلوب الاعتقالات وتوجيه اتهامات ضد قيادات فلسطينية بأنها تقف وراء الاحتجاجات، على الرغم من أنها كانت تلقائية، مبينا أن الاحتلال استخدم كل أساليب القمع لوقف إسناد الداخل، معتبرا هذا الإسناد نوعا من التواصل مع شعبهم ويعزز الشعور لديهم أنهم شعب واحد.

ولعل أهم ما يحققه انخراط الداخل المحتل، بحسب الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، هو انخراط جميع الساحات، بالرغم من محاولات الاحتلال لتأسيس جغرافيا متفرقة كإشغال غزة بالحصار، والضفة بالمعابر والتنسيق الأمني والهندسة الاجتماعية، واعتبار الداخل المحتل "عربا موالين لهم".

يقول ابحيص لصحيفة "فلسطين": إن ما يفعله دخول أهل الداخل المحتل في أي مواجهة يعود بالاحتلال للنقطة الأولى، بأنه يواجه الذين تمكنوا من البقاء بعد النكبة، وصنفهم أنهم "عرب" (إسرائيل)، لكنهم أثبتوا أنهم جزءٌ من الشعب الفلسطيني يتفاعلون مع شعبهم وليسوا عربًا في دولة الاحتلال، وهي الرسالة الأهم.

وأضاف أن الشيء الأهم والرسالة الأكثر إرباكًا للاحتلال أن أهل الداخل قادرون على إرباك الحياة داخل كيان الاحتلال، ليس من خلال مواجهة عسكرية كما يحدث في غزة، بل أقل الأفعال كلفة تصبح ذات جدوى كبيرة على الأرض المحتلة، كالإضراب وإغلاق الشوارع، لذلك أهم ما يعني الاحتلال تحييد هذه الساحة.

وأشار إلى أنه عام 2000، كان الاحتلال معنيا بتحييد ساحة الداخل؛ لأن دخولها في الانتفاضة الفلسطينية بشكل واسع، يعني تقويض الكيان كله، وأكثر ما أزعجه في معركة "سيف القدس" التي اندلعت في مايو/ أيار 2021 إلى جانب صواريخ المقاومة هي "هبة الكرامة" والإضراب الذي حدث في الأرض المحتلة، وتعطلت معه الحياة في دولة الاحتلال.

ويرى أن لأهل الداخل دورا له علاقة بإرباك المنظومة الإسرائيلية وإفقادها القدرة على المبادرة والسيطرة والتحكم، وفي الوقت نفسه استعادة الوحدة الفلسطينية، وإفشال التعويل على الجغرافيات المقسمة.

وقد أثبت أهل الداخل، وفق ابحيص، أنه بالرغم من مرور سبعة عقود على الاحتلال فإن الشعب الفلسطيني ما زال شعبا واحدا بنفس الوعي، وهذا أهم ما يحمله إسناد الداخل للأقصى من دلالات.

لكنه يشدد على أنه يجب الوضع في الحسبان كيفية تطوير العمل والحفاظ عليه، بحيث يتصل بأي مواجهة قادمة، لكونه قادرا على إرباك الاحتلال بصورة لا يستطيع فعلها أي فعل آخر.

ويصف أهل الداخل بأنهم "درع المسجد الأقصى المبادر"، لكونهم يستطيعون الوصول للأقصى، وانخراطهم أحد العناصر التي قادتهم لمجابهة شرطة الاحتلال، التي قابلتهم بالقمع، ويلعبون دورًا أساسيًا باعتبارهم جزءًا من درع المسجد الأقصى البشري، والجدار الذي يحميه، وكانوا جزءًا من هبات البوابات الإلكترونية، وباب الرحمة، و"سيف القدس".