طفل صغير حوله هالة سوداء مظلمة، وهاتف كبير تخرج منه يد تحكم قبضتها على رقبته بقوة، هو مشهد صوّرته أنامل أربعة فنانين تشكيليين على الحائط الشمالي الغربي لدوار أنصار غرب مدينة غزة.
تحمل الجدارية تحذيرات من خطر استخدام الأجهزة الذكية، وتنبّه أولياء الأمور إلى ضرورة مراقبة ما يشاهده أطفالهم، والتوقف عن جعلهم أسرى لتلك الهواتف التي تسلب عقولهم.
ويأتي العمل الفني ضمن فعاليات مبادرة "دير بالك ابنك"، التي أطلقتها مؤسسة إبداع للتدريب والتطوير بقطاع غزة.
أمضى الفنانون التشكيليين نحو ثلاث ساعات في رسم الجدارية التي جاءت بعرض خمسة أمتار، وبارتفاع مترين ونصف.
بألوانها وفرشاتها أخذت داليا حلس تكمل الجدارية برفقة زميلاتها الأخريات اللاتي شاركنها في رسم الجدارية.
تقول الفنانة دالية حلس وهي منهمكة في إتمام رسم الجدارية: "نريد نشر رسالة توعوية للأهالي بخطر الأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، والتي تؤثر على صحتهم النفسية، وتفكيرهم".
وتتابع حلس لـ"فلسطين": "الجدارية تنبه الأمهات والآباء إلى ضرورة مراقبة أبنائهم، وتوعيتهم لهذه المخاطر التي تسبب أجهزة الاتصالات الحديثة".
وعن الدلالات التي حملتها ريَش الفنانين، تقول إنها توحي بمدى خطر الأجهزة الذكية، وقدرتها على السيطرة على الأطفال وعقولهم، وتسببها بمشاكل واضطرابات نفسية، واكتساب سلوكيات سلبية وعدوانية لا حصر لها.
رسائل بصرية
وتؤكد أن للجداريات رسائل بصرية "قوية للغاية" تصل إلى فئات المجتمع كافة بطريقة مباشرة، لأنها تحمل لغة موحدة، وهي الأقرب للغة الشارع ورموزها تغني عن آلاف الكلمات.
أما الفنان التشكيلي أحمد السحار، صاحب فكرة الجدارية والتي استوحاها من تجربة شخصية لأحد أصدقائه، والذي قرر مقاطعة منصات التواصل الاجتماعي.
يقول السحار لـ"فلسطين": "الجدارية تصوّر طفلًا وحوله جانب مظلم رمزت له باللون الأسود والذي يدل على خطر الهاتف الذكي الذي يحمله الطفل، أما الغيمة فترمز إلى المخاطر الأمنية والمجتمعية، والإدراكية، والنفسية، والعقلية التي يسببها الهاتف".
ويتابع: "الهاتف يمسك برقبة الطفل وهذا يعني أنه قادر على شل حياته، فحركة إمساك الرقبة في العادة تشل حركة الجسم، وهنا يصبح الطفل غير قادر على ترك الهاتف، وغير قادر على التغلب على المشاكل التي يسببها له، وفي الوقت ذاته يوحي الترميز بإهمال الأهالي لمراقبة أبنائهم عما يشاهدونه على منصات التواصل".