فلسطين أون لاين

رئيس وزارء إيطاليا يستقيل بعد خسارة الاستفتاء الدستوري

...
رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي يعلن استقالته خلال مؤتمر صحفي - (أ ف ب)
روما - (أ ف ب) / الأناضول

يقدم رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي استقالته الاثنين 5-12-2016 غداة هزيمته في الاستفتاء على إصلاحات تقدم بها، مما يدشن مرحلة غموض في بلده في غياب بديل واضح.

وقال رينزي (41 عاماً) في مؤتمر صحفي نقله التلفزيون الحكومي، من مقر رئاسة الوزراء منتصف الليلة الماضية "لقد كان التصويت نوع من المهرجان الذي أسهم في تقريب العديد من المواطنين من دستور البلاد، وأنا فخور بهذا، وأقر بأن المعارضين للإصلاحات قد فازوا بصورة واضحة".

وتابع قوله - بعد ظهور النتائج الأولية للاستفتاء، والتي بينت فارقاً كبيراً لصالح المعارضين للإصلاحات - "أتحمل المسؤولية الكاملة عن الهزيمة".

وأضاف "إن تجربة حكومتي تنتهي هنا، وبعد ظهر الغد (اليوم الإثنين) سأترأس جلسة لمجلس الوزراء، ومن ثم أتوجه إلى رئيس الجمهورية (سيرجو ماتاريلا) لتقديم استقالتي".

وبعد اجتماع أخير لمجلس الوزراء "بعد الظهر"، سيتوجه رينزي إلى القصر الرئاسي ليقدم استقالته للرئيس سيرجيو ماتاريلا رئيس الدولة المتكتم الذي عليه إدارة الانتقال، ويمكن أن يدعو إلى انتخابات مبكرة.

وقد طالبت حركة "رابطة الشمال" وحزب خمس نجوم الشعبويان الاثنين بإجراء انتخابات "في أسرع وقت ممكن"، وقال ماتيو سالفيني رئيس رابطة الشمال المتحالفة مع الجبهة الوطنية الفرنسية "نحن مستعدون للتصويت في أسرع وقت ممكن، بأي قانون انتخابي".

وأضاف "نعتقد أن إيطاليا لا يمكنها تحمل عدة أشهر من النقاشات حول النظام الانتخابي الجديد".

وهذا القانون الانتخابي الذي أقر في أيار/مايو 2015 ينص على منح أغلبية في مجلس النواب إلى الحزب الذي يفوز بأكثر من أربعين بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى أو يفوز في دورة ثانية بين الحزبين الرئيسيين الفائزين.

وتفيد آخر استطلاعات الرأي أن حزب خمس نجوم سيفوز في اقتراع من هذا النوع.

لكن هذه الأغلبية لا تنطبق إلا على النواب، بينما يترك فشل الإصلاح المتعلق بمجلس الشيوخ هذا المجلس مع كل صلاحياته وانتخاباته وفق قاعدة النسبية، مما يمكن أن يعرقل حكم البلاد.

- إحباط واستياء -

ويبدو أن كل الأحزاب الأخرى متفقة على ضرورة إجراء تعديل انتخابي جديد أي تعيين حكومة "تكنوقراط" من مهامها الأولى تمرير الميزانية.

وحتى قبل الاستفتاء، طرحت أسماء عدة لتولي رئاسة الحكومة بينها بيير كارلو بادوان وزير المالية الذي ألغى مشاركته في اجتماع مجموعة اليورو في بروكسل ليبقى في روما.

ويمكن أن يعين على أمل طمأنة الاسواق التي تخشى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو.

وصباح الاثنين، فتحت بورصة ميلانو على تراجع نسبته 1,25 بالمئة بينما سجلت أسهم المصارف انخفاضًا كبيرًا بلغ 6,29 بالمئة "لبانكو بوبولاري" و5,81 بالمئة ل"يانكو بوبولاري دي ميلانو" و5,81 بالمئة ل"اونيكريديت" و5,18 بالمئة ل"بي ام بي اس".

وأسباب هذا التراجع هي مشاكل مرتبطة بـ (رسلمة) المصارف وحجم الديون المشكوك فيها في محافظها وكذلك نقص تعزيز القطاع الذي يشمل 700 مؤسسة في إيطاليا.

كما ارتفع معدل فائدة الإقراض لعشر سنوات في إيطاليا إلى 2,027 بالمئة مقابل 1,902 بالمئة عند الإغلاق مساء الجمعة، مما يدل على أن المستثمرين يتعاملون بحذر مع هذه الأسهم.

وبعد أكثر بقليل من ألف يوم على رأس الحكومة، وهي عتبة لم يتجاوزها قبله سور بيتينو كراكسي وسيلفيو برلوسكوني، يترك رينزي بعده إيطاليا وقد عادت إلى النمو لكن ليس بنسب كافية لتغيير الوضع على الأرض.

