من بين حشد جماهيري شارك به عشرات الآلاف من المواطنين وجهت فصائل المقاومة رسائلها للاحتلال الإسرائيلي في وقت تتصاعد به انتهاكاته بحق المسجد الأقصى وسط دعوات إسرائيلية لاقتحامه والنفخ بـ"البوق" خلال ما يسمى بعيد "الغفران" ومن بعده "عيد العُرش" وما يتهدد المسجد من تقسيم زماني ومكاني.
للمهرجان أبعاد ورسائل كبيرة تؤكد، وفق مراقبين، أن الشعب الذي يحتضن المقاومة مستعد للتضحية إن تجاوز الاحتلال الخطوط الحمراء، وأن رهانه على الهدوء في غزة خاطئ، وأن المقاومة تثبّت ما أكدته بمعركة "سيف القدس".
تعيد رسائل المقاومة للأذهان قرار شرطة الاحتلال بالقدس بإلغاء مسيرة الأعلام في حزيران/ يونيو الماضي، خشية تجدد معركة سيف القدس التي وقعت في مايو/ أيار 2021، بسبب المسيرة، بعد رسائل صارمة وجهتها المقاومة.
حمل المهرجان اسم "الأقصى في خطر" والذي دعت إليه حركة حماس دعمًا لقضية القدس ومسجدها المبارك ونظم بملعب فلسطين بمدينة غزة، وكانت رسائله واضحة كما يؤكد مدير المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين محمد البريم أبو مجاهد"، بأن المقاومة جاهزة للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.
وقال البريم لصحيفة "فلسطين"، إن المقاومة الفلسطينية توصل رسائل بهذا الحشد الجماهيري وهذه الوحدة بحضور قادة على المستويين السياسي والعسكري، بأن المهرجان له ما بعده، وأن العدوان على الأقصى وأن أي تقسيم زماني ومكاني ينذر بانفجار كبير لا يعرف إلى أين ستكون ارتداداته".
وأضاف: "هذه الرسائل وجهتها المقاومة للاحتلال أنه سيدفع ثمنًا غاليًا، وأنه لا يمكن التراجع عن الحق في الدفاع المسجد الأقصى".
تستند استعدادات المقاومة الفلسطينية إلى دعم شعبي واسع بالدفاع عن المسجد الأقصى وأن المساس به يمثل تجاوزا للخطوط الحمراء، وهي رسالة واضحة للاحتلال باستمرار المقاومة بمعادلة الدفاع عن المسجد الأقصى، وأن رهان الاحتلال على أن المقاومة في قطاع غزة تريد استمرار الهدوء خلال الفترة الحالية خاطئ وأن هناك خطوطا حمراء للمقاومة لا يسمح بتجاوزها. بحسب المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي.
ويرى الرفاتي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن رسائل المهرجان واضحة بالدعم الشعبي الكبير لبرنامج المقاومة، وأن جميع المحاولات لتنفير الحاضنة الشعبية للمقاومة من المقاومة باءت بالفشل، وهذا الأمر ظهر من خلال الحضور الكبير للجماهير.
ولفت إلى أن الاحتلال تابع مهرجان المقاومة في قطاع غزة باهتمام وخاصة الرسائل التي نقلها المتحدثون حول الوضع في المسجد الأقصى، وقد تحدث بعض المعلقين والمحللين، عن أن حماس من غزة ترسل رسائل ميدانية حول الوضع في المسجد الأقصى تزامنا مع اقتراب فترة الأعياد.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يريد أن يكون هناك ربط بين المقاومة في قطاع غزة والوضع في المسجد الأقصى، ويريد أن ينشغل الناس بحياتهم اليومية كي يستفرد بالقدس ويفرض واقعًا جديدًا، وهذا ما لا تقبله المقاومة.
فيما يعتقد الباحث في مركز "يبوس" للدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات أن المهرجانات الجماهيرية تمثل رافعة شعبية فيما يتصل بالقضايا الوطنية وخصوصا المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
وقال بشارات لصحيفة "فلسطين": "إن هذه الفعاليات تعزز الروح الوطنية بشكل نضال جمعي، وتعيد تعزيز الارتباط النفسي للمواطن الفلسطيني في كل أماكن وجوده وربطه بالمسجد الأقصى".
وأضاف: "النقطة الأخرى أن هذه الفعاليات من شأنها أن تحمل رسائل للاحتلال أيضا أن قضية القدس والمسجد الأقصى حاضرة، وبالتالي يمكن أن تشكل نذير انفجار مقبل، وهذا الأمر قد يتم تعزيزه إذا رافقه مواقف داعمة ومعززة".
الأمر الثالث، وفق بشارات، أن الاحتلال يحاول دائما تفكيك الساحات الفلسطينية والاستفراد بها في تنفيذ المخططات، ولهذا السبب فرض الحصار على قطاع غزة، وينفذ عمليات الاعتقال والاغتيال بالضفة، والاقتحامات في المسجد الأقصى وكأنها جغرافيا متفرقة، وعليه فإن حضور قضية المسجد الأقصى والقدس يعيد بوصلة وحدة الجغرافيا الفلسطينية في رفض مخططات الاحتلال وتعزيز المواجهة.
ويرى أن الاحتلال الإسرائيلي، سيقرأ هذه الفعالية أو غيرها من فعاليات ضمن رسائل الخوف من حالة تصعيد يمكن أن تطرأ إذا ما استمر واقع الاقتحامات.
ورغم أن المقاومة أكدت مرارا أنها لا تنجر لمحاولات الاحتلال لاستدراجها في معارك ليست في وقتها، يرى الخبير في الشؤون الإستراتيجية د. محمود العجرمي، أن المهرجان الذي شاركت فيه كل الفصائل وعبرت عن الترابط العضوي بين غزة والقدس، بعث رسائل للاحتلال أن أي تجاوز للخطوط الحمراء تجاه القدس والمسجد الأقصى فإن المقاومة ستقول كلمتها وستتدخل.
وقال العجرمي: إن المهرجان أكد أن العلاقة التي رسختها معركة "سيف القدس" مستمرة ليس فقط بين غزة والقدس، بل إن وحدة الساحات موحدة بين فصائل المقاومة في كل أماكن وجودها في الداخل والخارج وأن الشعب الفلسطيني سيقف معها.
ويرى أن توجيه المقاومة لرسائل من وسط حشود جماهيري له معنى أن الشعب مستعد للتضحية دفاعا عن الأقصى.