وشكّل رينزي حكومته في 22 فبراير/شباط 2014، ضمت حزبه (الديمقراطي) إضافة إلى تشكيلات من يمين الوسط، بناءً على برنامج إصلاحات واسع وتجاوز الطبقة السياسية القديمة في بلده. لكن على الرغم من حيوية لا ينكرها أحد، لم ينجح في اقناع الايطاليين.

ودعت أغلبية واسعة من الطبقة السياسية من اليمين التقليدي إلى التيارات المتطرفة وحتى "المتمردين" اليساريين في الحزب الديموقراطي الذي يتزعمه رينزي، إلى التصويت بـ "لا"، منددة بتركز الصلاحيات بأيدي رئيس الحكومة.

ولم يعرف ما إذا كان رينزي سيغادر قيادة حزبه أيضًا المنقسم بعد معركة الاستفتاء التي دفعت عددا من قادته إلى الانضمام إلى معسكر رافضي الإصلاحات الدستورية.

وتوجه الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع الأحد، للإدلاء برأيهم في الاستفتاء المتعلق بالإصلاحات الدستورية التي طرحتها حكومة رئيس الوزراء رينزي (يسار الوسط).

والإصلاحات هي الأولى منذ دخول الدستور حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون ثاني من عام 1948.

ووفقاً لمعطيات وزارة الداخلية الإيطالية، فقد بلغ عدد المصوتين 46 مليوناً و714 ألفاً و950 مواطناً، إضافة إلى الإيطاليين المقيمين في الخارج والذين أدلوا بأصواتهم في الفترة من 20 نوفمبر المنصرم وحتى الأول من ديسمبر الجاري عبر البريد، وعددهم 3 ملايين و995 ألفاً و042 ناخباً.

وبلغت نسبة الإقبال على مراكز الاقتراع 65.8٪، بينما أظهرت أحدث معطيات رسمية لفرز الأصوات (حتى الخامسة من صباح الإثنين) فوز المعارضين للإصلاحات بنسبة 59.2٪ مقابل الموافقين عليها بنسبة 40.8٪ فقط.

وبموجب الدستور الإيطالي، يمكن لرئيس الجمهورية بعد مشاورات مع الكتل البرلمانية أن يعهد لـ"رينزي" بتشكيل حكومة جديدة، أو أن يسمي شخصيةً مهنية كرئيس لحكومة تكنوقراط، أو الإعلان عن انتخابات عامة تشريعية مبكرة (الانتخابات العامة يفترض أن تجري في عام 2018).

وكان الاستفتاء يطمح إلى وضع حد لنظام البرلمان المؤلف من مجلسين (الشيوخ والنواب) وفق دستور 1948 الساري المفعول، حيث يحصر الوظيفة التشريعية في مجلس النواب فقط على أن يبقى الشيوخ مجلساً تمثيليا للأقاليم.

كما تسعى الإصلاحات إلى تخفيض عدد أعضاء مجلس الشيوخ إلى مائة (العدد الحالي 320)، بينما يبقى عدد النواب على حاله (630 نائباً).

ووفق نص الاستفتاء لا يحق لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشيوخ (لأنه يصبح مجلساً للأقاليم ومدة ولاية أعضائه مرتبطة بمدة مناصبهم الإقليمية)، بل النواب فقط (يحق له حالياً حل النواب والشيوخ)، ويصبح رئيس مجلس النواب هو ثاني منصب في الدولة (رئيس مجلس الشيوخ هو الذي يتمتع حالياً بهذا المنصب).

ومن بين التعديلات المقترحة أن يصبح انتخاب رئيس الجمهورية (كل سبع سنوات) من وظائف مجلسي النواب والشيوخ فقط، وألا يكون لممثلي الأقاليم أي مشاركة في ذلك كما هو الحال عليه الآن، لأن مجلس الشيوخ سيصبح مجلس الأقاليم.

وينص التعديل أيضاً، على أن يصبح أي استفتاء شعبي لإلغاء أي قانون، بحاجة إلى 150 ألف توقيع، بينما لا يحتاج في الوقت الراهن لأكثر من 50 ألف توقيع، وذلك رغبة في تخفيف نفقات تنظيم الاستفتاءات التي تجري بواقع واحد كل عام.

وتقترح التعديلات أيضاً إلغاء المحافظات من التنظيم الإداري الإيطالي، ليصبح مقتصراً على المقاطعات والبلديات فقط، وكذلك إلغاء المجلس القومي للاقتصاد والعمل (وكالة حكومية) حرصاً على تخفيف المشاكل البيروقراطية والأعباء المالية على الدولة.